الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"سجل أنا عربي".. صوت محمود درويش الحاضر دائما في القضية الفلسطينية

  • مشاركة :
post-title
الشاعر محمود درويش

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

في التاسع من أغسطس من كل عام، يتجدد اللقاء مع ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي رحل عن عالمنا عام 2008، لكنَّه ظل حاضرًا في القلوب وصفحات الشعر العربي والعالمي، لأنه كان صوتًا إنسانيًا وقوميًا يختزن حكاية شعبه، ويعبر عن معاناة الفلسطينيين بقصائد تحلق في فضاء الحرية.

الروائية د. عزة بدر ترى أن "درويش" جعل من الوطن بطلًا دائم الحضور في نصوصه، ليس كرمز جامد، بل ككائن حي يتنفس عبر الصور الشعرية، ووصفته الروائية بأنه شاعر استطاع أن يمزج بين التراث العربي والحداثة الشعرية، محافظًا على الحس الإنساني بعيدًا عن الخطابية.

وأكدت لبرنامج "صباح جديد"، الذي يعرض على شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن محطات حياته كانت بمثابة روافد لتجربته، بدءًا من قريته البروة في الجليل، مرورًا بموسكو حيث درس لفترة، وصولًا إلى القاهرة التي عمل فيها بمؤسسات إعلامية عريقة كمجلة "المصور" وصحيفة "الأهرام"، وهناك التقى بكبار الأدباء مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم.

ولد درويش في 13 مارس 1941، وشهد النكبة طفلًا، فلجأ مع عائلته إلى لبنان قبل أن يعود متسللًا إلى فلسطين ليعيش سنوات بلا جنسية. وفي المدرسة، أظهر نبوغًا مبكرًا في اللغة، وكتب أولى قصائده في سن صغيرة.

في بيروت، عاش تجربة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وهي لحظة مفصلية انعكست بوضوح في شعره ومقالاته، وتقول بدر إن كتابها "وطن في شاعر" يسلط الضوء على قدرته في تصوير غزة، إذ صاغ صمودها رغم الحصار كلوحة شعرية تمزج الألم بالأمل، لتصبح قصائده فعل مقاومة بحد ذاته.

وأكدت أن كتابها يعكس رصدًا دقيقًا لمسيرته الشعرية التي حملت بُعدًا إنسانيًا عميقًا لقضية فلسطين، مشيرة إلى أن أشعاره تنادي بالرفض المستمر للاحتلال والظلم، وتبرز المعاناة اليومية لأهل غزة، معتبرة أن صموده وصمود غزة في قصائده يمثل أسلوبًا مميزًا في إعلان جدارتها بالحياة والكرامة رغم كل التحديات والمآسي التي تواجهها.

الشاعر محمود درويش
دواوين محمود درويش

الشاعر الذي بدأ رحلته بـ"عصافير بلا أجنحة" عام 1960 وهو في مقتبل العمر، أصدر أكثر من 30 ديوانًا شعريًا، تنوعت بين الرومانسية والوطنية والفلسفية، ومن أبرز أشعاره "سجل أنا عربي"، و"جدارية"، و"عاشق من فلسطين"، و"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، بينما كان آخر دواوينه "لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي" الذي نُشِر بعد وفاته عام 2009، وفيه قصيدته الشهيرة "لاعب النرد" التي ألقاها في أمسيته الأخيرة برام الله.

تعرض محمود درويش للاعتقال عدة مرات منذ بداية الستينيات بسبب قصائده ومواقفه السياسية، وفي 1972 غادر إلى القاهرة، ثم استقر في بيروت حيث ترأس تحرير مجلة "شؤون فلسطينية" وأسس لاحقًا مجلة "الكرمل"، وظل وفيًا لقضيته، حتى إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاق أوسلو عام 1993.

أسهم محمود درويش في تطوير الشعر العربي الحديث، فمزج بين إيقاع القصيدة العمودية وحرية التفعيلة، واستفاد من الرمزية ليمنح نصوصه أبعادًا متعددة، قادرة على ملامسة وجدان القارئ أينما كان، حسبما قال الشاعر اللبناني عبده وازن في كتابه "محمود درويش الغريب يقع على نفسه.. قراءة في أعماله الجديدة"، كما صاغ الشاعر الراحل وثيقة الاستقلال الوطني الفلسطيني التي أعلنتها منظمة التحرير عام 1988 في الجزائر.

توفي درويش إثر مضاعفات عملية قلب مفتوح عام 2008، ودفن في رام الله، حيث صار قبره مزارًا لعشاق الشعر من مختلف أنحاء العالم، ومع مرور 17 عامًا على رحيله، يبقى شعره شاهدًا على أن الكلمة يمكن أن تكون جسرًا بين الألم والأمل، وتبقى قصائده صامدة أمام العدوان الإسرائيلي تعطي الأجيال الجديدة حافزًا لمواصلة النضال.