الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الطاقة "كلمة السر".. الصين تنتصر على أمريكا في معركة التجارة بإفريقيا

  • مشاركة :
post-title
أول مصنع للهواتف المحمولة في أوغندا تم بناؤه بواسطة شركة صينية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

حققت الصين فائضًا تجاريًا بقيمة 60 مليار دولار مع إفريقيا حتى الآن في العام الجاري 2025، حيث تعمل الشركات الصينية على إعادة توجيه التجارة إلى المنطقة، بينما تعمل التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تقييد تدفق السلع إلى الولايات المتحدة.

وفقًا لبيانات أصدرتها الحكومة الصينية، أمس الاثنين، صدّرت بكين خلال شهر أغسطس الماضي، سلعًا وخدمات بقيمة 141 مليار دولار أمريكي إلى إفريقيا، بينما استوردت منها بـ81 مليار دولار أمريكي.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن اتساع اختلال الميزان التجاري مع إفريقيا، ينبع من ارتفاع صادرات البطاريات والألواح الشمسية والمركبات الكهربائية والمعدات الصناعية الصينية الصنع.

وأضافت أن الزيادة الكبيرة في الصادرات إلى إفريقيا، بجانب أحجام قياسية من السلع المباعة إلى جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، تؤكد قدرة المصنعين الصينيين على الصمود في إيجاد أسواق جديدة للمنتجات التي تستمر مصانعهم في إنتاجها بكميات هائلة.

لطالما كانت الصين أكبر شريك تجاري للمنطقة، إلا أن تدفق السلع الصينية الصنع لم يكن يومًا أكثر أهمية من أي وقت مضى مع استمرار الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وتباطؤ نمو الاقتصاد المحلي الصيني.

الألواح الشمسية في كامبالا
الألواح الشمسية الصينية

في أغسطس الماضي، انخفضت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 33%، بينما نمت صادراتها إلى إفريقيا بنسبة 26%.

ويتجلى ازدهار التجارة مع إفريقيا في شوارع كامبالا، عاصمة أوغندا، حيث في حي صاخب يعج بمتاجر الإلكترونيات، كانت معظم الألواح الشمسية مكدسة داخل كل متجر تقريبًا تحمل شعارًا واحدًا: "صنعت في الصين".

ويقول موين جوزيف، أحد أصحاب المتاجر، إن الألواح الشمسية الصينية تفوقت على العروض المنافسة من أوروبا والهند خلال العقد الماضي.

ويقدر أن ما يقرب من 99% من ماركات الطاقة الشمسية المعروضة صنعت في الصين، ويرجع ذلك في الأساس إلى أنه لا يمكن منافسة المنتجات الصينية من حيث السعر.

يضيف موين، البالغ من العمر 38 عامًا: "أنا أبحث فقط عن الطاقة الشمسية الرخيصة للبيع إذا كنت أرغب في التنافس مع الآخرين في السوق. هذا ما يقدمه لنا الصينيون".

لم يقتصر الأمر على الألواح الشمسية فحسب، بل كان كل شيء تقريبًا في متجر الإلكترونيات الصغير والمزدحم، من المصابيح الكهربائية إلى المولدات، يصنع في الصين أيضًا.

لأكثر من عقد من الزمان، استثمرت الصين بكثافة في تشييد البنية التحتية في جميع أنحاء القارة السمراء، في إطار مبادرة الحزام والطريق، وقد عززت هذه المشاريع نفوذ بكين في أفريقيا، مما أتاح فرصًا تجارية للشركات الصينية، وأتاح الوصول إلى المواد الخام القيمة.

ترامب يقلص المساعدات

هذا العام، قلّصت إدارة ترامب حجم المساعدات الخارجية المقدمة لإفريقيا، تاركة العديد من مبادرات الصحة والتنمية في حالة من الغموض، كما فرضت رسومًا جمركية على العديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 30% على البضائع القادمة من جنوب إفريقيا.

هدد ترامب في البداية بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات من ليسوتو، ما أجبر الدولة المعتمدة على المنسوجات على إعلان حالة طوارئ وطنية، كما تم تخفيض النسبة إلى 15%، وهو ما يتوقع أن يلحق الضرر بليسوتو.

