تعاني منطقة الساحل الإفريقي مجموعة من التحديات المعقدة، تتنوع بين انعدام الأمن الغذائي وتأثير المناخ والنزاعات المسلحة، في الوقت الذي تنتشر فيه العديد من الأمراض والأوبئة، ومنها الملاريا والكوليرا، حيث تؤدي الفيضانات والجفاف وموجات الحر المدمرة، إلى صعوبة إمكانية الوصول إلى المياه والغذاء، مما يؤثر على مواجهة الأمراض المنتشرة.
حيث يؤدي الانتشار الكبير للأمراض المعدية، بما في ذلك كوفيد-19 والملاريا وغيرهما، إلى جانب التحديات من حيث توافر الرعاية الصحية والقدرة على تحمل تكاليفها والوصول إليها، إلى خلق بيئة صحية متوترة وغير مستقرة، وفق تقرير المنظمة الأممية.
كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة UNDOC استغلال العصابات الأوضاع الهشة في المنطقة والاتجار في الأدوية والأدوات الطبية وتهريبها عبر الحدود.
ووفق التقرير الأممي بين يناير 2017 وديسمبر 2021، تم ضبط ما لا يقل عن 605 أطنان من المنتجات الطبية، من أدوية ومعدات في غرب إفريقيا خلال العمليات الدولية.
وأكد التقرير الأممي أن الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة لها دور بالاتجار بالمنتجات الطبية في منطقة الساحل، وأنه في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، هناك ما يصل إلى 267000 حالة وفاة سنويًا مُرتبطة بأدوية مضادة للملاريا مزيفة ودون المستوى المطلوب، بالإضافة إلى ذلك، هناك ما يصل إلى 169،271 مرتبطًا بالمضادات الحيوية المزيفة وغير القياسية المستخدمة لعلاج الالتهاب الرئوي الحاد عند الأطفال.
وقال التقرير الأممي "إنه لا توجد تقديرات موثوقة للكميات الإجمالية للمنتجات الطبية التي يتم الاتجار بها بطرق وأشكال مختلفة في بلدان الساحل"، فيما تشير الدراسات إلى أن هناك كميات من الأدوية دون المستوى المطلوب والمغشوشة في السوق الطبية، إذ تم اكتشاف حوالي 40 في المائة من المنتجات الطبية المتدنية الجودة والمغشوشة المبلغ عنها في بلدان الساحل بين عامي 2013 و2021 في سلسلة التوريد الخاضعة للتنظيم.
كما كشف التقرير عن وجود بعض المنتجات الطبية المصنعة بطريقة غير مشروعة في منافذ الأدوية المعتمدة، ما يثير القلق حول مدى ترابط سلاسل التوريد المنظمة (القانونية) وغير المنظمة (غير المشروعة).
التقرير لفت إلى أن دول الساحل الإفريقي تعتمد بشكل كبير على واردات المنتجات الطبية؛ لأن صناعاتها الصيدلانية لا تزال في المراحل الأولى من التطور، وأنه من إجمالي الإنفاق على المستحضرات الصيدلانية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 2019، مثلت الواردات ما يصل إلى 70 إلى 90 في المائة (حوالي 14 مليار دولار أمريكي).
وأشار التقرير إلى أنه غالبًا ما تنشأ المنتجات الطبية المحولة من سلسلة التوريد القانونية في البلدان المصدرة الرئيسية للمنتجات الطبية، إلى دول الساحل ومنها بلجيكا وفرنسا، والصين والهند.
وذكر التقرير أن الموانئ البحرية من النقاط الرئيسية لدخول المنتجات الطبية إلى دول الساحل، ومنها خليج غينيا وكوناكري (غينيا) وتيما (غانا) ولومي (توجو) وكوتونو (بنين) وأبابا في (نيجيريا).
وكشف التقرير عن أنه يتم استخدام التهريب عن طريق الجو، باستخدام الشحنات البريدية أو من قبل المسافرين الجويين التجاريين، لتهريب كميات أقل من المنتجات الطبية، بمجرد وصول المنتجات الطبية المهربة إلى غرب إفريقيا، تصل إلى دول الساحل من خلال المهربين الذين يتبعون طرق التهريب التقليدية باستخدام الحافلات والشاحنات والسيارات الخاصة.
وأضاف التقرير أنه كشفت التحقيقات عن تورط مجموعة واسعة من الفاعلين الانتهازيين في الاتجار بالمنتجات الطبية في دول الساحل، من موظفي شركات الأدوية والمسؤولين العموميين وموظفي إنفاذ القانون والعاملين في الوكالات الصحية إلى الباعة المتجولين، وكل ذلك بدافع من المكاسب المالية المحتملة.