الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تايلاند وكمبوديا.. الميزان العسكري يرجح كفة حليف واشنطن على صديق الصين

  • مشاركة :
post-title
أفراد من القوات الأمريكية يشاركون في عرض جوي بتايلاند

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

الصراع المميت على الحدود التايلاندية الكمبودية يضع حليفًا قديمًا للولايات المتحدة يتمتع بعقود من الخبرة ضد قوة مسلحة حديثة العهد نسبيًا، ولها علاقات وثيقة مع الصين، وفق شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

تتقاتل بانكوك وبنوم بنه على أراضٍ متنازع عليها منذ أن رسمت فرنسا الحدود بينهما قبل أكثر من قرن، كقوة استعمارية آنذاك.

واستمرت الاشتباكات حتى اليوم السبت، وفقًا لمسؤولين من كلا الجانبين، وأفادت التقارير بمقتل أكثر من 12 شخصًا وإصابة العشرات، وإجلاء أكثر من 150 ألف مدني منذ بدء القتال أمس الأول الخميس.

الأرقام في صالح تايلاند

يتفوق الجيش التايلاندي على نظيره الكمبودي من جهة الأفراد والتسليح، إذ يبلغ إجمالي عدد أفراده النشطين 361 ألف فرد، موزعين على جميع فروع الجيش في المملكة، وهو ثلاثة أضعاف عدد أفراد جيش كمبوديا، ويمتلك هؤلاء الجنود أسلحة لا يحلم بها نظراؤهم الكمبوديون.

وفي تقريره الذي حمل عنوان "التوازن العسكري 2025" حول القوات المسلحة في العالم، كتب المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "تتمتع تايلاند بجيش كبير وممول جيدًا، وقواتها الجوية هي واحدة من أفضل القوات المجهزة والتدريبية في جنوب شرق آسيا".

وفي الوقت نفسه، وضع تصنيف معهد "لووي" للقدرات العسكرية لـ27 دولة إقليمية لعام 2024 تايلاند في المرتبة الرابعة عشرة، بينما احتلت كمبوديا المرتبة الثالثة والعشرين.

ربما كان هذا التفاوت متوقعًا، نظرًا لأن عدد سكان تايلاند يفوق عدد سكان كمبوديا بأربعة أضعاف، وناتجها المحلي الإجمالي يفوقها بأكثر من عشرة أضعاف.

وعلى عكس كمبوديا ولاوس وفيتنام، نجت تايلاند من ويلات الحروب التي اجتاحت المنطقة في النصف الثاني من القرن العشرين، ومن الاستعمار الأوروبي الذي سبقها.

وبشكل عام، ومع مراعاة العوامل بما في ذلك القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية في مؤشر "لووي" للقوة الآسيوية، تحتل تايلاند المرتبة العاشرة، وتعد قوة متوسطة، خلف إندونيسيا مباشرة، لكنها متقدمة على دول بما في ذلك ماليزيا وفيتنام.

ويصنف "لووي" كمبوديا كقوة صغيرة في آسيا، في مجموعة من البلدان مثل بنجلاديش وسريلانكا ولاوس.

الدعم الأمريكي لتايلاند

تعد تايلاند حليفًا للولايات المتحدة بموجب معاهدة، وهو وضع يعود تاريخه إلى توقيع معاهدة الدفاع الجماعي لجنوب شرق آسيا في عام 1954، المعروفة أيضًا باسم "ميثاق مانيلا"، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.

خلال حرب فيتنام، استضافت تايلاند أصولًا تابعة للقوات الجوية الأمريكية في بعض القواعد الجوية، بما في ذلك قاذفات بي-52، وقاتل عشرات الآلاف من الجنود التايلانديين إلى جانب فيتنام الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة ضد الشمال الشيوعي.

استمرت العلاقات القوية بين واشنطن وبانكوك، وتصنف تايلاند حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو) لدى الولايات المتحدة، ما يمنحها مزايا خاصة مكنتها من الاستفادة من عقود من الدعم الأمريكي لبرامجها التسليحية.

تستضيف تايلاند والقيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ مناورات "كوبرا جولد" العسكرية السنوية، والتي بدأت عام 1982 كتدريبات مشتركة مع الولايات المتحدة، والتي انضم إليها منذ ذلك الحين عشرات المشاركين الآخرين. وتُعدّ هذه المناورة أطول مناورات عسكرية دولية في العالم، وفقًا للجيش الأمريكي.

