الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحول المصالح.. الاتحاد الأوروبي يستبدل أمريكا بالصين لملء الفراغ المناخي

  • مشاركة :
post-title
علما الصين وأمريكا - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يسعى الاتحاد الأوروبي لكسر الهيمنة التاريخية للشراكة الأمريكية الصينية في مجال العمل المناخي، بعد انسحاب إدارة دونالد ترامب من اتفاق باريس للمناخ قبل ستة أشهر.

ووفقًا لصحيفة "بوليتيكو"، التقى قادة الاتحاد الأوروبي مع الرئيس الصيني شي جين بينج في بكين؛ لبحث إمكانية إبرام اتفاق مناخي مشترك، رغم عدم وجود ضمانات حول مدى جدية أو فعالية أي صفقة محتملة.

فرصة أوروبا

لعقود طويلة، كانت الصفقات المناخية الهادفة محصورة بين الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما أكبر ملوثين في العالم ومسؤولين عن نحو 40% من انبعاثات غازات الدفيئة سنويًا، مع هيمنة صينية تبلغ 30%.

وأشارت "بوليتيكو" إلى أن العملاقين حددا مسار العالم في هذا المجال لسنوات، وإن كان بوتيرة بطيئة للغاية لتجنب الوصول لمستويات كارثية من الاحترار.

شكلت اتفاقية عام 2014 بين الرئيس الصيني ونظيره الأمريكي الأسبق باراك أوباما لخفض التلوث، إلى جانب اتفاق 2022 حول خفض انبعاثات الميثان، المعروف باسم "بيان صنيلاندز" نسبة للمنتجع الواقع في ولاية كاليفورنيا حيث وُقع الاتفاق، الأساس لاتفاق باريس، وأظهرا إمكانية التعاون رغم التنافس الاقتصادي والجيوسياسي.

التقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا مع الرئيس الصيني ورئيس الوزراء لي تشانج في بكين؛ لمناقشة القضايا الأمنية والاقتصادية والتجارية، لكن المناخ بقي المجال الوحيد الواعد للتوصل لنتائج ملموسة.

تحول المصالح

شهدت المعادلة تطورات جذرية منذ الولاية الأولى لترامب، وترى بيليندا شيبه، خبيرة السياسات الصينية في مركز البحوث حول الطاقة والهواء النظيف في فنلندا، أن "الصين لم تعد بحاجة لإقناع بأن الجهود المناخية تصب في مصلحتها الوطنية"، خاصة بعدما شهد اقتصاد التكنولوجيا النظيفة نموًا هائلًا، وأصبحت صادرات الألواح الشمسية والبطاريات والسيارات الكهربائية "محركات نمو رئيسية للاقتصاد الصيني".

وتشير تحليلات موقع "كاربون بريف" إلى أن صادرات التكنولوجيا النظيفة الصينية قللت الانبعاثات العالمية بنحو 1% في 2024، كما أن الاتحاد الأوروبي يمثل "سوقًا مهمة" للمنتجات الصينية الأرخص ثمنًا، ما يحفز بكين على التعامل مع أوروبا، وفقًا لـ"شيبه".

غير أن هذا التقارب، بحسب الصحيفة، يغذي التوترات التجارية التي تقلق الأوروبيين من إغراق السوق بمنتجات صينية مدعومة حكوميًا تزيح المصنعين الأوروبيين.

كما فرضت الصين هذا العام قيودًا على تصدير المعادن الحيوية اللازمة لإنتاج التقنيات النظيفة، ما أظهر استعداد بكين لـ"الضرب حيث يؤلم عندما تتطلب الجيوسياسية ذلك"، حسب بايفورد تسانج من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

مكاسب وتحديات

تسعى الصين لاستغلال هذه الشراكة لتعزيز صورتها كقطب عالمي مسؤول مقابل "الأحادية والحماية المتزايدة"، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جو جياكون.

ويرى الخبراء أن اتفاقًا مع أوروبا سيجعل أمريكا تبدو "معزولة ومتهورة"، ويظهر قدرة الصين على العمل مع أوروبا "رغم الوضع مع روسيا" ودعمها الضمني لحربها في أوكرانيا، ما "يجعل الصين تبدو كالفاعل الأكثر مسؤولية"، وفقًا لـ"شيبه".

لكن الاتحاد الأوروبي لا يريد منح الصين هذا الانتصار مجانًا، إذ شهدت محادثات مكثفة لشهور، تضمنت قمة استمرت يومين في يوليو بين وزراء صينيين ومفوضين أوروبيين في بكين، طالب خلالها الأوروبيون بالتزامات حقيقية من الصين لخفض التلوث أو تقليل استخدام الفحم، بينما تريد بكين "اتفاقًا شاملًا" يغطي التجارة والاقتصاد، وفقًا لمدير مركز الصين للمناخ لي شو.

آفاق التعاون

يتوقع من الطرفين تقديم أهداف جديدة لخفض الانبعاثات حتى 2035 قبل محادثات COP30 في البرازيل في نوفمبر، إذ يحث الاتحاد الأوروبي الصين على تجاوز وعدها الحالي ببلوغ ذروة الانبعاثات بحلول 2030، بينما يضغط الدبلوماسيون الغربيون من أجل تخفيض يزيد على 30% تحت الذروة بحلول 2035.

لكن نفوذ أوروبا تراجع بسبب بطء عمليتها الداخلية لوضع التزامات جديدة وسط جدل سياسي محلي، ويعلق لي شو قائلًا: "المشكلة أنه عندما يتعلق الأمر بالجوهر، الجانب الأوروبي لديه مطالب واضحة جداً بشأن العمل المناخي الصيني، لكن سياساته المناخية تأتي بنتائج عكسية كبيرة في الداخل".

رغم التحديات، يمكن للطرفين التعاون في بناء الطاقة المتجددة، وكبح تلوث أكسيد النيتروجين، وتمويل الجهود المناخية في البلدان الأفقر، وأطر تسعير الكربون، وحتى إعادة النظر في صفقة الميثان الأمريكية الصينية المتوقفة.

كما يمكنهما التعامل مع "نقاط الخلاف" حول محادثات COP30، متضمنة تجنب صراعات قد تعرقل المحادثات، والخلاف حول ضريبة الكربون الحدودية الأوروبية، وتوسيع التعهد بالابتعاد عن الوقود الأحفوري.