يثبت ريال مدريد الإسباني عامًا بعد عام أنه ليس بحاجة إلى الدخول في مزادات ضخمة ليبقى في صدارة المشهد الكروي، ففي صيف 2025، خطف النادي الملكي النجم الإنجليزي ترينت ألكسندر أرنولد، من ليفربول مقابل 10 ملايين يورو، مبلغ رمزي هدفه الأساسي تسريع عملية الانتقال لضمان تسجيله قبل انطلاق كأس العالم للأندية، رغم أن الظهير الأيمن كان سينضم مجانًا العام المقبل.
بهذه الخطوة، يرسخ ريال مدريد مكانته كأحد أنجح الأندية في استغلال عقود اللاعبين المنتهية، إذ سبق أن ضم ديفيد ألابا من بايرن ميونخ عام 2021، وأنطونيو روديجر من تشيلسي في 2022، ثم حسم توقيع كيليان مبابي من باريس سان جيرمان في 2024، ليأتي أرنولد رابعًا في سلسلة من التعاقدات المدوية التي أرهقت كبار أوروبا.
سر جاذبية ريال مدريد
نجح ريال مدريد في إقناع لاعبين عالميين بانتظار انتهاء عقودهم، حتى لو اضطروا لقضاء موسم إضافي مع أنديتهم، لتحقيق حلم اللعب في سانتياجو برنابيو، هذا النهج الإستراتيجي يقلل النفقات بشكل كبير، لكنه في الوقت نفسه يعكس مكانة النادي الذي لا يحتاج إلى المزايدة في سوق الانتقالات لضم أفضل المواهب.
هذه الفلسفة ليست وليدة اللحظة، إذ اعتاد النادي الإسباني على استغلال سوق الانتقالات المجانية منذ عقود، بداية من انتقال الألماني بيرند شوستر من برشلونة عام 1988، مرورًا بصفقات أيقونية مثل ستيف ماكمانامان، مايكل لاودروب، وفيرناندو مورينتس.
صفقات مجانية
وفيما أنفقت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 3.1 مليار جنيه إسترليني هذا الصيف وحده، شهد اليوم الأخير من السوق صفقة ضخمة بتوقيع ألكسندر إيزاك مع ليفربول قادمًا من نيوكاسل مقابل 125 مليون جنيه إسترليني، إلا أن أكثر الصفقات تأثيرًا ربما كانت مجانية، مثل انتقال جوناثان ديفيد إلى يوفنتوس قادمًا من ليل.
الصفقات الحرة ليست مجرد وسيلة لتقليل النفقات، بل باتت سلاحًا إستراتيجيًا يغير الموازين، كما حدث عام 2001 عندما صدم سول كامبل جماهير توتنهام بانتقاله إلى أرسنال في صفقة تاريخية ما زالت حاضرة في ذاكرة الدوري الإنجليزي، وهي فلسفة يواصل ريال مدريد استغلالها بنجاح.
صيف 2026
كل المؤشرات تشير إلى أن السوق المقبلة ستكون أكثر اشتعالًا، إذ تنتهي عقود عدة نجوم كبار في 2026، أبرزهم برناردو سيلفا وجون ستونز من مانشستر سيتي، وفرينكي دي يونج من برشلونة، إضافة إلى دييوت أوباميكانو من بايرن ميونخ، بينما يراقب ريال مدريد عن كثب وضع مدافع ليفربول إبراهيما كوناتي وقائد كريستال بالاس مارك جويهي، المرشحَين بدورهما للانضمام إلى "الملكي".
مرة أخرى، يبرهن ريال مدريد أن التخطيط الذكي والصبر يمكن أن يتفوقا على ضخامة الأموال، ليبقى النادي الإسباني الوجهة الأكثر بريقًا للنجوم الباحثين عن المجد، وليحافظ على لقبه غير الرسمي "ملك الصفقات المجانية" بلا منازع.