حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من خطر وشيك لانقطاع كامل في شبكات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة بفعل الاستهداف المتعمد والمتكرر من جيش الاحتلال الإسرائيلي للأبراج السكنية والبنايات العالية في مدينة غزة، في إطار العدوان العسكري الشامل، ما يشكّل صورة صارخة من صور الاقتلاع القسري للفلسطينيين من أرضهم وتغيير واقعهم الديمغرافي قسرًا، وذلك في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 23 شهرًا.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له، إنّه وثّق استهداف طيران الاحتلال الإسرائيلي ظهر أمس الأول الجمعة برج "مشتهى" المكوّن من 15 طابقًا غربي مدينة غزة بـ5 قنابل شديدة الانفجار، ما أدّى إلى تدميره بالكامل وتضرر مئات الخيام المجاورة، موضحًا أن المباني متعددة الطوابق غالبًا ما يُثبّت على أسطحها أبراج لاسلكية لشركات الهاتف النقّال وشبكات الإنترنت المحلية، ما يجعل استهدافها تهديدًا مباشرًا لقطاع الاتصالات والإنترنت في غزة.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ إسرائيل تسعى من خلال استهداف الأبراج السكنية والبنايات العالية إلى تحقيق أهداف متكاملة، أبرزها تعميق سياسة المحو العمراني التي تتصاعد منذ 11 أغسطس الماضي في مختلف محاور مدينة غزة، وترهيب المدنيين ودفعهم إلى النزوح القسري نحو الجنوب، مع محو البيئة العمرانية التي تُمكّنهم من العودة مستقبلًا، فضلًا عن تدمير ما تبقى من البنية التحتية الحيوية لشبكات الاتصالات والإنترنت بما يفاقم عزلة السكان ويقوّض قدرتهم على توثيق الجرائم أو طلب الإغاثة، في سياق سياسة إسرائيلية منهجية تقوم على الجمع بين التدمير المادي والاقتلاع السكاني لفرض واقع ديمغرافي جديد بالقوة.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه إلى جانب قصف محطات الإرسال المثبتة على أسطح المباني العالية، فإنّ شبكة الاتصالات والإنترنت تواجه خطر الانهيار الكامل بفعل التعطّل المتوقع لمحطات التشغيل نتيجة شح إمدادات الوقود، في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة تقوم على الجمع بين القصف والحصار لقطع شرايين الحياة عن المدينة، وعزل سكانها عن العالم الخارجي، وحرمانهم من توثيق الجرائم المرتكبة ضدهم أو طلب النجدة، بما يشكّل أداة إضافية لتهجيرهم قسرًا ومنع عودتهم وطمس الأدلة على الجرائم الجماعية المرتكبة.
ولفت إلى إلى أنّ استهداف قطاع الاتصالات والإنترنت رافق على الدوام العمليات العسكرية العدوانية الواسعة التي شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وذلك بهدف قطع سبل التواصل وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية، وفرض عزلة تامة على السكان لبث حالة من التشويش وانعدام اليقين تدفعهم إلى النزوح القسري.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيي.
وشدد على ضرورة تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق في أول فرصة، وإصدار المزيد من أوامر الاعتقال، وتسليمهما إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.