"هات إيديك يا ولا وتعالى نجري، على فين معرفش أنا، أهو بس نجري، من الناس ومن الكلام، من روحنا والصدام، أهو نجري والسلام".. بهذه الكلمات التي تمزج بين البساطة وعمق الشعور الإنساني، افتتح تتر المسلسل المصري "ولد بنت شايب"، الذي لامس قلوب المشاهدين منذ اللحظة الأولى لعرضه، متصدرًا أحاديث مواقع التواصل الاجتماعي.
الأغنية التي تحمل مزيجًا من الصدق الشعبي والروح الموسيقية العصرية، جاءت بتوقيع فريق فني متكامل جمع بين الملحن المصري محمد يحيى، والكلمات لمنة عدلي القيعي، وأداء استثنائي للحاجة نبيلة الشهيرة بـ"بلبل الشرقية"، التي استطاعت أن تجسّد بصوتها روح البساطة المصرية.
فكرة منذ عامين
"الفكرة كانت تراودني منذ أكثر من عامين" هكذا يبدأ الملحن محمد يحيي حديثه مع موقع "القاهرة الإخبارية" عن كواليس التحضير للأغنية ويقول: "كنت أحلم بأن تؤدي إحدى السيدات الكبيرات لحنًا من ألحاني، امرأة تحمل ملامح مصرية أصيلة وصوتًا يشبه نبض الناس، على غرار الفنانة خضرة محمد خضر".
ويتابع موضحًا مراحل تنفيذ الفكرة: "حين طرحت الفكرة على الكاتبة منة عدلي القيعي، رحّبت بها بحماس شديد، وبدأنا معًا رحلة بحث عن الصوت الذي يمكنه تجسيد هذه الروح، وبعد جلسات عديدة، تواصلت منة مع مخرجة ولد وبنت وشايب زينة أشرف عبد الباقي وأخبرتها وعرضت عليها الأغنية واستمعت المخرجة إلى الفكرة، وأعجبت بها، ومن هنا بدأت التجربة، وبحثنا حتى وصلنا إلى الحاجة نبيلة".
أداء صادق
وعن التعاون مع الحاجة نبيلة، قال يحيى: "هي سيدة بسيطة على طبيعتها، أديت معها الأغنية في أجواء مليئة بالعفوية، كنت أجلس إلى جوارها وأشرح لها الجمل الموسيقية واحدة تلو الأخرى، وكانت تستوعبها وتؤديها بإحساس صادق للغاية، لم تكن تتصنع أو تقلد أحدًا، بل غنت بصدق".
وتابع قائلًا: "سر نجاح الأغنية يكمن في هذا الصدق، لأن الناس تشعر حين يكون الصوت حقيقيًا وغير مصطنع".
روح جديدة
يؤمن محمد يحيى بأن الموسيقى ليست قالبًا ثابتًا، بل رحلة متجددة، ويشرح رؤيته قائلًا :"كل مرحلة زمنية لها توجهها الموسيقي المختلف، وأنا حريص دائمًا على أن أواكب التغيير دون أن أفقد بصمتي الخاصة، أرفض أن أكرر نفسي أو أقدم عملًا يشبه ما قدمته سابقًا، لذلك أبحث باستمرار عن طرق جديدة ومذاقات موسيقية مختلفة".
ويضيف: "ما أسعى إليه هو المزج بين الطابع المصري الأصيل والأشكال الموسيقية العالمية، بحيث تظل الروح مصرية رغم الحداثة في الشكل، وهذا ظهر مع الفنان عمرو دياب في أغنية "بابا"، ووجدت أن الجمهور استقبلها بحب، فقررت أن أستكمل هذا الاتجاه، وكان تتر "ولد وبنت وشايب" خطوة أخرى في المسار نفسه".
بابا
انتشرت اغنية "بابا" بشكل كبير وحرص عدد من المطربين والملحنين تقديمها في قوالب مختلفة وتوزيعات جديدة وقال "يحيى": "أغنية بابا كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس، لأنها اعتمدت على فكرة لحن مصري صعيدي الطابع، لكن بتوزيع موسيقي عالمي. عملت على تفاصيلها مع الشاعر ملاك عادل، وعندما أرسلناها إلى عمرو دياب، أُعجب بها فورًا".
وتابع: "نجاح بابا جعلني أؤمن أكثر بفكرة التجريب والبحث عن الصوت المختلف، فالفنان الحقيقي يجب أن يكون دائم التجدد، لا يكرر نفسه، ولا يخشى المغامرة".
بساطة اللحن
يرى يحيى أن اللحن الصادق لا يحتاج إلى تعقيد كي يصل إلى الجمهور، قائلًا: "حين أبدأ في التلحين، أعيش الفكرة بكل تفاصيلها، و أتقمص حالتها الشعورية، وكثيرًا ما تأتي الجملة الموسيقية في لحظة صفاء دون مجهود أو تخطيط مسبق، وأنا من مدرسة ترى أن الفن الحقيقي يجب أن يكون سلسًا دون أن يكون سطحيًا، والبساطة لا تعني التفاهة، بل هي وسيلة لتقديم فن يلامس الناس ويجعلهم يشعرون بالسعادة والراحة، وهذا ما نحاول تحقيقه دائمًا".