الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وكيل المخابرات المصرية الأسبق: صفقة شاليط نفذت على مرحلتين بتنسيق مصري

  • مشاركة :
post-title
جانب من لقاء "الجلسة سرية"

القاهرة الإخبارية - إسلام عيسي

كشف اللواء محمد إبراهيم الدويري، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، عن تفاصيل المرحلة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى المعروفة بـ"صفقة شاليط"، التي انطلقت في 2011، مشيرًا إلى الجهود المصرية المكثفة لإنجاحها.

وقال الدويري خلال لقاء مع الكاتب الصحفي والإعلامي سمير عمر، في برنامج "الجلسة سرية" على قناة "القاهرة الإخبارية": "بفضل الله، ثم بفضل القيادة السياسية وجهاز المخابرات والوفد المصري، تمكّنا في المرحلتين الأولى والثانية من تهيئة الأجواء بشكل كامل رغم مرور سنوات طويلة، لبدء تنفيذ صفقة شاليط".

وأوضح أن الوساطة الألمانية دخلت على خط المفاوضات، عندما لاحظت إسرائيل أن الوفد المصري يميل إلى القضية الفلسطينية، وليس إلى حركة حماس تحديدًا، ما دفعها للبحث عن وسيط بديل أو موازٍ، مضيفًا: "لم نرفض الوساطة الألمانية، فنحن لا نعترض على أي طرف يساهم بشكل إيجابي في دعم الموقف الفلسطيني".

وأشار إلى أن الوسيط الألماني كان ضابط مخابرات سابق لديه خبرة بالملف العربي، سبق له المشاركة في مفاوضات مع حزب الله، وزار القاهرة والتقى الوزير الراحل عمر سليمان، وأكد أنه سيبني على ما أنجزته مصر، لا أن يبدأ من الصفر.

وتابع: "قدمنا له الدعم الكامل، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى نتيجة نهائية، رغم ترحيب حماس به في البداية، قبل أن تعتبر أنه يميل لصالح الموقف الإسرائيلي".

وكشف الدويري عن إنجاز مهم تم تحقيقه بالتعاون مع الوساطة الألمانية، وهو الإفراج عن 20 أسيرة فلسطينية مقابل الحصول على شريط فيديو يؤكد أن جلعاد شاليط لا يزال على قيد الحياة، معتبرًا أن ذلك كان نجاحًا يُحسب للجهود المصرية وللوساطة الألمانية على حد سواء.

وأشار إلى أن حركة حماس لم ترفض الوساطة الألمانية، لكنها كانت على قناعة راسخة بأن إنجاز الصفقة لا يمكن أن يتم دون الوساطة المصرية، وهو ما كانت تؤمن به إسرائيل أيضًا، رغم تغير القيادة الإسرائيلية أكثر من مرة، بدءًا من إيهود أولمرت وصولًا إلى بنيامين نتنياهو.

وتابع: "رغم تغيّر رؤساء الوفود ورؤساء الحكومة والدولة في إسرائيل، ظل هناك إدراك بأن مصر هي الطرف الرئيسي القادر على إنجاز الصفقة، لذلك عندما انتقلنا إلى المرحلة الثالثة، ورغم صعوبتها، كانت السنوات السابقة من التمهيد والوساطة قد خففت من وطأة التحديات وساعدتنا في التقدم نحو الإنجاز".

الدور المحوري لمصر

كما كشف اللواء محمد إبراهيم الدويري عن كواليس حاسمة في مفاوضات صفقة شاليط، تؤكد الدور المحوري الذي لعبته مصر في إدارة الأزمة.

وقال: "أثناء وجودي في غزة، تلقيت اتصالًا هاتفيًا في الثالثة صباحًا من شخص تحدث بلهجة حادة وجادة، دون أي مقدمات أو تحية، قال: اسمع اللي بقولك عليه، المكالمة دي مهمة جدًا، بلغ الإسرائيليين: إذا استمر قصف وتدمير المنازل الفلسطينية، سيتم التفاوض على جثة، وليس على أسير حي.. مع السلامة".

وأضاف: "أُرجّح أن المتصل كان أبو عبيدة، وبعد انتهاء المكالمة مباشرة، تواصلت فورًا مع أحد كبار مسؤولي وزارة الدفاع الإسرائيلية وأبلغته بالرسالة، وقلت له: هذه رسالة جادة للغاية، وإذا استمر القصف، فإن التفاوض سيكون على جثة".

