الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أنغام.. صوت استثنائي يُغني للحياة رغم الألم

  • مشاركة :
post-title
أنغام

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

في زمن يتبدّل فيه الذوق ويتقلب فيه مزاج الساحة الغنائية، ظلت أنغام ثابتة كعلامة جودة، تضع توقيعها الخاص على كل نغمة، وتمنح الأغنية العربية بُعدًا إنسانيًا يتجاوز حدود الزمان والمكان عبر صوتها، الذي ليس مجرد خامة ناعمة، بل رسالة فنية تحمل في طيّاتها وجعًا وصدقًا وتجددًا لا يتوقف.

واليوم، بينما تخوض رحلة علاج دقيقة في ألمانيا بعد إصابتها بمرض في البنكرياس، يزداد تعلق الجمهور بها وتتصاعد الدعوات بالشفاء، وكأن صوتها أصبح مرآة لقلوب عشاقها الذين تربوا على موسيقاها وشهدوا تحولات حياتهم على وقع أغانيها.

رغم معاناتها من أزمة صحية دقيقة، أطلت النجمة أنغام على جمهورها بكل قوة وإصرار، خلال حفلها الأخير الذي أُقيم في المتحف المصري، حيث قدمت مجموعة من أغنياتها وسط تفاعل كبير من الحضور، في مشهد عكس تمسكها بالحياة والفن، رغم ما تمر به من ظروف صحية صعبة.

ورغم الألم، اختارت أنغام أن تواجه الموقف بالغناء، موجهة رسالة غير مباشرة عن قوة الإرادة وأهمية التمسك بالأمل، لتبقى كما اعتادها جمهورها رمزًا للفن الراقي والروح القوية.

موهبة مبكرة 

كانت الأسرة بوابة تعارف أنغام على الفن، إذ إن والدها الموسيقار محمد علي وعمها المطرب الراحل عماد عبدالحليم، وهو ما مهّد لها طريقًا استثنائيًا في عالم الغناء منذ الصغر، لتُعتمد، في سن الـ14، مطربة رسمية في الإذاعة والتلفزيون المصري، ثم بدأت رحلتها المهنية بثبات ونضج يسبق عمرها.

أنغام في مرحلة الشباب برفقة والدها الموسيقار محمد علي
نقطة الانطلاق

عام 1987، أطلقت أنغام أول ألبوماتها "الركن البعيد الهادي"، الذي حمل توقيع والدها على كل ألحانه، ورغم أنه أول ألبوم إلا أنه عكس حسًا فنيًا عاليًا، جذب انتباه الجمهور والنقاد على السواء.

وبعد انطلاقتها، أصدرت أنغام ألبوم "أول جواب" في العام نفسه، لتؤكد أنها ليست عابرة في عالم الطرب، بل مشروع فنانة تمتلك رؤيتها الخاصة.

لم تركن أنغام إلى نجاحها المبكر، بل خاضت رحلة تطور موسيقي طويل، شملت إصدار 27 ألبومًا على مدار أكثر من 35 عامًا من العمل الفني المتواصل، آخرها ألبوم "تيجي نسيب" الذي صدر في 2024، وكشفت عنه في عرض خاص داخل قاعة سينما، في تجربة تسويقية غير مسبوقة لسوق الألبومات العربية، فتحت الباب أمام فنانين آخرين لتجريب هذا النمط التفاعلي في تقديم أعمالهم.

إحساس يتجاوز اللهجة

لم تقف تجربة أنغام الغنائية عند حدود اللهجة المصرية، بل امتدت إلى الأغنية الخليجية التي أدتها بإتقان نادر، ونالت شهرة واسعة في الخليج وقدمت عشرات الحفلات لتكون سفيرة مصر بصوتها، لم تكن تجربتها سطحية أو تجارية، بل عبّرت خلالها عن احترامها الكامل لتراث الخليج الموسيقي، وقدّمت أعمالًا باتت من علامات هذا اللون.

وجه آخر

رغم أن الغناء ظل عشقها الأول، فإن أنغام خاضت تجارب ناجحة في مجالي التمثيل والتقديم، بدأت مشوارها التمثيلي عام 1985 بفيلم "مقص عم نبيل"، ثم قدّمت مسرحية "رصاصة في القلب"، وفي عام 2013 لعبت بطولة مسلسل "في غمضة عين" إلى جانب داليا البحيري. 

وفي عام 2022، جلست على كرسي المذيع من خلال برنامج "أنغام" على قناة DMC المصرية، الذي استضافت خلاله نخبة من نجوم الغناء في حوارات موسيقية راقية جمعت بين الود والعمق.

ومنذ بدايتها، بنت أنغام علاقتها بالجمهور على ركيزتين: الصدق والاحترام. لم تركض وراء "التريند"، ولم تغامر بصوتها في اختيارات سطحية، ظلت تختار أغنياتها بعناية، وتحرص على تقديم أعمال تليق بتاريخها وتُضيف لمستقبلها، وهذا ما جعلها تحافظ على مكانة فريدة وسط تحولات سريعة في المشهد الغنائي.

بينما تخوض أنغام الآن رحلة علاج، يثبت جمهورها من جديد أن العلاقة بين الفنان الحقيقي ومحبيه تتجاوز المسارح والإصدارات، دعوات لا تنقطع عبر وسائل التواصل، ورسائل حب وامتنان من كل مكان، تؤكد أن أنغام ليست مجرد مطربة، بل صوت يبعث الأمل، ويُغني للحياة رغم الألم.