الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صاغه الكرملين ونفذه بوتين.. زيلينسكي في طريقه لفخ روسي جديد

  • مشاركة :
post-title
استقبال ترامب لبوتين قبل بدء القمة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

شهدت أنكوريج أكبر مدينة في ولاية ألاسكا الأمريكية واحدة من أكثر اللقاءات إثارة للجدل، إذ احتضنت قمة جمعت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهي القمة التي بدت، وفق مراقبين، أقرب إلى سيناريو معد مسبقًا من الكرملين، رغم كونها تحت السيطرة الكاملة للبيت الأبيض.

بالنسبة لأوكرانيا، وحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فقد كان المشهد أشبه بكابوسٍ يُعاد بثه من جديد؛ فاستقبال رسمي لبوتين في الولايات المتحدة، كان بمثابة صورة أثارت صدمة بين الأوكرانيين الذين يعانون تحت نيران الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

بوتين الأقوى

قال مايكل بوتشيوركيو، محلل الشؤون العالمية وكبير زملاء المجلس الأطلسي، وفق شبكة CNN، إن القمة التي عُقدت في ألاسكا "بدت مواتية للكرملين على الرغم من كونها تحت السيطرة الكاملة للبيت الأبيض".

وأضاف: "لقد كان هناك وضع تحت سيطرة البيت الأبيض بالكامل، ولكن مع ذلك بدا الأمر كما لو كان مكتوبًا من قِبل الكرملين من البداية إلى النهاية، وخاصة المؤتمر الصحفي المزعوم هناك".

عكست تصريحات بوتشيوركيو الانطباع العام بأن بوتين خرج من اللقاء أقوى سياسيًا، بعد استقبال بروتوكولي أعاد تقديمه للعالم كزعيمٍ يمكن مصافحته، فيما بدا أن ترامب اكتفى بمحاولة صياغة "اتفاق سلام مباشر" بدلًا من وقف إطلاق النار.

"فخ جديد" لزيلينسكي

في مداخلته على شبكة CNN، أبدى بوتشيوركيو قلقه من مستقبل المفاوضات، قائلًا إنه يشعر بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "يقع في فخ آخر".

وأوضح: "أما فيما يتعلق بما سيحدث يوم الاثنين، فأنا متوتر للغاية بشأنه، لدي شعور داخلي يا فيكتور، بأن زيلينسكي يُدفع نحو صفقة غير مواتية".

كان الرئيس الأمريكي أكد أنه سيلتقي زيلينسكي في المكتب البيضاوي، بعد ظهر الاثنين، في أعقاب محادثة وُصفت بـ"الطويلة والموضوعية" بينهما، أعقبت قمة ترامب-بوتين.

وفي تحول مثير، أعلن ترامب أنه يرى التوجه مباشرة إلى "اتفاق سلام" بين روسيا وأوكرانيا أفضل من البدء بوقف إطلاق النار، هذا التغيير أثار دهشة الأوكرانيين وحلفائهم الأوروبيين الذين ظلوا، حتى وقت قريب، يضغطون من أجل هدنة مؤقتة قبل أي مفاوضات سياسية.

وقال ترامب، بحسب CNN: "لقد قرر الجميع أن أفضل طريقة لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هي الذهاب مباشرة إلى اتفاق سلام، وليس مجرد اتفاق وقف إطلاق النار الذي غالبًا ما يفشل".

ردود غاضبة

أثارت نتائج قمة ألاسكا ردود فعل متباينة بين القادة الأوروبيين، إذ قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على منصة "إكس": "نعمل مع زيلينسكي والولايات المتحدة للتوصل إلى سلام عادل ودائم. الضمانات الأمنية القوية ضرورية".

بينما صرّح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قائلًا: "أرحب بانفتاح الولايات المتحدة وأوروبا على تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا"، كذلك كتب السفير الألماني السابق لدى الولايات المتحدة فولفجانج إيشنجر: "ألاسكا: بوتين خرج منتصرًا، لا وقف لإطلاق النار، لا سلام، لا عقوبات جديدة. تفوق واضح لبوتين".

وفي كييف، كان الغضب عارمًا، حيث قالت كريستينا هافريش وفق شبكة CNN: "من المحزن والمثير للاشمئزاز أن يسير بوتين على السجادة الحمراء مبتسمًا، لا بد أن مشاهدة ذلك كانت صعبة للغاية على جميع الأوكرانيين".

وقال أوليكساندر ميريزكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، لوكالة "رويترز" إن "ترامب تبنى موقف بوتين"، وشرح أن "اتفاق السلام وفق رؤية بوتين يعني حرمان أوكرانيا من الانضمام للناتو، وفرض اللغة الروسية، ونزع السلاح".

بينما شدّد سيرهي ليشينكو، مستشار رئيس أركان زيلينسكي، على أن التفاوض قبل وقف إطلاق النار "يعرّض أوكرانيا لخطر ابتزاز كبير".

قلق أوكراني

النائبة الأوكرانية إينا سوفسون وصفت ما جرى بأنه "إهانة للأوكرانيين"، مؤكدة في حديثها لـCNN أن تقارب ترامب وبوتين "احتمال مخيف للغاية"، وأضافت: "بينما التقى ترامب بزيلينسكي وكأنه يلتقي بالعدو، كان لقاؤه مع بوتين مختلفًا تمامًا".

في خلفية القمة، يلوح جدل روسي بشأن شرعية الرئيس الأوكراني، إذ استغل بوتين إلغاء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا ليشكك في مشروعية زيلينسكي. وقال ساخرًا: "مع مَن نتفاوض؟.. شرعية رئيس الدولة الحالي انتهت".

ويرى الدبلوماسي الروسي السابق بوريس بونداريف، في تصريحات مكتوبة لـCNN، أن بوتين سيقبل الاجتماع إذا كان سيحقق "السلام بشروطه".

الأطلسي هو الحل

قال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيا، في تصريحات نُشرت على "إكس" بعد القمة، إن "على بوتين أن يفهم عواقب إطالة أمد الحرب"، وأكد أن "الوحدة عبر الأطلسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام والأمن الدائمين".

كما أشاد بالإشارات الأمريكية حول "الضمانات الأمنية" واستعداد ترامب لعقد اجتماع ثلاثي، لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن روسيا تواصل "الكذب ونكث الوعود".

رغم انعقاد القمة، لم يتوقف القتال على الأرض، وأعلنت هيئة الأركان الأوكرانية "وقف تقدم العدو وقتل نحو 300 جندي روسي"، كما أطلق الروس 85 طائرة مسيّرة وصاروخًا باليستيًا خلال الليل، أسفرت هجماتهم عن مقتل 4 أشخاص.

قمة ألاسكا التي وصفتها CNN بأنها "مسرح بدا مكتوبًا بقلم الكرملين"، لم تضع حدًا للحرب الأوكرانية، لكنها كشفت مسارًا جديدًا للدبلوماسية الأمريكية في عهد ترامب. فبينما يرى البعض أن "اتفاق السلام المباشر" قد يكون طريقًا لإنهاء الصراع، يحذر الأوكرانيون من أن ذلك لا يعدو كونه فخًا روسيًا جديدًا.