أبدى العديد من اليهود الأمريكيين رفضهم الشديد لسلوك إسرائيل خلال العدوان على غزة، إذ قال 61% منهم إن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، ونحو 4 من كل 10 منهم يرون أن تل أبيب مذنبة بالإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، حسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
ووصفت الصحيفة هذه النتائج بأنها "تُعدّ صادمة بالنظر إلى العلاقات الراسخة بين الجالية اليهودية الأمريكية وإسرائيل، ما يُشير إلى احتمال حدوث قطيعة تاريخية بشأن حرب غزة".
وكما أشار الاستطلاع، يشعر اليهود الأمريكيون باستياء شديد من الحكومة الإسرائيلية الحالية. إذ يُقيّم 68% منهم قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإسرائيل بشكل سلبي، بينما يُصنّفها 48% بأنها "ضعيفة"، وذلك بزيادة قدرها 20 نقطة مئوية عن استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث قبل خمس سنوات.
وانقسم اليهود في الاستطلاع بشكل شبه متساوٍ حول أفعال إسرائيل في غزة، حيث أيدها 46% وعارضها 48%.
اضطراب عميق
تلفت "واشنطن بوست" إلى أن الاستطلاع "يعكس مجتمعًا يعيش حالة من الاضطراب العميق، مع مشاعر متعددة الجوانب، بل ومتضاربة أحيانًا، تجاه الدولة العبرية بعد 77 عامًا من تأسيسها. وقد سرّعت حرب غزة، إلى حد ما، الاتجاهات التي كانت قائمة بالفعل، إذ يبتعد مجتمع يهودي أمريكي ليبرالي نسبيًا منذ سنوات عن قيادة إسرائيلية متزايدة التشدد والمحافظة".
أيضًا، مزّقت الحرب صفوف الشعب الإسرائيلي نفسه، بخروج عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع بانتظام احتجاجًا. ويقول كثير من الإسرائيليين إن نتنياهو يُطيل أمد الحرب لمصلحته السياسية، آملًا في تأجيل محاكمته بتهم الفساد والتحقيق في الإخفاقات الأمنية التي وقعت في 7 أكتوبر.
وعند فصل مزايا التحالف الأمريكي الإسرائيلي عن حرب غزة، يرى 47% أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في المستوى المناسب تقريبًا، بينما يرى 32% أن الولايات المتحدة تدعّم إسرائيل بشكل مفرط، ويرى 20% أنها لا تدعمها بما يكفي.
وقد ارتفعت نسبة من يقولون إن الولايات المتحدة تدعّم إسرائيل بشكل مفرط بمقدار 10 نقاط مئوية منذ عام 2020، و21 نقطة مئوية منذ عام 2013، مقارنةً باستطلاعات مركز "بيو" التي أُجريت في تلك السنوات.
بشكل عام، يبدو أن نظرة اليهود الأمريكيين للوضع في غزة هي أن كل من شارك فيه يتحمل مسؤولية ما. وعند سؤالهم عمن يتحمّل مسؤولية استمرار الحرب، قال 91% إن حماس تتحمل المسؤولية، و80% إن إسرائيل تتحملها، و86% إن نتنياهو يتحملها. وتحمّل أغلبية 61% الولايات المتحدة المسؤولية.
لكن مع تزايد تقارير التجويع والموت جوعًا، يرى 59% من اليهود الأمريكيين أن إسرائيل لا تبذل جهودًا كافية للسماح بدخول الغذاء إلى القطاع، بينما يقول 30% إنها تبذل جهدًا كافيًا.
لا يزال العديد من اليهود متفائلين بإمكانية توصل الإسرائيليين والفلسطينيين في نهاية المطاف إلى اتفاق سلام. وأظهر الاستطلاع أن 59% يرون أنه من الممكن إيجاد سبيل للتعايش السلمي بين إسرائيل ودولة فلسطين المستقلة، بينما يعارض 41% هذا الرأي.
ويرى 62% من اليهود الأمريكيين أنه من المقبول أن تحكم غزة حكومة فلسطينية منتخبة، بينما يرى 4% فقط أنه من المقبول أن تحكمها حماس.
فجوة الأجيال
من بين النتائج الأكثر إثارة للدهشة التي توصل إليها الاستطلاع (حسب الصحيفة) هي الأقلية الكبيرة نسبيًا من اليهود الأمريكيين الذين يرون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وهو المصطلح الذي طُرح عام 1944.
في الاستطلاع، أُبلغ المشاركون أن الأمم المتحدة تُعرّف الإبادة الجماعية بأنها "أفعال تُرتكب بقصد تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا"، وعندما سُئلوا عما إذا كانوا يعتقدون أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، أجاب 39% بنعم، و51% بلا، ولم يُبدِ 10% رأيهم.
أيضًا، كشف استطلاع "واشنطن بوست" عن فجوة بين الأجيال. فبينما يقول 56% من الأمريكيين اليهود عمومًا إنهم مرتبطون عاطفيًا بإسرائيل، تنخفض هذه النسبة إلى 36% بين من تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا. إلا أن هذه النسبة ترتفع باطراد لدى الفئات العمرية الأكبر سنًا، لتصل إلى 68% لمن تزيد أعمارهم على 65 عامًا.
كما أن اليهود الأصغر سنًا أكثر ميلًا للقول إن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية، إذ يقول 50% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا ذلك، بينما تتراوح النسبة بين الفئات العمرية الأكبر سنًا في الثلاثينيات.
في قضايا أخرى، تتفق الأجيال بشكل أكبر. أعرب أكثر من 80% من اليهود من جميع الأعمار عن قلقهم إزاء مقتل مدنيين في غزة واستمرار احتجاز حماس للمحتجزين الإسرائيليين.
كما انقسمت آراء اليهود الأمريكيين بشأن الحرب بشكل حاد بناءً على الانتماء الحزبي والجنس والمستوى التعليمي. إذ يؤيد أكثر من 8 من كل 10 يهود جمهوريين العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مقارنةً بنحو نصف المستقلين ونحو 3 من كل 10 ديمقراطيين. وتبلغ نسبة موافقة الرجال 56%، بينما تعارضها 55% من النساء اليهوديات.
ورغم أن 54% من اليهود الحاصلين على تعليم جامعي أو أقل يؤيدون العمليات الإسرائيلية، فإن هذه النسبة تنخفض إلى 47% بين الحاصلين على شهادات البكالوريوس و36% بين حاملي شهادات الدراسات العليا.