أيام معدودة تفصلنا عن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، والمقرر لها 8 نوفمبر الجاري، حيث يتم تجديد جميع مقاعد مجلس النواب الـ435، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ "35 من 100"، كما سيتم انتخابات للحكام بـ36 ولاية من الولايات الخمسين.
وتعتبر هذه الانتخابات بمثابة زلزال تشريعي، قد يؤدي إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة، خاصة بعد تخبط الحزب الديمقراطي الحاكم والرئيس جو بايدن في عدد من القضايا المحورية خاصة فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية التى غيرت بصورة كبيرة وجهة تفكير المواطن الأمريكي.
الأعلى والأهم
وتوقعت مؤسسة AdImpact البحثية، أن تصبح الانتخابات النصفية، الأعلى تكلفة بتاريخ الانتخابات "غير الرئاسية" في الولايات المتحدة.
وحسب AdImpact، وهي شركة أبحاث مقرها فيرجينيا، سيتم إنفاق نحو 9.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 144% عن الرقم القياسي السابق لتكلفة الانتخابات النصفية للكونجرس، المسجل عام 2018. بل إن نفقات الانتخابات المقبلة قد تتجاوز نظيرتها الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2020، مما قد يجعلها، في تلك الحالة، الانتخابات الأكثر تكلفة على الإطلاق.
وتقول الصحيفة إن الضغوط الاقتصادية تثقل كاهل الناخبين الأمريكيين، وهم يتخذون اليوم قرارات في شأن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكيي المقرر عقدها في الثامن من نوفمبر المقبل، وبخاصة مع اقتراب التضخم من أعلى مستوى له في أربعة عقود، وانخفاض مؤشرات الأسهم الرئيسة بشكل حاد عن أعلى مستوياتها على الإطلاق وارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى نقطة لم تسجل منذ عام 2002. ويقول الاقتصاديون إن الركود يبدو مرجحًا العام المقبل.
حرب "التبرعات"
وفق تقرير لمجلة "إيكونوميست" فإن ما وصفته بـ"التوقعات" لسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، والصراع المحتدم بمجلس الشيوخ يفرض إنفاقا باهظا، بهدف حسم مقاعد قليلة قد تفصل الحزب المنتصر عن الخاسر.
ويتوقع أن تجتذب 4 سباقات على مقاعد مجلس الشيوخ، في ولايات "أريزونا وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا"، أكثر من 200 مليون دولار. ولتوضيح قيمة هذا الرقم، تشير الصحيفة إلى أن سباقين فقط بمجلس الشيوخ بانتخابات 2018 النصفية، قد تجاوزا حاجز الـ 100 مليون دولار.
وحسب "إيكونوميست"، فقد أدى الاستقطاب الحزبي إلى ترسيخ أهمية اللعبة السياسية، إذ يمكن لمجموعات المصالح أن تعتمد على ما سيقدمه أحد المرشحين، إذا تم انتخابه، في الترويج لمصالحها، بينما قد توجه لها سهام الهجوم من مرشح، أو عضو آخر بالكونجرس.
من جهة أخرى، باتت عملية الإنفاق على الانتخابات أسهل، عقب قرار المحكمة العليا عام 2010 بالسماح للشركات ومجموعات المصالح الخارجية، بإنفاق أموال غير محدودة على الانتخابات.
وأظهر تحليل أجرته شركة الأبحاث OpenSecrets أنه خلال السنوات العشر التي أعقبت قرار المحكمة العليا في قضية Citizens United ضد اللجنة الفيدرالية للانتخابات، ساهمت مجموعات المصالح المستقلة "غير الأحزاب السياسية" بمبلغ 4.5 مليار دولار في الإنفاق المرتبط بالانتخابات، أي أكثر بست مرات من العقدين الماضيين معا.
وفي انتخابات نوفمبر، ساهمت مجموعات خارجية، بما في ذلك المنظمات غير الساعية للربح، وأخرى لا يتعين عليها الكشف عن مانحيها، بمبلغ 1.6 مليار دولار.
وأدت التكنولوجيا الجديدة كذلك إلى تسريع حركة دوران الأموال بالانتحابات، فقد سهّلت برامج مثل منصة Actblue للديمقراطيين ونظام WinRed للجمهوريين إجراء عمليات التبرع.
وساهم المانحون الصغار، أي الذين قدموا 200 دولار أو أقل، بمبلغ 1.14 مليار دولار بهذه الدورة الانتخابية، وهو تقريبا ضعف ما ساهموا به عام 2018.
كما أن المانحين الكبار، المدعومين بأسواق أوراق مالية كانت مزدهرة لفترة طويلة، كانت لهم إسهاماتهم الواضحة أيضا، وعلى سبيل المثال، تورد "إيكونوميست"، أن الملياردير، الحاكم الديمقراطي الحالي لولاية إلينوي، جي بي بريتزكر، أنفق أكثر من 130 مليون دولار من أمواله على حملته لإعادة انتخابه.
وبشكل عام، يتوقع أن يتضاعف الإنفاق على انتخابات حكام الولايات المتحدة هذا العام، مقارنة بما جرى عام 2018.
ويبدو من المؤكد أن حجم الإنفاق على الانتخابات سيستمر في الزيادة، خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2024، وما يليها.
القضايا الحاسمة
كشف استطلاع رأي لمركز "جالوب" الأمريكي، أن ما يقارب من نصف الناخبين بالولايات المتحدة الأمريكية ربطوا التصويت في الانتخابات بالاقتصاد وقضاياه في البلاد، معتبرين أن الاقتصاد يشكل القضية الأهم والرئيسية بالنسبة لهم.
وبينت نتائج استطلاع مركز "جالوب"، ومقره واشنطن، أن"49% من الناخبين الذي أجرى عليه الاستفتاء وعددهم 1009، اعتبروا الاقتصاد قضية أساسية عند التصويت في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية بالكونجرس".
فيما جاءت قضايا مثل "الإجهاض والسلاح" في المرتبتين الثانية والثالثة، ونسبتهما بالترتيب 42%، و40%. فيما سجلت العلاقات مع روسيا 31٪، وتغير المناخ 26٪.
ويذكر أن هذا الترتيب يشابه بنسبة كبيرة نتائج استطلاع الرأي التي أجريت في يونيو الماضي من المركز نفسه، بصرف النظر عن تراجع ترتيب قضية الأسلحة إلى المركز الثالث بدلاً من المركز الأول.
وأوضح مركز الاستطلاعات الأمريكي، أن الاقتصاد كان في مرتبة أقل أهمية بالنسبة للناخبين الديمقراطيين، والذين أعطوا الأولوية للإجهاض وتغير المناخ والسلاح، فيما كرس الجمهوريون اهتمامهم للاقتصاد والهجرة والجريمة في المرتبة الأولى من بين القضايا الثلاثة التي شملها الاستطلاع.
وأشار الاستطلاع إلى أن انتخابات التجديد النصفي في 2022 هي من أكثر انتخابات التجديد النصفي "إثارة للمشاكل" في العقدين الماضيين.