الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"Max".. تطبيق "وطني" روسي يكافح هيمنة "واتساب"

  • مشاركة :
post-title
تطبيق "Max" تملكه شبكة التواصل الاجتماعي الروسية "فكونتاكتي" (VK)

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

خلال اجتماع بالفيديو مع الرئيس فلاديمير بوتين، الصيف الجاري، أثار وزير التحول الرقمي الروسي، ماكسوت شاداييف، أزمة استخدام نحو 90 مليون روسي لتطبيقات مراسلة أجنبية، مثل "واتساب"، التي قال شاداييف إن أصحابها "يتصرفون بشكل مدمر بشكل متزايد تجاه المستخدمين الروس".

وقتها، أشار الوزير إلى أن الحل الوحيد تطبيق "مراسلة روسي بالكامل"، وهو ما رأى بوتين أنه "مهم للغاية". لذلك، وقّع الرئيس بعد أسابيع قانونًا يُنشئ "خدمة مراسلة وطنية"، ومنح هذه الصفة لتطبيق "Max"، وهو تطبيق تملكه شبكة التواصل الاجتماعي الروسية الرائدة "فكونتاكتي" (VK)، التي تُسيطر عليها مباشرةً الدائرة المقربة من بوتين.

ومنذ ذلك الحين، فرضت هيئة تنظيم الإنترنت الروسية (Roskomnadzor) قيودًا جزئية على مكالمات "تيليجرام" و"واتساب"، حسبما صرّحت الشهر الماضي، مدّعيةً أنها استُخدمت لأغراض "الخداع" و"الابتزاز" و"التخريب" و"الأنشطة الإرهابية".

ويلفت تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن هذه الخطوات "كانت خطوات كبيرة في واحدة من أوسع حملات القمع على الحريات على الإنترنت منذ الحرب الروسية في أوكرانيا، عام 2022".

كما زعم التقرير أن الحكومة الروسية تستهدف الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، وتجرم الأشخاص الذين يصلون إلى "المواد المتطرفة" عبر الإنترنت، وتتحرك "لخنق" التكنولوجيا من الدول "غير الصديقة"، وتجبر العمال المهاجرين على تثبيت تطبيق مراقبة.

بديل وطني

في عام 2014، انتُزعت ملكية شركة (VK) من مؤسسها بافيل دوروف، الذي أطلق حينها "تيلجرام" كبديل آمن. والآن، تخضع الشركة فعليًا لسيطرة شركة الطاقة الحكومية الروسية "جازبروم"، ويوري كوفالتشوك، الذي يُشار إليه غالبًا باسم "المصرفي الشخصي لبوتين".

ووفق الصحيفة البريطانية، تتمتع أجهزة الأمن الروسية بوصول غير محدود إلى بيانات الشركة الأم للتطبيق (VK). وعلى عكس "واتساب" و"تليجرام"، لا يوفر Max تشفيرًا شاملًا، ما يعني تخزين الرسائل على خوادم (VK). كما تسمح اتفاقية مستخدم التطبيق الروسي، صراحةً، بمشاركة البيانات مع جهات إنفاذ القانون.

وينقل التقرير عن ميخائيل كليماريف، رئيس منظمة "جمعية حماية الإنترنت" غير الحكومية وصفه لتطبيق "Max" بأنه "أشبه بحصان طروادة". زاعمًا أن معظم الأحكام الجنائية الصادرة بحقّ من ينشرون خطابًا على الإنترنت في روسيا هي أحكام بالفعل على من ينشرون على منصة (VK).

وأضاف: "من المستحيل تصديق أن Max سيكون مختلفًا".

وبدأت شركة (VK) العمل على "Max"، عام 2024، ويشبه مفهومه تطبيق "WeChat" الصيني، وهو الجمع بين المراسلة والخدمات الحكومية والخدمات المصرفية في منصة واحدة.

وفي أوائل الصيف، ظهرت حملة تسويقية ضخمة، إذ أشاد المشاهير الموالون للدولة بـ"Max" باعتباره يتمتع باتصال مستقر في كل مكان، وهي ميزة أساسية في روسيا اليوم، وغالبًا ما يتم إيقاف تشغيل الإنترنت، بسبب الهجمات الأوكرانية والتجارب الحكومية.

وابتداءً من هذا الأسبوع، أصبح لزامًا على المدارس الروسية استخدامه للدردشات الرسمية. وبدأت شركات الاتصالات الروسية بالسماح للعملاء باستخدام "Max" دون استهلاك باقاتهم الشهرية من البيانات، ونقل العديد من المسؤولين وإدارات المدن اتصالاتهم إلى التطبيق الجديد.

هكذا، ارتفع عدد مستخدمي "Max" من مليون مستخدم في أوائل يونيو إلى 30 مليونًا الآن. بينما يبلغ عدد مستخدمي "واتساب" و"تليجرام" شهريًا في روسيا أكثر من 90 مليون مستخدم، وفقًا لمؤسسة "ميدياسكوب" للأبحاث الإعلامية.

عقوبات روسية

في منتصف يوليو، أمر الرئيس الروسي باتخاذ إجراءات لـ"خنق" البرمجيات من الدول "غير الصديقة"، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقال: "إنهم يحاولون خنقنا، وعلينا أن نرد بالمثل".

وفي الشهر نفسه أيضًا، وُجّهت انتقادات لاذعة إلى "واتساب"، المملوكة لشركة "ميتا"، صرّح نائب بارز في البرلمان بأن "مصير واتساب في روسيا محسوم"، وأضاف آخر أن "الوقت قد حان ليستعد واتساب لمغادرة السوق الروسية".

وكانت منتجات "ميتا" الرئيسية الأخرى، بما في ذلك "فيسبوك" و"إنستجرام"، صُنفت على أنها "متطرفة" وحُظرت في روسيا منذ عام 2022، كما وُصف فيسبوك أيضًا بأنه منظمة "إرهابية". وبينما لا يزال الوصول إلى X ويوتيوب متاحًا، لكنهما يخضعان لتضييق شديد.

وفي أواخر يوليو، أقرّ البرلمان الروسي قانونًا آخر يُجرّم البحث عن "مواد متطرفة عمدًا على الإنترنت". وكانت هذه المرة الأولى التي يُجرّم فيها مجرد الوصول إلى محتوى "متطرف"، إذ سبق أن رُفعت مئات الدعاوى القضائية، بسبب "الإعجاب" أو مشاركة مواد محظورة.

هذا الشهر، أصبح الإعلان على "إنستجرام" وغيره من المنصات "المتطرفة" غير قانوني. ونظرًا لتعرضهم لغرامات تصل 6000 دولار، أمضى المدونون والعلامات التجارية الروسية الأيام الأخيرة من الصيف في حذف منشوراتهم القديمة بشكل جنوني.

ويُلزم الآن العمال المهاجرون من الدول التي يُسمح فيها بالدخول إلى روسيا دون تأشيرة بتثبيت تطبيق يُرسل مواقعهم إلى السلطات. وحال عدم توفر بياناتهم لمدة ثلاثة أيام، يُمكن منعهم من الوصول إلى حساباتهم المصرفية وخدمات أخرى، وفي النهاية ترحيلهم.