جاء خبر وفاة وزير النقل الروسي السابق رومان ستاروفويت محاطًا بالكثير من الروايات المتضاربة حول مكان العثور على جثمانه، بين إطلاق نار في سيارة معزولة أو حديقة مهجورة أو حتى في منزله، لتتباين الروايات الرسمية والإعلامية حول زمان ومكان الوفاة، وظروفها، وأسبابها الحقيقية.
ورصدت صحيفة "فيدوموستي" الروسية تناقضًا في المعلومات المحيطة بوفاة الوزير، متتبعة تفاصيل الروايات المختلفة التي نقلتها وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وشهادات من مصادر أمنية وإدارية.
روايات متناقضة
في صباح يوم 7 يوليو، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسومًا بإقالة رومان ستاروفويت من منصبه كوزير للنقل، وعُيّن أندريه نيكيتين قائمًا بالأعمال، ونُشر الإعلان رسميًا على موقع الكرملين صباحًا بتوقيت موسكو.
في مساء اليوم نفسه، بدأت وسائل الإعلام الروسية بنقل نبأ العثور على ستاروفويت ميتًا، لكن هنا بدأ الخلاف حول التفاصيل الأساسية:
قناة RBC الروسية أفادت أن الجثة وُجدت خلف شجيرة قرب السيارة، وليس داخلها كما ذُكر في تقارير أخرى محلية، في حين قالت صحيفة "إزفستيا"، نقلًا عن مصادرها، إن الجثة عُثر عليها داخل منزله في منطقة أودينتسوفو. أما قناة "بازا" على تيليجرام فذكرت أن جثة الوزير وُجدت بين أغصان إحدى حدائق المنطقة، بينما كانت سيارته من طراز "تيسلا" مركونة بالقرب منها.
وحتى اللحظة، لم تُصدر لجنة التحقيق الروسية بيانًا حاسمًا يُحدد مكان الوفاة بدقة.
متى وقعت الوفاة؟
الشكوك لا تتوقف عند الموقع، بل تمتد إلى توقيت الوفاة نفسه، إذ صرّح أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، لقناة RTVI، أن "الانتحار وقع منذ فترة"، دون تحديد موعد دقيق. ونقلت مجلة "فوربس" الروسية عن مصدر مطلع، ذكرت أن ستاروفويت ربما توفي ليلة السبت 5 يوليو، أي قبل يومين من إعلان الإقالة، بينما تحدثت قناة "ماش" عن أن الوزير كان في اجتماع عمل بوزارة النقل صباح 7 يوليو، تزامنًا مع إعلان الاستقالة، ثم انتحر قرابة الساعة 11 صباحًا.
هذا التضارب الزمني أضعف من صدقية التصريحات الرسمية، وأثار تساؤلات عن سبب التأخر في الإعلان عن الوفاة إن كان الانتحار قد وقع قبل يومين، كما ادعت بعض المصادر، وفق صحيفة "فيدوموستي" الروسية.
أسباب الوفاة
جميع الروايات الرسمية تذهب باتجاه الانتحار كسيناريو مرجح، خاصة بعد تأكيد المتحدثة باسم لجنة التحقيق، سفيتلانا بيترينكو، بأن الجثة مصابة بطلق ناري، وأن التحقيق يفترض الانتحار كفرضية أولى.
لكن تسريبات إعلامية، خاصة من صحيفتي "فيدوموستي" و"كوميرسانت"، كشفت عن احتمال وجود دوافع أعمق، تتعلق بتورط الوزير السابق في قضايا فساد واسعة النطاق.
ونقلت صحيفة "فيدوموستي" عن مصدر حكومي أن ستاروفويت كان يخشى الملاحقة الجنائية، فيما أكدت صحيفة "كوميرسانت" أن الحاكم السابق لمنطقة كورسك، أليكسي سميرنوف، قد أدلى بشهادته ضده في قضية اختلاس مليار روبل مخصصة لتحصينات عسكرية. ونقلت قناة RBC أن الوزير كان قيد التحقيق فعليًا في قضية اختلاس أموال التحصينات الحدودية مع أوكرانيا.
وحسب "فيدوموستي"، فإن ستاروفويت ربما أدرك قرب توقيفه بعد سلسلة الاستجوابات التي طالت مسؤولين سابقين، فاختار الانتحار تجنبًا للعار أو المحاكمة.
سلاح الانتحار.. "وسام"
من بين النقاط الغامضة أيضًا نوع السلاح المستخدم في الانتحار، حيث ذكرت وسائل إعلام أن المسدس هو جائزة رسمية من طراز ماكاروف، حصل عليه ستاروفويت عام 2023 نظير خدماته الأمنية.
غير أن عدم نشر تقرير تشريحي أو صور رسمية للسلاح وموقع الإصابة حتى الآن، ترك الباب مفتوحًا للتحقيقات.
وُلد رومان ستاروفويت عام 1972 في مدينة كورسك، ودرس في جامعة البلطيق التقنية ثم الإدارة العامة، وشغل مناصب قيادية في وكالة "روسافتودور"، ثم انتُخب حاكمًا لكورسك عام 2019، وفي مايو 2024، تولى حقيبة وزارة النقل، ونال أوسمة رفيعة مثل وسام "ألكسندر نيفسكي" و"وسام الشرف".