كانت ليسوتو من بين ما يقرب من 20 دولة إفريقية أرسلت منتجات محددة إلى الولايات المتحدة دون أي ضرائب استيراد بموجب قانون أقره الكونجرس عام 2000.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن الولايات المتحدة تنسحب من إفريقيا، في حين تقدم الصين نفسها كقوة موازنة اقتصادية، ففي يونيو الماضي، أعلنت بكين أنها ستعفي 53 دولة إفريقية تقريبًا من جميع الرسوم الجمركية، وهو ما كان بمثابة رسالة مفادها أن بكين ملتزمة ببناء علاقة مثمرة ومفيدة للطرفين مع إفريقيا.

وفي يناير الماضي، ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) في افتتاحية لها، أن الصين استحدثت أكثر من مليون فرصة عمل في إفريقيا خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين ساعدت المنطقة في بناء الطرق والسكك الحديدية والجسور والموانئ على مدى ربع القرن الماضي.

زواج مصلحة

ما تصوره بكين على أنه زواج مصلحة يتجلى في قطاع الطاقة الشمسية، فعلى الرغم من هيمنة الصين على جميع جوانب هذه الصناعة، فإن شركات الطاقة الشمسية الصينية تكافح من أجل البقاء، بسبب المنافسة الشرسة والإنتاج المفرط الذي أدى إلى انخفاض الأسعار وتآكل الربحية. 

ومع ذلك، فقد حفّز انخفاض الأسعار طفرة في قطاع الطاقة الشمسية في إفريقيا، حيث تشتد الحاجة إلى الطاقة.

نتيجة لذلك، تشهد الطاقة الشمسية ازدهارًا ملحوظًا في إفريقيا، وفقًا لمجموعة "إمبر" لتتبع الطاقة، والتي أوضحت أن واردات الألواح الشمسية من الصين ارتفعت بنسبة 60% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، وأن 20 دولة إفريقية استوردت كمية قياسية خلال تلك الفترة.

في أوغندا، أنشأ العديد من مصنّعي الطاقة الشمسية الصينيين مكاتب توزيع في كامبالا، ما يسمح لتجار التجزئة بالحصول على المنتجات بسرعة، وتجنب متاعب استيرادها من الصين.

قال والتر كوكو، المدير الإداري لشركة دبليو ووتر وركس، المتخصصة في تركيب أنظمة المياه والطاقة الشمسية، إن شركات الطاقة الشمسية الصينية منتشرة في أوغندا، وتنشئ فروعًا لها في أنحاء القارة. وأضاف أن أكثر من 8 شركات صينية لديها مراكز توزيع في المدينة.

أضاف "والتر" أن الشركات تتنافس بشراسة، ما أدى إلى انخفاض الأسعار. وقدّر أن أسعار الألواح الشمسية انخفضت بنسبة 40% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.

قال المدير الإداري لشركة تركيب أنظمة المياه والطاقة الشمسية إن المنافسين الأوروبيين لا يستثمرون في القطاع بإفريقيا مثل الشركات الصينية، وتابع: "سيكتشفون بعد فوات الأوان أن الصينيين قد سيطروا بالفعل".

الصادرات الصينية لإفريقيا

لا يقتصر الأمر على الطاقة النظيفة فحسب، بل يشهد قطاع الصادرات الصينية لتلبية الاحتياجات الصناعية في إفريقيا طفرة هائلة. في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، ارتفعت شحنات الصلب إلى أفريقيا بنسبة تقارب 30%.

كما ارتفعت شحنات الآلات الزراعية والبناء وبناء السفن الصينية بأكثر من 40%، إضافة إلى ذلك، ارتفعت صادرات المحركات والمولدات الكهربائية بأكثر من 50%، وفقًا لأحدث بيانات الجمارك الصينية.

بالنسبة للمنتجات الاستهلاكية، تعد المكاسب لافتة للنظر. فقد ارتفعت صادرات الصين من السيارات بنسبة 67% في الأشهر الخمسة الأولى من 2025، بما في ذلك مضاعفة الشحنات في شهر مايو وحده.

وتهيمن الصين بالفعل على قطاعات رئيسية أخرى، وهي أربع من أكبر خمس علامات تجارية للهواتف الذكية في إفريقيا صينية، حيث حققت "هواوي" و"شاومي" أكبر مكاسب في حصة السوق هذا العام.