ينافس المخرج الفرنسي البارز فرانسوا أوزون في مهرجان فينيسيا السينمائي بأحدث أفلامه The Stranger، وهو اقتباس لرواية ألبير كامو الشهيرة "الغريب"، التي تدور أحداثها حول مغترب فرنسي يعيش في الجزائر وقت الاستعمار في ثلاثينيات القرن الماضي، ويقتل رجلًا جزائريًا بدم بارد.
يعد هذا ثالث اقتباس سينمائي للرواية، بعد نسخة لوشينو فيسكونتي عام 1967 بطولة مارسيلو ماستروياني، والفيلم التركي Fate عام 2001 الذي شارك في قسم "نظرة ما" بمهرجان كان.
الأجواء في فينيسيا تترقب ما إذا كان أوزون نجح في تقديم نسخة مبهرة من العمل، خاصة مع اختياره التصوير بالأبيض والأسود، ومشاركة نجوم بحجم بنجامين فوازان في دور ميرسو وريبيكا فاردير في دور حبيبته.
خلال المؤتمر الصحفي للفيلم، الذي ينافس على جائزة الأسد الذهبي، كشف أوزون اليوم الثلاثاء أنه فكر في اقتباس رواية "الغريب" بعد فشل مشروع آخر كان يدور حول شاب يمر بأزمة بعد محاولة انتحار لم تكتمل. وأوضح أنه قرأ الرواية للمرة الأولى في سنوات الدراسة الثانوية مثل معظم الفرنسيين، لكنه وجد فيها معاني جديدة حين عاد إليها في مرحلة لاحقة من حياته، حسبما ذكرت صحيفة deadline.
وقال أوزون: ربما فهمتها بشكل أفضل مما كنت عليه في سن المراهقة، وفي الوقت نفسه بقيت هناك أشياء لم أفهمها وأثارت فضولي. وأضاف: "بدأت العمل بروح من التحرر لكن مع شعور بالقلق لأن الجميع من حولي كانوا يؤكدون حبهم لها وأنها روايتهم المفضلة، ويبدون حماسهم بما سأفعله بها، وهذا وضع ضغطًا عليّ".
وأشار المخرج إلى أنه قرر سريعًا أن يقدم القصة من منظور معاصر، بخلاف ما فعله فيسكونتي الذي تناولها بزاوية زمن كتابتها عام 1939 ونشرها عام 1942، حين كانت فرنسا لا تزال تحتل الجزائر.
وأكد أن الجملة الأكثر شهرة في الرواية "ماتت أمي، ربما كان ذلك بالأمس" لم تكن الأكثر صدمة بالنسبة له اليوم، بل عبارة أخرى تقول "لقد قتلت عربيًا"، معتبرًا أن هذه العبارة كانت المفتاح الأساسي لتأويله الجديد، لتسليط الضوء على سياق الاستعمار الفرنسي وفهم شخصية ميرسو مع الالتزام بنص كامو قدر الإمكان.
وتحدث أوزون عن اختياره للأبيض والأسود قائلًا: "بما أنها رواية فلسفية، شعرت أن الأبيض والأسود هو الأنسب لروايتها، فهو يضفي نقاءً على الصورة. كما كان خيارًا ماليًا أيضًا، فلم تكن لدي الإمكانيات لإعادة بناء الجزائر في الثلاثينيات، فالأبيض والأسود سمح لي بتبسيط الكثير من الديكورات".
وأوضح أن الفيلم صوّر بالألوان ثم حوّل لاحقًا إلى الأبيض والأسود، وكانت النتيجة مدهشة بالنسبة له، قائلًا: "جعل كل شيء رائعًا وأيقظ في روح السينما الكلاسيكية، فعندما رأيت ريبيكا بملابس السباحة البيضاء على الشاطئ، تذكرت إليزابيث تايلور في Suddenly, Last Summer، وعندما كان بنجامين يسير في الشوارع خيل إلي أنني أرى جيمس ستيوارت أو كاري جرانت".