قدّم المخرج والفنان التونسي فاضل الجزيري، أمس الأحد، مسرحيته "جرانتي العزيزة" ضمن فعاليات الدورة الـ59 لمهرجان الحمامات الدولي، في عمل جمع بين السيرة الذاتية والتأمل السياسي والفني، واستعرض فيه علاقة الفن بالسياسة في تونس.
الجزيري، الذي بدا وكأنه يختار المسرح منصة لوداع جمهوره، قدّم عرضًا متقنًا امتد لساعتين، مزج بين التمثيل والموسيقى والرقص والغناء، بمشاركة نخبة من الفنانين والموسيقيين، منهم لطفي الصافي شيللو، إلياس البلاقي بيانو، مهدي ذاكر كمنجة.
العرض تناول شخصيات سياسية وثقافية بارزة في تاريخ تونس، من الرئيس الحبيب بورقيبة مرورًا بمحطات مفصلية، كما تضمن لمسات وفاء لعدد من رواد الموسيقى والمسرح.
غيّب الموت فاضل الجزيري اليوم، ليسدل الستار على مسيرة حافلة امتدت لأكثر من خمسة عقود، تاركًا إرثًا فنيًا سيظل حاضرًا في ذاكرة المسرح والسينما والموسيقى التونسية والعربية.
ولد الجزيري عام 1948، وبدأ مسيرته المسرحية في أواخر الستينيات ضمن نادي الشبيبة المدرسية بالمعهد الصادقي، قبل أن يواصل دراسته في لندن وباريس، أسس عام 1971 مهرجان المدينة وفرقة مسرح الجنوب بقفصة، وساهم في حركة اللامركزية الثقافية.
قدّم أعمالًا مسرحية بارزة مع فرقة "المسرح الجديد" مثل "الكريطة" و"العرس" و"الورثة" و"التحقيق" و"غسالة النوادر"، وأنتج عروضًا موسيقية جماهيرية مثل "النوبة" و"الحضرة" و"نجوم"، وترك بصمة سينمائية من خلال أفلام "العرس"، "عرب"، "ثلاثون" و"خسوف".
في عام 2022، أسس مركز الفنون بجزيرة جربة، تحقيقًا لرؤيته في نشر الثقافة والفن خارج المركزية.
نعت إدارة مهرجان الحمامات الدولي الراحل الكبير، مؤكدين أن أعماله ستظل منارة للإبداع وذاكرة ثقافية حية.