وأشار الدويري إلى أن مصر نقلت الرسالة رسميًا للجانب الإسرائيلي، بما في ذلك لوزير الدفاع ورئاسة الوزراء، ما أسفر عن تهدئة فورية، وقال: "بالفعل، في اليوم التالي تم فرض هدنة بضغوط مصرية مباشرة، وكان ذلك في عام 2006".

مفاوضات شاليط في القاهرة

وروى وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق تفاصيل دقيقة من كواليس نقل مفاوضات صفقة شاليط إلى القاهرة، وتحديدًا ما دار خلال التنسيق لدخول أحمد الجعبري إلى مصر عبر معبر رفح.

وقال الدويري: "ذهبت إلى معبر رفح انتظارًا للجعبري في الموعد المتفق عليه، فجاءني مرافقه وأخبرني أن (أبو محمد) قرر عدم الحضور، سألته عن السبب، فقال: خايف يتم قصفه".

وأضاف: "قال لي إنه يخشى أن تستهدفه إسرائيل وهو في معبر رفح، فقلت له: هذا لن يحدث أبدًا، إسرائيل لا تجرؤ على المساس بأي فلسطيني على الأراضي المصرية، وهذا أمر مستحيل".

وتابع: "تواصلت مع القاهرة فورًا، وتم الاتفاق على أن يأتي الجعبري معي ويدخل إلى القاهرة في نفس اليوم، كان موجودًا في مكان قريب من المعبر داخل غزة، فجاء وركب السيارة برفقتي، وكان معه مروان عيسى".

وكشف الدويري موقفًا إنسانيًا من الرحلة قائلًا: "لاحظت أن الجعبري ينظر يمينًا ويسارًا من نافذة السيارة باستغراب، فسألته عن السبب، فقال: دي أول مرة أخرج من غزة، أول مرة خرجت كنت رايح السجن الإسرائيلي لمدة 13 سنة، لكن أول مرة أشوف سيناء".

حماية القيادات الفلسطينية

وأكد الدويري أن مصر وفّرت حماية كاملة للقيادات الفلسطينية التي شاركت في المفاوضات، وأضاف: "كل قيادات حماس التي دخلت مصر كانت تحت تأمين كامل، سواء في الإقامة أو التحركات أو التنقلات، دون أي استثناء، كنا مطمئنين، لكن في الوقت ذاته كنا حذرين للغاية، لأن إسرائيل لا يُؤمَن جانبها، والاغتيالات جزء من استراتيجيتها".

وأشار إلى أن الجعبري لم يكن يقيم في فندق واحد طوال فترة إقامته، بل كان يتم نقله إلى أماكن مختلفة ضمن خطة تأمين مشددة لضمان سلامته.

وقال اللواء محمد إبراهيم الدويري، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، إن بلورة القائمة النهائية لاتفاق صفقة شاليط بدأت في فبراير 2011، حيث تم الاتفاق على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين على مرحلتين: الأولى تضم 450 أسيرًا بالتزامن مع الإفراج عن شاليط، والثانية تضم 550 أسيرًا يتم الإفراج عنهم لصالح مصر.

وأشار إلى أن مصر استدعت جميع القيادات الأمنية والسياسية الإسرائيلية لمناقشة الصفقة، التي عُرضت على مجلس الوزراء الإسرائيلي في منتصف أكتوبر 2011، حيث أُقرّت بأغلبية 26 صوتًا مقابل صوتين فقط، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك أفيجدور ليبرمان المعارض الوحيد الذي حاول عرقلة الصفقة.

وأوضح أن قائمة الـ450 أسيرًا تشمل جميع الأسرى الذين رفضتهم إسرائيل سابقًا والذين ضغطت مصر من أجل الإفراج عنهم، لكن أسماء مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعادات، وإبراهيم حامد كانت محرّمة على إسرائيل ولا يُسمح بالإفراج عنها.

بلغ عدد الأسرى المشمولين في الصفقة 1047، منهم 1027 في الصفقة الرسمية، و20 آخرين تم الإفراج عنهم عبر الوساطة الألمانية.

ومن بين الأسيرات المبعدات كانت آمنة عبدالجواد، التي كان من المفترض أن تذهب إلى غزة، وأحلام التميمي التي أُبعدت إلى الأردن حيث ولدت عام 1980، وهي عنصر في حماس ومتهمة بنقل منفذ تفجير مطعم في القدس الغربية عام 2001، ما أدى إلى مقتل عدد من الضحايا بينهم مواطنون أمريكيون، وتطالب الولايات المتحدة اليوم بتسليمها.