الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غرب إفريقيا.. بؤرة جديدة لصراع النفوذ بين واشنطن وموسكو

  • مشاركة :
post-title
متظاهر يحمل العلم الروسي في بانجي بجمهورية إفريقيا الوسطى

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

تتنافس روسيا والولايات المتحدة على النفوذ في غرب إفريقيا، إذ عززت موسكو شراكاتها مع دول المنطقة، وتتطلع إلى التوسع هناك، حسبما أشار تحليل أجراه مشروع التهديدات الحرجة في معهد "أمريكان إنتربرايز".

وقال تحليل المشروع، إن روسيا عززت شراكاتها مع تحالف دول الساحل "مالي والنيجر وبوركينا فاسو"، وتتطلع الآن إلى دولة توجو الساحلية للوصول إلى الموانئ الأطلسية، لمساعدة شبكتها اللوجستية من حلفائها من الدول غير الساحلية.

لكن هذا النفوذ الروسي المتزايد في توجو يهدد الشراكة الأمريكية مع البلاد، التي تتطلع إلى جانب جيرانها لعقد صفقات مع موسكو وواشنطن.

وقال ليام كار، قائد فريق إفريقيا لمشروع التهديدات الحرجة، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية: "روسيا ستحل محل الوجود والنفوذ الغربي بأي طريقة ممكنة".

فيلق إفريقيا الروسي

تركت شركة "فاجنر" العسكرية الخاصة بصمة قوية لموسكو في إفريقيا، وأُعيد تشكيلها منذ وفاة مؤسسها يفجيني بريجوزين، عام 2023، من خلال فيلق إفريقيا الروسي.

وأفاد مشروع التهديدات الحرجة، بأنه من المرجح أن يسعى مسؤولو الدفاع الروس إلى توسيع حضور موسكو في النيجر، إذ أبرمت موسكو صفقات في مجال التعاون النووي واستخراج اليورانيوم والليثيوم. كما تم الاتفاق على صفقات في مجال الموارد المعدنية بين موسكو ومالي.

وقال "كار"، إن فيلق إفريقيا لديه نحو 2000 فرد في مالي، ونحو 200 في بوركينا فاسو. وإنهاء الحرب بأوكرانيا، الذي التزمت به إدارة ترامب، قد يدفع موسكو إلى إرسال قوات من أوكرانيا إلى غرب إفريقيا، لتعزيز وجودها هناك".

من غينيا إلى توجو

كانت روسيا تعتمد على ميناء كوناكري في غينيا لنقل شحنات كبيرة من المعدات العسكرية إلى منطقة الساحل. وصادقت روسيا على اتفاقية تعاون عسكري مع توجو، 22 يوليو، ما يسهل التدريبات العسكرية المشتركة وتبادل الأسلحة والمعدات.

وحسب مشروع التهديدات الحرجة، ربما تريد موسكو انضمام توجو إلى تحالف دول الساحل لمواجهة النفوذ الغربي في المنطقة وربما ترغب في استخدام الدولة الواقعة بغرب إفريقيا لإظهار قوتها البحرية في المحيط الأطلسي، ما يهدد جناح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

وقوبل هذا الشعور بالمثل من وزير خارجية توجو، روبرت دوسي، الذي دعا الشهر الماضي، إلى تعزيز التعاون الدفاعي والأمني مع واشنطن. كما أعرب رئيس أركان جيش بنين عن رأي مماثل، أبريل الماضي.

أمريكا ودول الساحل

وفي هذا العام، حاولت الولايات المتحدة إعادة التواصل مع تحالف دول الساحل من خلال لقاء نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية ويل ستيفنز، مع مسؤولين إقليميين.

في مايو الماضي، قدمت السفيرة الأمريكية لدى النيجر، كاثلين فيتزجيبون، أوراق اعتمادها إلى زعيم المجلس العسكري عبدالرحمن تياني، لأول مرة منذ توليه السلطة، عام 2023. وسلمت الولايات المتحدة قواعدها في مدينتي أغاديز وبالقرب من نيامي، سبتمبر 2024.

وقال أولايينكا أجالا، الخبير في شؤون غرب إفريقيا، الأستاذ المشارك في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة ليدز بيكيت، لـ"نيوزويك": "على المدى القصير، تحاول روسيا ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. لكن غرب إفريقيا والقارة ككل تشكل خطة متوسطة إلى طويلة الأجل بالنسبة لروسيا".

وبعد أن نجحت روسيا في تعزيز قدراتها الصناعية العسكرية إلى أعلى مستوى لها، بسبب الحرب في أوكرانيا، تستعد الآن للحياة بعد الحرب. 

وأضاف "أجالا": "عندما تنتهي الحرب، فإنهم سيحتاجون إلى أماكن لإرسال هذه الأسلحة إليها، وإلى دول لبيع الأسلحة إليها، وهم يضعون الأساس لذلك الآن".

ميزة روسية

وتشير "نيوزويك" إلى أن روسيا تتمتع بميزة على الولايات المتحدة في المنطقة، نظرًا للقوانين الأمريكية التي تقيد المساعدات الدفاعية لدول الساحل ذات السجلات الديمقراطية وحقوق الإنسان الضعيفة.

وصرّحت وزارة الخارجية الأمريكية، بأن واشنطن تتعاون مع دول الساحل في غرب إفريقيا "بنهج عملي يركز على تعزيز أولويات سياستها الخارجية". ويشمل ذلك أولويات استراتيجية لمكافحة الإرهاب للحد من التهديدات التي يتعرض لها الأفراد والمصالح الأمريكية.

وأضاف البيان المرسل إلى نيوزويك، أن "الولايات المتحدة ستواصل التعاون الاستراتيجي مع الحكومات في المنطقة بشأن جهود مكافحة الإرهاب التي تعزز المصالح الأمريكية".

وبينما تحاول الولايات المتحدة ممارسة نفوذها في المنطقة، فمن المرجح أن تعمل موسكو على تقويض هذه الجهود من خلال الحملات الإعلامية وحشد أعضاء المجتمع المدني الموالي لروسيا كما فعلت في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وقال كار: "الكثير من هذه الدول تعتقد أنها قادرة على بناء شراكات مع كل من روسيا والولايات المتحدة. فالولايات المتحدة قادرة على منافسة روسيا وجهًا لوجه، ولديها الكثير لتقدمه".

وأضاف: "في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، يعد الوجود الروسي أكثر رسوخًا من الوجود الأمريكي، بينما في غرب إفريقيا الساحلية، لطالما كانت الولايات المتحدة شريكة لهذه الدول. ستسعى هذه الدول إلى تحقيق التوازن بين الجانبين، والحصول على أفضل الصفقات".