يبدو أن آمال كييف في التسلح بصواريخ "توماهوك" قد راحت أدراج الرياح، بعد أن كانت تنتظر بفارغ الصبر دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لجيشها بالصواريخ بعيدة المدى، التي تنظر لها كفرصة وحيدة لقلب موازين الحرب ضد روسيا.
وخلال ثلاث زيارات حاول الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي استغلال زيارته للبيت الأبيض، ليطلب من الولايات المتحدة توفير صواريخ توماهوك بعيدة المدى، إضافة إلى المزيد من أنظمة باتريوت الدفاعية، بحسب "تايمز" البريطانية.
وتعيش كييف على وقع تصريحات ترامب المتواترة، التي يقول أحيانًا أنه سيوفر الصواريخ لجيشها ثم ما يلبث أن يتراجع، ويؤكد أنه سيلتقي بوتين مجددًا، الأمر الذي يراه مراقبون أنه إشارة على تفوّق بوتين على زيلنيسكي دبلوماسيًا، بعد تحذيره لترامب إنها ستكون خطوة استفزازية.
وبعد اجتماع زيلينسكي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تغير الواقع من دعم أمريكي إلى مطالبة كييف بقبول اتفاق سلام، مع إبقاء موسكو مسيطرة على ما يقرب من خُمس أوكرانيا.
قال دبلوماسي بريطاني لـ"التايمز": "الروس سريعو البديهة بشكل غير متوقع، وهذه المرة، تفوقوا على زيلينسكي"، وبفضل نجاحه في التوسط لإحلال السلام في غزة، بدا ترامب متفائلًا وهو ينقل الدفة لتحقيق نجاح آخر في الحرب على أوكرانيا، بعد أن كان ترامب يميل للسماح للأوكرانيين بالحصول على صواريخ "توماهوك" كروز بعيدة المدى عالية الدقة، أصبح يفضل الآن وقف إطلاق النار، وعقد صفقة بين بوتين وزيلينسكي.
وحذّر بيت هيجسيث، وزير حرب ترامب، من أن واشنطن "ستفرض تكاليف على روسيا" إذا استمرت في الصراع، بينما أشار الكرملين إلى استعداده لمواجهة التصعيد بالتصعيد، إلى جانب التهديد بأن منح الأوكرانيين صواريخ توماهوك سيكون خطوةً استفزازيةً خطيرة.
كان وفدٌ برئاسة أندريه يرماك، رئيس مكتب زيلينسكي، ورئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، التقى بممثلي شركة رايثيون الأمريكية المُصنّعة لصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت الدفاعية، يوم الخميس الماضي، كما التقى بموظفين من شركة لوكهيد مارتن، التي تُطوّر طائراتٍ مُسيّرة وتُقدّم الدعم الفني لطائرات إف-16 التي تستخدمها أوكرانيا.
تحذيرات متبادلة
وقال "ترامب" إنه يفكر في السماح لحلفاء الناتو بشراء صواريخ توماهوك التي يبلغ مداها 1000 ميل لأوكرانيا، في تغيير للنهج بعد أشهر من محاولات إقناع بوتين بالعودة إلى طاولة المفاوضات من خلال وعود بفوائد تجارية واقتصادية مربحة وتحسين العلاقات الدبلوماسية.
في المقابل أكد مساعد الكرملين يوري أوشاكوف بعد المكالمة الهاتفية أن بوتين أبلغ ترامب بأن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" من شأنه أن يضر بعملية السلام ويضر بالعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقد كرر هذا التحذير سابقا من جانب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي قال إن أوكرانيا تضرب بالفعل البنية التحتية للطاقة الروسية، وهو أحد الأسباب التي ساقها زيلينسكي لتبرير الحاجة إلى أسلحة أمريكية بعيدة المدى للرد على الضربات الروسية على إمدادات الطاقة الأوكرانية.
كانت الظروف مهيأة لبوتين لطلب محادثة هاتفية مع ترامب قبيل زيارة زيلينسكي، وعلى عكس لقائهما في ألاسكا في أغسطس الماضي، ركّز على مواضيع تُهم ترامب، لا سيما فرص التعاون الاقتصادي بعد الحرب، وفرص أمريكا في التفوق على منافسيها التجاريين.
نتيجةً لذلك، من المقرر أن تجتمع فرق من "المستشارين رفيعي المستوى"، ربما في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، بينما سيجتمع ترامب وبوتين في المجر، وإن كان من غير الواضح كيف سيصل الرئيس الروسي إليه دون المرور عبر دول معادية مُلزمة بتطبيق القانون الجنائي الدولي.
بعد مكالمة هاتفية مطولة قبل لقائه بالرئيس زيلينسكي في البيت الأبيض، الجمعة الماضي، صرّح ترامب بأن مسؤولين أمريكيين وروسًا سيجتمعون مجددًا لإجراء محادثات رفيعة المستوى الأسبوع المقبل لإحياء عملية السلام الأمريكية المتعثرة.