أخطأت الحكومة السورية في فهم رد فعل إسرائيل على انتشار قواتها في جنوب البلاد هذا الأسبوع، متأثرةً برسالة الولايات المتحدة التي تُطالب بإدارة سوريا كدولة مركزية، وفقًا لما ذكره ثمانية مصادر لـ"رويترز".
واعتقدت دمشق أنها حصلت على الضوء الأخضر من كلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل لإرسال قواتها جنوبًا، رغم أشهر من التحذيرات الإسرائيلية بعدم القيام بذلك، وفقًا للمصادر، التي تضم مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين، ودبلوماسيين، ومصادر أمنية إقليمية.
صرح مسؤول عسكري سوري بأن المراسلات مع الولايات المتحدة دفعت دمشق إلى الاعتقاد بإمكانية نشر قوات دون مواجهة إسرائيلية.
وأضاف المسؤول أن "المسؤولين الأمريكيين لم يستجيبوا عند إبلاغهم بخطط النشر، ما دفع القيادة السورية إلى الاعتقاد بأنه تمت الموافقة عليها ضمنيًا وأن إسرائيل لن تتدخل".
وقال دبلوماسي مقيم في دمشق إن السلطات السورية كانت "مفرطة الثقة" في عمليتها للسيطرة على السويداء "بناءً على رسائل أمريكية اتضح أنها لا تعكس الواقع".
وأضافت المصادر "أن إسرائيل شنت ضربات على القوات السورية وعلى دمشق يوم الأربعاء في تصعيد مفاجئ"، بحجة انتهاك حكومة دمشق سياستين رئيسيتين وضعتهما إسرائيل، وهما نزع السلاح من منطقة جنوب دمشق وحماية الدروز الذين يعيشون هناك.
وصرح المبعوث الأمريكي باراك علنًا وفي اجتماعات خاصة في دمشق بأن سوريا يجب أن تكون "دولة واحدة"، دون حكم ذاتي لطوائفها الدرزية أو الكردية أو العلوية، والتي لا تزال إلى حد كبير غير واثقة من القيادة الجديدة التي يقودها الإسلاميون.
ودفع انعدام الثقة هذا الفصائل الدرزية وقوة كردية رئيسية في شمال شرق سوريا إلى مقاومة انتشار الجيش السوري، والمطالبة بدمج مقاتليها في الجيش كوحدات كاملة متمركزة فقط في أراضيها.
وقال لانديس إنه يبدو أن الشرع فهم تصريحات باراك ضد الفيدرالية في سوريا على أنها "تعني أن الحكومة المركزية قادرة على فرض إرادتها على الأقلية الدرزية بالقوة".
وأضافت المصادر أن هذا الفهم استند إلى تعليقات علنية وخاصة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، بالإضافة إلى محادثات أمنية ناشئة مع إسرائيل، ولم يُعلن سابقًا عن فهم سوريا للرسائل الأمريكية والإسرائيلية المتعلقة بنشر قواتها جنوبًا.
ردًا على أسئلة "رويترز"، نفى مسؤول كبير في وزارة الخارجية السورية أن تكون تصريحات باراك أثرت على قرار نشر القوات، الذي اتُخذ بناءً على "اعتبارات وطنية بحتة وبهدف وقف إراقة الدماء وحماية المدنيين ومنع تصعيد الصراع الأهلي".
وقال مصدر سوري وآخر غربي مطلع على الأمر إن دمشق تعتقد أن المحادثات مع إسرائيل التي جرت الأسبوع الماضي في باكو أسفرت عن تفاهم بشأن نشر قوات في جنوب سوريا لإخضاع السويداء لسيطرة الحكومة.
ورفض مكتب نتنياهو التعليق ردًا على أسئلة رويترز، وقال جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، "إنه يبدو أن الشرع بالغ في تقدير موقفه في وقت سابق من الأسبوع".
وأضاف: "يبدو أن هيئة أركانه العسكرية أساءت فهم الدعم الأمريكي، كما أساءت فهم موقف إسرائيل من جبل الدروز (في السويداء) من خلال محادثاتها مع إسرائيل في باكو".
وقالت إسرائيل، أمس الجمعة، إنها وافقت على السماح بوصول محدود للقوات السورية إلى السويداء خلال اليومين المقبلين. وبعد ذلك بوقت قصير، قالت سوريا إنها ستنشر قوة مخصصة لإنهاء الاشتباكات الطائفية، التي استمرت حتى صباح اليوم السبت.