كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن شهادات مروعة لجنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين خدموا في قطاع غزة، تضمنت اعترافات صريحة بقتل أطفال ومدنيين فلسطينيين بشكل عشوائي ودون مبرر أمني.
تأتي هذه الاعترافات بينما يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية الواسعة بعدما أعلن مؤخرًا بدء اجتياح مدينة غزة بالكامل ومطالبة السكان بالمغادرة فورًا.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة إلى 64,964 شهيدًا و165,312مصابًا، منذ السابع من أكتوبر 2023.
اعترافات بقتل الأطفال
روى الجندي الذي يحمل اسم "يوني" لصحيفة "هآرتس" واقعة مأساوية حدثت خلال مهمته في بيت لاهيا شمال القطاع، إذ أطلق مئات الطلقات زعمًا منه بوجود مسلحين فلسطينيين، ليكتشف لاحقًا أن الضحايا كانا طفلين لا يتجاوز عمرهما العشر سنوات.
ما زاد من صدمة الجندي كان رد فعل قائده الذي وصفه بـ"البارد والمتبلد"، الذي اكتفى بالقول: "لقد دخلوا منطقة إبادة. هذه مشكلتهم".
في شهادة أخرى لا تقل إثارة للحزن، تحدث قناص يحمل الاسم الحركي "بني" عن ممارساته اليومية في استهداف المدنيين، مؤكدًا أنه كان يطلق ما بين 50 إلى 60 رصاصة يوميًا على الفلسطينيين الذين يحاولون الاقتراب من شاحنات المساعدات الإنسانية لإطعام عائلاتهم الجائعة.
وأقر القناص بصراحة أنه لا يعرف العدد الحقيقي لمن قتلهم من المدنيين، لكنه أكد وجود أطفال كثيرين بينهم، وفق الصحيفة العبرية.
القتل الممنهج
كشف القناص "بني" في شهادته لـ"هآرتس" عن تفاصيل مهمة حول الضغوط التي يتعرض لها الجنود من قادتهم لتنفيذ عمليات القتل، موضحًا أنه في أحيان كثيرة لم يكن يرغب في إطلاق النار على المدنيين، لكنه كان يتعرض للضغط والتهديد المستمر من قادته الذين كانوا يصرخون عبر أجهزة الاتصال مطالبين بإطلاق النار فورًا على أي هدف يتحرك.
أشارت الصحيفة العبرية إلى أن هذه الممارسات ليست حالات معزولة أو فردية، بل تعكس ظاهرة واسعة ومتجذرة داخل صفوف جيش الاحتلال، مؤكدة أن القيادات العسكرية والسياسية لا تسعى مطلقًا إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، بل تتعامل معهم كأهداف مشروعة للقتل.
أزمات نفسية وصمت رسمي
رغم هذه الممارسات الوحشية، كشفت "هآرتس" عن تسريح آلاف الجنود الإسرائيليين من الخدمة منذ بداية العدوان على غزة قبل 715 يومًا، بسبب تعرضهم لأزمات نفسية حادة ناتجة عن مشاهد القتل والتدمير المروعة التي كانوا جزءًا منها أو شهودًا عليها.
وبينما ترك آلاف الجنود الجبهة لأسباب نفسية، يواصل الذين ما زالوا في القتال تنفيذ عمليات قتل ممنهجة ضد السكان المدنيين بلا تمييز بين طفل وامرأة ورجل مسن.
وتشير الصحيفة العبرية إلى أن قيادات الجيش والحكومة الإسرائيلية تتعامل مع هذه الأزمة النفسية الواسعة بتجاهل وصمت تام، بينما يرفض جيش الاحتلال نشر أي بيانات رسمية حول العدد الحقيقي للجنود المصابين نفسيًا أو الذين سُرحوا من الخدمة لهذه الأسباب.
كما لم يتبنَّ جيش الاحتلال أي سياسة واضحة للتعامل مع الجنود الذين يرفضون المشاركة في قتل المدنيين، حيث أُجبر العشرات منهم على القتال تحت تهديد السجن، مما دفع بعضهم للانتحار أو محاولة الانتحار هربًا من هذا الواقع المؤلم، وفقًا للمصادر الإسرائيلية ذاتها.