يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ضغوطًا كبيرة من وزراء في حكومته، لاتباع فرنسا في التعهد بالاعتراف بدولة فلسطينية، في حين كشفت شخصيات كبيرة في حزب العمال الحاكم، أن ستارمر يمنع هذه الخطوة لأنه يريد البقاء قريبًا من الولايات المتحدة، وفق ما أفادت صحيفة" فايننشال تايمز" البريطانية.
وذكرت الصحيفة أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، يزيد الضغوط على ستارمر، الذي زعم أن الوقت ليس مناسبًا بعد لبريطانيا لاتخاذ نفس الخطوة.
ونقلت الصحيفة عن وزير في حكومة ستارمر، أمس الخميس: "من المرجح جدًا الآن أن نفعل الشيء نفسه. هذا هو ما نسير إليه".
وقال مسؤول كبير في حزب العمال للصحيفة: "كير نفسه، بالإضافة إلى كبار مستشاريه، هم من يعرقلون هذا الأمر. إنهم يريدون البقاء على مقربة من الولايات المتحدة".
وتضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على حلفاء الولايات المتحدة لعدم الاعتراف بدولة فلسطينية، بحجة أن ذلك سيجعل من الصعب إيجاد حل لإنهاء حرب إسرائيل ضد حماس في غزة.
وتأتي الخطوة الفرنسية في ظل تصاعد القلق الدولي إزاء الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا على غزة. ويؤكد تعهد ماكرون تزايد عزلة إسرائيل الدبلوماسية، والإحباط الذي يشعر به بعض حلفائها إزاء استمرار الصراع.
وقد أقر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، هذا الأسبوع، بأن بلاده تواجه قرارًا كبيرًا بشأن هذه القضية، وقال لامي للبرلمان البريطاني إن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر قد تكون اللحظة التي "تثار فيها قضية الاعتراف مرة أخرى".
وحسب فاينانشال تايمز، يقول مؤيدو التحرك المبكر من جانب بريطانيا للاعتراف بدولة فلسطينية في حزب العمال، إن لامي يريد التحرك بالتنسيق مع فرنسا، لكنهم يصرحون بأن العقبة هي ستارمر.
وقال أحد كبار أعضاء حزب العمال في البرلمان: "إن أغلبية حزب العمال البرلماني يرغبون في التحرك، ولديها اعتقاد راسخ أن لامي يؤيد ذلك أيضًا".
ونقلت "فايننشال تايمز" عن مسؤولين كبار في حزب العمال، إن وزير الصحة ويس ستريتنج، ووزيرة العدل شابانا محمود، ورئيس بلدية لندن صادق خان، وزعيم الحزب في أسكتلندا أنس سروار، من بين الذين حثوا ستارمر على التحرك بشأن هذه القضية.
وقال ستريتنج لأعضاء البرلمان هذا الأسبوع، إنه يتمنى أن يرى "نهاية لهذه الحرب، ولكن أيضًا الاعتراف بدولة فلسطين".
ومساء أمس الخميس، أيد خان خطوة ماكرون، قائلًا: "مع المعاناة التي لا يمكن تصورها في غزة وعدم وجود نهاية في الأفق، فقد حان الوقت الآن لحكومتنا أن تفعل الشيء نفسه".
ويلزم برنامج حزب العمال الانتخابي الحزب بالاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في حل الدولتين، لكن ستارمر رفض حتى الآن قبول التوقيت المناسب. وقال أحد الوزراء: "يقولون إن الالتزام بادرة حسن نية".
وقال ستارمر أمس الخميس، على منصة" إكس" إن "المعاناة والمجاعة التي تتكشف في غزة لا توصف ولا يمكن الدفاع عنها". وأضاف أن "العالم يشهد كارثة إنسانية".
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني أنه سيجري مكالمة مع شركائه الألمان والفرنسيين، اليوم الجمعة، لمناقشة ما يمكن فعله لإنهاء الحرب وإيجاد سلام دائم، لكنه أشار إلى أن أي اعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل بريطانيا لن يحدث قبل تأمين وقف إطلاق النار في غزة.
قال ستارمر: "نحن واضحون في أن إقامة الدولة حق غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني. وقف إطلاق النار سيضعنا على طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين الذي يضمن السلام والأمن للفلسطينيين والإسرائيليين".
وحث السير إد ديفي، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، ستارمر على "الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة الآن، وتولي زمام المبادرة في تأمين حل الدولتين وسلام دائم. ينبغي للمملكة المتحدة أن تكون رائدة في هذا المجال، لا أن تتخلف عنه".