الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد "واقعة المنطاد".. حرب التجسس بين أمريكا والصين تعود إلى الواجهة

  • مشاركة :
post-title
علما الصين وأمريكا ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

لا تزال حرب التجسس قائمة بين الولايات المتحدة والصين، وعادت إلى الواجهة مجددًا، رغم الاتفاقية الموقعة بين البلدين بعدم تنفيذ عمليات سرقة سيبرانية للملكية الفكرية.  

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أمس الخميس، أنها تتعقب منطاد تجسس صينيًا يحلق عاليًا فوق الولايات المتحدة. وأفاد مسؤول كبير في البنتاجون، بأن المنطاد حلّق فوق شمال غرب الولايات المتحدة حيث توجد قواعد جوية حساسة وصواريخ استراتيجية في ملاجئ تحت الأرض، ومن الواضح أن القصد من هذا المنطاد هو المراقبة.

وأشار المسؤول إلى أن المنطاد دخل المجال الجوي الأمريكي "قبل يومين"، مضيفًا أن المخابرات الأمريكية كانت تتعقبه قبل ذلك بفترة طويلة. وأرسلت "البنتاجون" طائرات مقاتلة لفحص المنطاد أثناء وجوده فوق مونتانا.

وبناء على طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحث وزير الدفاع لويد أوستن وكبار المسؤولين العسكريين إسقاط المنطاد، لكنهم قرروا في نهاية المطاف أن ذلك قد يعرض الكثير من الأشخاص على الأرض للخطر من جراء أي حطام محتمل.

ضغوط على بايدن للرد على التعدي الصيني

وتتزامن" واقعة المنطاد" مع زيارة مزمعة لوزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن لبكين، والتي تأتى وسط تدهور حاد في العلاقات بين بكين وواشنطن بشأن التجارة وتايوان وحقوق الإنسان والمطالبات الإقليمية للصين في بحر الصين الجنوبي.

ونقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، عن مايكل راسكا، الأستاذ المساعد في كلية "إس راجاراتنام" للدراسات الدولية بجامعة "نانيانج" التكنولوجية في سنغافورة قوله: "قد يرى الصينيون منطاد التجسس على أنه ورقة مساومة قد تمنحهم نفوذًا في المحادثات مع الولايات المتحدة".

وذكرت الوكالة أن الضغوط تزايدت على الرئيس الأمريكي جو بايدن، للرد بقوة على التعدي الصيني. ونوهت الوكالة إلى طلب المشرعين الجمهوريين باتخاذ إجراء، ونقلت عن النائب مايك جالاجر، "رئيس لجنة جديدة في مجلس النواب تعنى بتسليط الضوء على التهديد الصيني"، إن وجود منطاد التجسس يوضح أن المبادرات الدبلوماسية الأخيرة للحزب الشيوعي الصيني لا تمثل تغييرًا جوهريًا في السياسة".

وقال رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي، وهو جمهوري من كاليفورنيا، في تغريدة على تويتر: "تجاهل الصين لسيادة الولايات المتحدة عمل مزعزع للاستقرار يجب معالجته، ولا يمكن للرئيس بايدن أن يصمت".

وقائع التجسس بين الصين والولايات المتحدة

وتعد واقعة "المنطاد" هي أحدث مرحلة في حرب التجسس بين الولايات المتحدة والصين. فقد لفتت وكالة "بلومبرج" الأمريكية في تقرير حديث لها، إلى أن الصينيين يشكون منذ عقود من المراقبة الأمريكية التي تقوم بها السفن وطائرات التجسس بالقرب من أراضيها، مما يؤدى إلى مواجهات بين الحين والآخر.

وسبق أن حذر مسؤولون في أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية والبريطانية من وجود شبكات صينية هائلة للتجسس الإلكتروني، وبرامج قرصنة إلكترونية يتجاوز حجمها ما تمتلكه القوى العالمية الكبرى مجتمعة.

كما خلص تقرير صادر عن لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي في سبتمبر 2020 إلى أن وكالات التجسس الأمريكية تواجه في واقع الأمر فشلًا في مواجهة التحديات متعددة الأوجه التي تفرضها الصين، بينما تركز بإفراط على الأهداف المباشرة مثل الإرهاب أو التهديدات العسكرية التقليدية.

