انضم الاتحاد الإفريقي رسميًا إلى حملة عالمية تطالب بريطانيا والقوى الاستعمارية السابقة بدفع تعويضات تاريخية شاملة، تمتد من جرائم تجارة الرقيق وحقبة الاستعمار وصولًا إلى المسؤولية عن التدهور البيئي وتغير المناخ، في إطار ما أطلق عليه "عام التعويضات".
"العدالة التعويضية"
كشفت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أن قمة القادة الأفارقة والكاريبيين هذا الأسبوع شهدت إعلان تحالف استراتيجي للمطالبة بـ"تعويضات مجدية" من القوى الاستعمارية السابقة.
وأعلن الجيبوتي محمود علي يوسف، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أن القارتين ستعملان معًا لتحقيق "العدالة التعويضية والتحرر الحقيقي"، مؤكدًا التزامهما بـ"تكريم الأسلاف ورفع شأن الأحفاد واستعادة المصير المشترك في الحرية والعدالة".
وتُتوّج هذه المبادرة جهودًا دبلوماسية مكثفة بدأت عام 2023 من خلال حوارات استراتيجية بين دول الكاريبي والاتحاد الإفريقي، هدفت لبناء موقف مشترك وضغط جماعي على القوى التي مارست الاستعمار تاريخيًا، حسبما أفادت "ذا تليجراف".
مطالب شاملة
تختلف المطالب الإفريقية الجديدة عن نظيرتها الكاريبية في شموليتها، حيث لا تقتصر على تجارة الرقيق بل تمتد لتشمل "الاستعمار" بشكل عام و"الظلم الهيكلي والمنهجي" المستمر.
وتذهب الرؤية الإفريقية، بحسب تقرير "ذا تليجراف"، إلى ربط التفاوت الاقتصادي الحالي بين القارة السمراء والدول المتقدمة بالإرث الاستعماري، معتبرة أن الشركات الكبرى تواصل اليوم نهب الموارد الإفريقية بطرق مختلفة.
وفي سياق متصل، يُحمّل صناع السياسات في الاتحاد الإفريقي القوى الصناعية الكبرى وِزر الأضرار البيئية التي لحقت بالكوكب، مطالبين بتعويضات مناخية عادلة.
نطاق واسع للتعويضات
تشمل التعويضات المطلوبة إصلاحات شاملة للممارسات الاقتصادية العالمية، وإعادة القطع الأثرية الثقافية، والتعويض عن آثار تغير المناخ.
وأكد الخبراء أن "إعادة القطع المسروقة لأصحابها الشرعيين في الدول الإفريقية خطوة نحو الترميم الثقافي والشفاء"، علمًا بأن المتاحف البريطانية بدأت فعليًا بإعادة قطع أثرية مؤقتًا أو دائمًا، بما في ذلك برونزيات بنين والذهب الأشانتي والأشياء المقدسة للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية.
ستوجه المطالب لجميع القوى الاستعمارية السابقة في إفريقيا، التي شملت في أواخر القرن التاسع عشر بريطانيا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا، مع التركيز بشكل خاص على بريطانيا التي سيطرت على ربع القارة في أوج إمبراطوريتها.
رفض بريطاني
رفضت الحكومات البريطانية المتعاقبة، بما في ذلك رئيس الوزراء الحالي السير كير ستارمر، مطالب التعويضات وتصدت لجهود دول الكومنولث لضمان التزام بالمدفوعات التعويضية.
وكشفت "ذا تليجراف" سابقًا أن اللورد هيرمر، المدعي العام، عمل مع كاريكوم عندما صيغت هذه المطالب لأول مرة في 2013 وقدّم المشورة حول قضية قانونية محتملة ضد بريطانيا.
أمام عدم استجابة الحكومات، لجأت بعض دول الجزر الكاريبية لتغيير تكتيكاتها والمطالبة بتعويضات من المؤسسات مباشرة، إذ وجّهت دولة جرينادا الكاريبية مطالبة رسمية لبنك إنجلترا المركزي بضرورة دفع تعويضات، نظرًا لدوره التاريخي في نظام الرق عبر استثماراته في مزارع السكر بالجزيرة، بينما أعلنت جامايكا خططًا لمطالبة الملك تشارلز بمعالجة قضية التعويضات باعتباره رأس الدولة.
يعمل فرع من الاتحاد الإفريقي على تطوير سياسات لمتابعة التعويضات منذ نحو ثمانية أشهر، ضمن ما أعلنته المنظمة "عام التعويضات"، وإن كان العمل يتقدم ببطء ولا توجد سياسات راسخة حتى الآن.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن الاتحاد الإفريقي يسعى لمحاكاة البنية التحتية الكاريبية للتعويضات، التي تشمل لجانًا وطنية ومتعددة الجنسيات مخصصة، رغم أن النهج الكاريبي لم يحقق نتائج ملموسة بعد عقد من المطالبات التي تقدر بتريليونات الدولارات.