بعد ما يقرب من 9 سنوات على خروج بريطانيا، من الاتحاد الأوروبي، بعد التصويت الشهير في عام 2016، فتح الاتفاق الأوروبي مع الولايات المتحدة الأمريكية على الرسوم الجمركية باب التساؤل حول مدى صحة قرار لندن بعد أن حققت تفاوضًا أفضل مع دونالد ترامب من الاتحاد الأوروبي.
تشير الأرقام إلى أن الاتحاد الأوروبي حقق نتائج أسوأ من بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي في مفاوضات اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، ويتفاخر مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست"، بـما وصفوه بـ"كارثة" ترامب التجارية مع الاتحاد الأوروبي، بحسب صحيفة "بولتيكو" الأمريكية.
وقال دومينيك كامينجز، المساعد السابق لرئيس الوزراء السابق بوريس جونسون الذي خطط لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست": "بفضل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبحنا خارج هذه الكارثة المهينة للاتحاد الأوروبي والعديد من الكوارث الأخرى التي ستأتي".
وقد يعكس عدم إشادة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية التي تفاوضت على اتفاقية التجارة التي توصلت إليها بروكسل مع ترامب في ملعبه للجولف في تيرنبيري بأسكتلندا، الأحد الماضي، مكتفية بالقول إنها تخلق حالة من اليقين في أوقاتٍ يسودها عدم اليقين".
وأظهرت الأرقام الأولية أن الاتحاد الأوروبي، بفرضه تعريفة جمركية أساسية بنسبة 15% على صادراته إلى الولايات المتحدة، قد حقق نتيجة أسوأ من بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، التي تفاوضت على معدل تعريفة جمركية أقل بنسبة 10% على السلع المباعة في السوق الأمريكية.
قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو إن الاتفاق يُمثل "يومًا أسود"، مُعربًا عن أسفه لاستسلام المفوضية، في ظل الشكوى من أن الاتحاد الأوروبي لم يُكافح بقوة كافية، وكان عليه أن يردّ على تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية لإظهار القوة التي قد يحترمها.
عل الجانب الألماني رفض فريدريش ميرز، المستشار الألماني، دعوات التوصل إلى اتفاق سريع، رافضًا تعريض اقتصاده، الذي يعتمد بشكل كبير على الصناعات التحويلية، للخطر في حرب تجارية عبر الأطلسي، وقال في بروكسل قبل شهر: "دعونا نجد حلًا سريعًا".
من جانبه قال براندو بينيفي، النائب الإيطالي في البرلمان الأوروبي ورئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع الولايات المتحدة: "يبدو أن ظروفنا أسوأ من ظروف المملكة المتحدة، وهذه ليست بداية جيدة".
كانت حكومة حزب العمال بزعامة كير ستارمر دبلوماسية في لهجتها، لكنها كانت واضحة في العلن في أن حرية المملكة المتحدة في السير في طريقها خارج مدار التجارة مع الاتحاد الأوروبي كانت ميزة كبيرة عند التفاوض مع ترامب.
السؤال الذي لا يريد مسؤولو الاتحاد الأوروبي طرحه هو ما إذا كانت حملة ترامب التجارية عبر الأطلسي هي اللحظة التي تؤتي فيها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثمارها أخيرًا.
لكن الدبلوماسيين الأوروبيين يردون بشكل خاص بأنه من غير المرجح أن يكون هناك أي اقتصادي على قيد الحياة يدعي أن التوصل إلى اتفاق أفضل قليلًا بشأن التعريفات الجمركية مع ترامب من شأنه أن يعوض عن الدمار الطويل الأمد الذي أحدثه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي للاقتصاد البريطاني.
رغم أن حرية المملكة المتحدة في إبرام اتفاقيتها التجارية الخاصة مع أمريكا قد وضعت كير ستارمر في موقف يسمح له بتحقيق فوز سهل على الاتحاد الأوروبي، إلا أن حكومته لا تتفاخر بذلك.
وبحسب المتنبئين المستقلين في وزارة الخزانة البريطانية، مكتب مسؤولية الميزانية، فإن الخروج من الاتحاد الأوروبي سوف يؤدي إلى خفض الإنتاجية على المدى الطويل بنسبة 4%، في حين ستكون الصادرات والواردات أقل بنحو 15% عما كانت عليه لو بقيت المملكة المتحدة داخل الكتلة.
ولكن في أوروبا، دفعت اتفاقية التجارة غير المريحة التي أبرمتها الولايات المتحدة البعض إلى إعادة النظر في انتقاداتهم لجهود بريطانيا.
كانت المحادثات الأمريكية قد سارت على نحوٍ سيء للغاية، لدرجة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أقرّ خلال قمة الشهر الماضي بقبوله تعريفة جمركية بنسبة 10%، على غرار التعريفات البريطانية، إذا كان ذلك أفضل ما قد يقدمه ترامب. ولكن، بينما كان ماكرون يُفضّل الانتظار لتأمين شروط أفضل، لم يتوقع، على الأقل علنًا، الحصول على صفقة أسوأ من الصفقة البريطانية.