أكد مسؤولون أمريكيون ومصادر أخرى، اليوم الثلاثاء، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تنظر في خيار تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمواد الغذائية على قطاع غزة بجدية، وذلك على الرغم من إبداء البيت الأبيض قلقه حيال المجاعة في غزة وسط الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريبًا في القطاع.
وقال مصدر لوكالة رويترز، إن إدارة ترامب تنظر إلى ذلك على أنه "خيار غير واقعي"؛ لأن عمليات الإسقاط الجوي لن تتمكن حتى من الاقتراب من تلبية احتياجات السكان البالغ عددهم 2.1 مليون فلسطيني.
يأتي ذلك خلافًا لما جرى تنفيذه في عهد الرئيس السابق جو بايدن، إذ قام الجيش الأمريكي بموجات من عمليات الإسقاط الجوي للمواد الغذائية على غزة، أوصل خلالها نحو 1220 طنًا من المساعدات.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين، طالبًا عدم الكشف عن هويته حتى يتحدث عن المداولات الداخلية لإدارة ترامب: "لم يكن الأمر جزءًا من المناقشات".
وذكر مصدر مطلع: "لم يكن الأمر مطروحًا للنقاش الجاد لأنه ليس خيارًا جادًا في هذه المرحلة".
وأضاف أن بعض المسؤولين الأمريكيين درسوا هذا الخيار في ضوء الحرب ووجدوا أنه "غير واقعي على الإطلاق".
وقال المصدر إنه ليس معروفًا إلى أي مدى يمكن أن يصل حجم الحمولات التي يمكن التعامل معها حتى إذا وافق الإسرائيليون على استخدام الولايات المتحدة للمجال الجوي.
وذكر مصدر دبلوماسي، مشترطًا عدم نشر هويته، أنه ليس على علم بأي اهتمام أمريكي بالمشاركة في جهود الإسقاط الجوي.
وقال مسؤول آخر في دولة حليفة لواشنطن تشارك في عمليات الإسقاط الجوي، إنه لم تجرِ أي محادثات مع الولايات المتحدة حول مشاركتها في هذه الجهود، حسب رويترز.
وأضاف أن الولايات المتحدة لا تقدم الدعم اللوجستي لعمليات الإسقاط التي تجريها دول أخرى.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض ردًا على طلب التعليق إن الإدارة الأمريكية منفتحة على "حلول مبتكرة" لهذه القضية.
وقال: "يدعو الرئيس ترامب إلى حلول مبتكرة لمساعدة الفلسطينيين في غزة. ونحن نرحب بأي جهد فعال يوفر الغذاء لسكان غزة ويبقيه بعيدًا عن أيدي حماس".
وبدأت إسرائيل السماح بإسقاط المواد الغذائية من الجو في أواخر يوليو، مع تصاعد القلق العالمي إزاء المعاناة الإنسانية في غزة جراء الحرب.
ضغوط على إسرائيل
يدعم ترامب جهود مؤسسة غزة الإنسانية لتوزيع المساعدات على سكان غزة، ويقول إن الولايات المتحدة ستعمل مع دول أخرى لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، بما في ذلك الغذاء ومستلزمات النظافة والصرف الصحي.
ويعبر أيضًا عن إحباطه من استمرار الصراع قائلًا إن قادة حماس ستتم الآن ملاحقتهم والقضاء عليهم.
وقال للصحفيين في 26 يوليو: "حماس لا ترغب حقًا في إبرام اتفاق، أعتقد أنهم يريدون الموت، الوضع سيئ للغاية، وصل الأمر إلى حد أنك مضطر لإنهاء المهمة".
وتواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية في القطاع وترويجها لجهود الإغاثة التي تقوم بها مؤسسة غزة الإنسانية التي تقتصر مواقع توزيعها على جنوب غزة وتصفها منظمات الإغاثة والأمم المتحدة بالخطيرة وغير الفعالة، وتنفي المؤسسة ذلك.
ومع تجاوز عدد شهداء حرب غزة المستمرة منذ قرابة العامين الستين ألف شهيد، صار عدد متزايد من الناس يموتون من الجوع وسوء التغذية، وفقًا للسُلطات الصحية في غزة.
وصدمت صور الأطفال الذين يتضورون من الجوع ضمير العالم وأججت الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب التدهور الحاد للأوضاع.
وسبق أن واجه بايدن هو الآخر ضغوطًا هائلة من أعضاء الحزب الديمقراطي؛ من أجل تخفيف وطأة المعاناة الإنسانية في غزة، وبالإضافة إلى عمليات إسقاط المساعدات الغذائية، بما في ذلك الوجبات الجاهزة، كلف بايدن الجيش الأمريكي ببناء رصيف بحري مؤقت قبالة غزة لنقل المساعدات إلى القطاع.
الرصيف، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق خلال خطاب أمام الكونجرس وبثه التلفزيون في مارس 2024، شكَّل مسعى ضخمًا وتطلب حوالي ألف جندي أمريكي لتنفيذه، إلا أن سوء الأحوال الجوية وتحديات التوزيع داخل غزة حدت من فاعلية ما يقول الجيش الأمريكي إنه كان أكبر جهد لتوصيل المساعدات على الإطلاق في الشرق الأوسط، ولم يعمل الرصيف سوى لمدة 20 يومًا تقريبًا وكلف حوالي 230 مليون دولار.