أعلنت إسرائيل، أمس الخميس، أنها تمضي قدمًا في خططها المثيرة للجدل لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية المحتلة، وهو مشروع استيطاني وصفه وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأنه "سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد".
وأكد سموتريتش، أن ما أسعد حركة الاستيطان الإسرائيلية، وأثار استياء الفلسطينيين ومراقبي الاستيطان، أن حكومته تعيد إحياء مشروع متعثر منذ فترة طويلة شرق القدس المحتلة، ومن المتوقع الموافقة عليه الأسبوع المقبل.
مشروع "إيه وان"
سيربط مشروع "إيه وان" الاستيطاني، الذي جمد لعقود بسبب المعارضة الدولية الشديدة، القدس المحتلة بمستوطنة معاليه أدوميم، مما يجعل إقامة عاصمة فلسطينية مستقبلية في القدس الشرقية المحتلة أمرًا شبه مستحيل، كما سيقسم الضفة الغربية إلى نصفين، ما يمنع إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
وأعلن سموتريتش، أمس الخميس، عن الموافقة المرتقبة على بناء 3401 وحدة سكنية جديدة في مؤتمر صحفي عقد في موقع البناء المخطط له. وقال سموتريتش: "سيتحدثون عن حلم فلسطيني، وسنواصل بناء واقع يهودي"، وأضاف: "هذا الواقع هو ما سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد، لأنه لا يوجد ما يستحق الاعتراف به ولا أحد يستحق الاعتراف به".
وقدم سموتريتش هذه الخطوة على أنها رد فعل إسرائيلي على الموجة الأخيرة من الدول التي أعلنت عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية.
ورفضت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضًا قاطعًا أي احتمال لقيام دولة فلسطينية، وهو موقف عززه قرار أصدره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) العام الماضي.
ومارس سموتريتش ضغوطًا متكررة على نتنياهو لضم الضفة الغربية المحتلة وتطبيق السيادة الإسرائيلية على كامل أراضيها.
واحتفل يسرائيل جانتس، رئيس المجلس الاقليمي للمستوطنات "يشع"، الذي يدافع عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان المحتلة وغزة، بهذه الخطط. وزعم جانتس: "نحن في صباح تاريخي يقربنا خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية السيادة، نحن نمارس حقنا التاريخي في أرض أجدادنا". على حد ادعائه.
قاتلة لمستقبل إسرائيل
وانتقدت منظمة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية معنية بمراقبة الاستيطان، الخطة بشدة، معتبرة إياها "قاتلة لمستقبل إسرائيل ولأي فرصة لتحقيق حل الدولتين سلميًا".
وأضافت، في بيان: "نحن نقف على حافة الهاوية، والحكومة تدفعنا للأمام بأقصى سرعة. هناك حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وللحرب المروعة في غزة- إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل- وسيأتي في النهاية، إن خطوات الضم التي اتخذتها الحكومة تبعدنا أكثر عن هذا الحل وتضمن سنوات طويلة أخرى من سفك الدماء".
وحذرت منظمة "عير عميم"، وهي منظمة إسرائيلية تراقب التطورات في القدس ومحيطها، من أن "المستوطنات اليهودية في المنطقة إيه وان، سترسخ احتلال إسرائيل للضفة الغربية بشكل دائم، مما يخلق واقعًا من الفصل العنصري، كما سيؤدي ذلك إلى تدهور سريع وحاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين، مما سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف".
غير قانونية
وتبنى إسرائيل المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، على أراض خصصتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لدولة فلسطينية. وينظر المجتمع الدولي بأكمله تقريبًا إلى توسيع المستوطنات كعقبة أمام المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ووفقًا لمنظمة "السلام الآن"، وهي منظمة تتابع نمو المشروع الاستيطاني، بلغ عدد المستوطنات في الضفة الغربية 141 مستوطنة حتى العام الماضي.
تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي. وعززت الأمم المتحدة هذا التصنيف في 2016 بقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أعلن أن المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة تشكل "انتهاكًا صارخًا" للقانون الدولي، وأنها "ليست لها أي شرعية قانونية".
لكن هذا القرار، وقرارات أخرى عديدة تعود إلى عقود مضت، لم تسهم كثيرًا في وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، الذي نما بسرعة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وخلال إدارة ترامب الأولى، عكست وزارة الخارجية السياسة الأمريكية الراسخة، وقررت أن المستوطنات "لا تتعارض" مع القانون الدولي، أما إدارة الرئيس السابق جو بايدن، فقد أبقت على هذه السياسة كما هي.
وفي أعقاب هجوم الفصائل على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023، سارعت حكومة نتنياهو بشكل كبير إلى تسريع وتيرة بناء المستوطنات.
وفي مايو، وافقت إسرائيل على أكبر توسع للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من 30 عامًا. وأعلن مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت) أنه سينشئ 22 مستوطنة جديدة.