وأبرز الجهات الصينية التي تتهمها الولايات المتحدة الأمريكية بالتجسس ضد واشنطن، هي الشركات الصينية المملوكة للدولة، شركات الأفراد الخاصة برجال الأعمال المقربين للنظام، مراكز الأبحاث الصينية، خاصةً التي تجذب الأمريكان والباحثين الأجانب، المنظمات غير الحكومية، الأكاديميين والباحثين والطلاب الصينيين من الدارسين حول العالم، بالإضافة إلى العاملين الصينيين في قطاع التكنولوجيا وأمن المعلومات لتزويد الجانب الصيني بالمزيد من التحركات الأمريكية السيبرانية، واختراق أبرز الأنشطة الأمريكية سيبرانيا.

اتهام 4 ضباط صينيين بالتجسس

وفى مايو 2022، اتهمت واشنطن أربع ضباط مخابرات صينيين، للتجسس على معارضين وقيادات حقوقية ونشطاء صينيين يقيمون على الأراضي الأمريكية.

وأكدت وزارة العدل الأمريكية في بيان أصدرته آنذاك، أن عريضة الاتهام لجواسيس الصين على الأراضي الأمريكية، تؤكد بأن المواطن الصيني "وانج شوجون"، والمقيم في مدينة كوينز بولاية نيويورك، قد استغل وضعه داخل مجتمعات المغتربين الصينيين والمعارضين والمنشقين الصينيين لجمع معلومات عن أنشطتهم لحساب وزارة أمن الدولة الصينية، وهو ما نفته السلطات الصينية جملةً وتفصيلًا عبر سفارتها في واشنطن آنذاك.

وفى شهر نوفمبر 2021، صدر حكم بالسجن 20 عاما على عميل للاستخبارات الصينية في الولايات المتحدة، لمحاولته سرقة تكنولوجيا من شركات طيران أمريكية وفرنسية، وفق ما أعلنت وزارة العدل.

واتُهم "شو يانجون" بأداء دور قيادي في خطة مدعومة من الدولة الصينية امتدت خمس سنوات لسرقة أسرار تجارية من شركات طيران أبرزها "جنرال إلكتريك للطيران" الرائدة في تصنيع محركات الطائرات في العالم، ومجموعة "سافران" الفرنسية التي عملت مع الشركة الأولى على تطوير محرك.

وتم القبض على شو في أبريل 2018 في بلجيكا حيث تم استدراجه على ما يبدو للقيام بعملية استخبارية، فقد كان يعتزم لقاء أحد موظفي "جنرال إلكتريك" سرًا. ثم جرى تسليمه إلى الولايات المتحدة حيث قدم للمحاكمة وأدين في محاكمة أمام هيئة محلفين في 5 نوفمبر 2021 بتهمة محاولة التجسس الاقتصادي ومحاولة سرقة أسرار تجارية وتهمتي تآمر على صلة بالملف.

لا عمليات سرقة سيبرانية

وفي عام 2015، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع الصين تعهد فيها كل منهما بعدم تنفيذ عمليات سرقة سيبرانية للملكية الفكرية، بما في ذلك الأسرار الصناعية أو أي معلومات سرية أخرى، بغرض تحقيق منفعة تجارية.

لكن بيد أن تلك الاتفاقية ظلت حبرا على ورق فقط، فبحلول العام التالي لتوقيعها، اتهمت وكالة الأمن القومي الأمريكية الصينيين بخرقها، وإن أقرت بأن عدد الهجمات التي تهدف إلى سرقة معلومات من الحكومة والشركات انخفض بشكل درامي.

وفي 2016، توترت العلاقات بين واشنطن وبكين بعد قيام طائرة تجسس أمريكية بالتحليق على مقربة من أرخبيل "سبراتلي" ببحر الصين الجنوبي كاعتراض أمريكي على عمليات البناء الكبيرة التي تقوم بها الصين في هذا الأرخبيل.

وفى يوليو 2020، تبادل البلدان إغلاق القنصليات، الصينية في هيوستن، والأمريكية في شيجدو، ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية آنذاك، عن مسؤولين أمريكيين بارزين، أن إغلاق القنصلية الصينية في هيوستن جاء نتيجة استخدام المنشأة وأماكن أخرى للتجسس وسرقة التكنولوجيا الأمريكية.