نفت رئاسةُ الوزراء البريطانية أيَّ دورٍ لها في القرار المثير للجدل بعدم مقاضاة رجلين بريطانيين، أحدهما باحثٌ برلمانيٌّ سابق، اتُّهما بالتجسس لصالح الصين، بحسب "بوليتيكو".
كان من المقرّر أن يُحاكَم كريستوفر كاش، المساعد البرلماني السابق لنائبين محافظين، وصديقه كريستوفر بيري هذا الشهر، لكن هيئة الادّعاء الملكية أسقطت القضية في 15 سبتمبر، وقد نفى الرجلان بشدّةٍ التهمَ الموجَّهة إليهما.
وذكرت صحيفتا "تايمز" و"تليجراف" الأسبوع الماضي أن المحاكمة انهارت جزئيًّا بسبب رفض الحكومة البريطانية وصفَ الصين بأنّها "عدوّ" في شهادة أحد الشهود، لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء نفى هذه الرواية عندما سُئل أمس الاثنين، قائلاً: "لم يكن لأيّ حكومة، أو وزير، أو عضوٍ في الحكومة، دورٌ في عملية صنع القرار هذه".
ووصف أحدُ المصادر المناقشاتِ التي ترأسها السيد باول بأنّها "معركة" بين المسؤولين المعنيين بالأمن القومي والمسؤولين المعنيين بالعلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا والصين.
وذكرت التقارير أنّ وزارة الخارجية عارضت المحاكمة، معتقدةً أن مناقشة قضية التجسس الصيني في قاعة المحكمة من شأنها أن تُثير غضبَ كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي في بكين.
وبحسب الصحيفتين، ترأس مستشارُ رئيس الوزراء للأمن القومي اجتماعًا في "وايتهول" الشهر الماضي، حيث أبلغ المسؤولين أن أدلّة الحكومة ستعتمد على استراتيجية الأمن القومي المنشورة أخيرًا، التي لا تُشير إلى الصين كدولة "عدوّ"، بل تُطلق عليها "تحدّيًا جيوإستراتيجيًّا".
كان يُشتبه في أن كاش وبيري انتهكا قانون الأسرار الرسمية لعام 1911، والذي ينصّ على أن الشخص يُعدّ مذنبًا بالتجسّس إذا نقل معلومات "مفيدة بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ للعدوّ".
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء، أمس الاثنين، إن أدلّة الحكومة لم تكن لتستند إلى استراتيجية الأمن القومي لعام 2025، لكنها كانت ستستشهد بدلًا من ذلك بسياسة الحكومة المحافظة في السلطة عندما وقعت الجرائم المزعومة، بين عام 2021 وأوائل عام 2023.
وأضاف السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء: "إنّ الحديث حول حجب الحكومة الأدلة، أو سحب الشهود، أو تقييد قدرة الشهود على الاعتماد على أجزاءٍ معينةٍ من الأدلة، كلّه غير صحيح".
وقالت هيئة الادّعاء الملكية في ذلك الوقت إن القضية أُسقطت لأنه لم يكن هناك أيّ ضغطٍ خارجيٍّ لتجنّب الملاحقة القضائية، وإنّ المعيار الدليلي لم يعد مستوفيًا.
في المقابل، رفضت الصين هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "مهزلة سياسية مفتعلة"، وزعمت أنها "افتراءات خبيثة".
وتنفي الحكومة البريطانية التدخل في محاكمة التجسس في الصين، وفي ظل دعوات لتوضيح القرار، بما في ذلك من جانب رئيس مجلس العموم السير ليندسي هويل، قالت هيئة الادعاء الملكية إنه لم يُمارَس أي "ضغط خارجي" على المدعين العامين لإسقاط التهم.
وأعرب رئيس مجلس العموم، ليندسي هويل، عن استيائه من النتيجة، ويدرس رفع دعوى قضائية خاصة، فيما صرّح وزير الأمن، دان جارفيس، بأنه "يشعر بخيبة أمل شديدة" لعدم إجراء محاكمة، وأن الحكومة لا تزال "قلقة للغاية بشأن خطر التجسس الصيني".
ويبدو أن حزب المحافظين المعارض بدأ بالفعل في الاستفادة من نتيجة هذه القضية، وقال وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيليب، خلال مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر، إنه كان "سيُصاب بالدهشة" و"الذهول" إذا لم يكن رئيس الوزراء قد شوهد في محادثات حاسمة حول ما إذا كان سيدعم الملاحقة القضائية وتصنيف الصين كعدوٍّ للمملكة المتحدة.