إضافة إلى مناورات "كوبرا جولد"، تجري القوات التايلاندية والأمريكية أكثر من 60 تدريبًا معًا، كما تزور تايلاند سنويًا أكثر من 900 طائرة أمريكية و40 سفينة بحرية، بحسب الخارجية الأمريكية.

الدعم الصيني لكمبوديا

على الجانب الآخر، يعد جيش كمبوديا جيشًا شابًا مقارنة بجيش تايلاند، إذ تأسس عام 1993، وفقًا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، الذي يقول إن "أهم روابط الدفاع الدولية لكمبوديا هي مع الصين وفيتنام، وعلى الرغم من اعتمادها التقليدي على روسيا في المعدات الدفاعية، برزت الصين كمورد رئيسي".

ووفقًا لمحللين دوليين، ستكون قاعدة ريام البحرية، الواقعة على خليج تايلاند، قادرة على استضافة حاملات طائرات صينية.

أكملت كمبوديا والصين النسخة السابعة من مناوراتهما العسكرية المشتركة السنوية "التنين الذهبي" في مايو، والتي وصفت بأنها الأكبر على الإطلاق، وتضمنت سيناريوهات تدريب بالذخيرة الحية.

ومن المتوقع أن تصل هذه العلاقات إلى "مستوى جديد وتحقق تطورًا جديدًا" هذا العام، وفقًا لتقرير صدر في فبراير على الموقع الإلكتروني لجيش التحرير الشعبي الصيني باللغة الإنجليزية.

قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية العقيد وو تشيان، في مؤتمر صحفي في فبراير، ردًا على سؤال حول احتمال حدوث تصدعات في العلاقات: "الصين وكمبوديا صديقان مخلصان.. يدعم كل منهما الآخر دائمًا.. يتمتع الجيشان بعلاقات راسخة وأخوة راسخة".

الأسلحة لدى الدولتين

بفضل سنوات من الدعم الأمريكي، يتمتع سلاح الجو الملكي التايلاندي بتجهيزات جيدة، إذ يضم ما لا يقل عن 11 طائرة مقاتلة سويدية حديثة من طراز جريبن، وعشرات الطائرات القديمة الأمريكية الصنع من طرازي إف-16 وإف-5، وفقًا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية. أما كمبوديا فلا تملك قوة جوية قتالية تُذكر.

على الأرض، تمتلك تايلاند عشرات الدبابات القتالية، بما في ذلك 60 دبابة صينية حديثة من طراز VT-4، ومئات الدبابات الأمريكية القديمة، ويظهر تقرير "التوازن العسكري" أن كمبوديا تمتلك نحو 200 دبابة صينية وسوفييتية قديمة الصنع.

يمتلك الجيش التايلاندي أكثر من 600 قطعة مدفعية، منها ما لا يقل عن 56 مدفعًا قويًا عيار 155 ملم، وأكثر من 550 مدفعًا مقطورًا عيار 105 ملم، أما كمبوديا فلا تمتلك سوى 12 مدفعًا عيار 155 ملم، ونحو 400 قطعة مدفعية مقطورة أصغر حجمًا، وفقًا لأرقام المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.

وفي الجو، يمتلك الجيش التايلاندي مروحيات هجومية أمريكية الصنع من طراز كوبرا، بالإضافة إلى 18 طائرة نقل أمريكية من طراز بلاك هوك. بينما لا تمتلك كمبوديا سوى بضع عشرات من مروحيات النقل السوفييتية والصينية القديمة.

قال المحلل العسكري كارل شوستر، المقيم في هاواي والمدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة التابع للقيادة الأمريكية في المحيط الهادئ، إنه في حين تتمتع تايلاند بالتفوق العسكري العددي والنوعي، فإن كمبوديا تتمتع بميزة واحدة على الأقل لصالحها، وهي الأراضي الواقعة على طول الحدود المتنازع عليها.

أضاف "شوستر"، لـ"سي إن إن": "التضاريس تسهل الوصول من الأراضي الكمبودية إلى المنطقة المتنازع عليها.. ومع مزاعم قيام القوات الكمبودية بزرع ألغام أرضية وفخاخ متفجرة في المنطقة المتنازع عليها، يتوقع أن تعتمد تايلاند على أسلحة بعيدة المدى".

وتابع شوستر: "القوات الجوية الملكية التايلاندية متفوقة، وقواتها الخاصة متفوقة أيضًا.. أعتقد أن التايلانديين سيفضلون التركيز على القوة الجوية والقوة النارية بعيدة المدى في الصراع".