رغم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، تلجأ موسكو إلى مكونات إلكترونية أمريكية لصنع طائراتها المقاتلة، التي تستخدمها في ميدان المعركة ضد كييف، بحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
واستطاعت روسيا تجنُّب العقوبات المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية، من خلال الوصول إلى مكونات إلكترونية صنّعتها شركات أمريكية عبر طرق تجارية وسيطة، يرى الخبراء أنها تُجنّب العقوبات، بحسب تقرير الذي تم بواسطة الشراكة الدولية لحقوق الإنسان (IPHR)، واللجنة المستقلة لمكافحة الفساد (NAKO)، وموقع هانتربروك الإعلامي، وتمت مشاركته حصريًا مع مجلة "نيوزويك".
ومع بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، فرضت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى مجموعة من العقوبات الاقتصادية والتجارية للضغط على اقتصاد موسكو، كما اتجهت شركات من جميع أنحاء العالم لممارسة الضغط الاقتصادي على نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ونجحت موسكو منذ ذلك الحين في تعزيز مواردها المالية من خلال الحصول على رقاقات دقيقة وأشباه موصلات ومواد أخرى من الغرب، يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة عبر دول خارجية للتهرّب من العقوبات الأمريكية وضوابط التصدير.
مكونات أمريكية
استوردت روسيا مكوناتٍ مرتبطة بمعدات عسكرية بقيمة 20.3 مليار دولار أمريكي في الفترة من مارس 2022 إلى ديسمبر 2022، وفقًا لتحليلٍ أجراه معهد KSE – وهو مركز أبحاث في كلية كييف للاقتصاد – وحصلت عليه مجلة "نيوزويك"، بيّن أن أكثر من 60% من هذه المكونات جاءت من شركات أمريكية.
وخَلُص تحقيقٌ أجرته اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ الأمريكي، بقيادة السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت ريتشارد بلومنثال، واستمر 15 شهرًا، إلى أن 40% من أصل 2500 مكون تم تحليلها في الأسلحة الروسية التي عُثر عليها في ساحة المعركة الأوكرانية، صُنعت من قِبل أربع شركات أمريكية. وانتقد التحقيق، الذي انتهى في ديسمبر 2024، هذه الشركات ووزارة التجارة، المسؤولة عن إدارة قيود التصدير، لتقصيرها في إنفاذ القوانين.
تحليل طائرات سو-34 وسو-35
وحلّل التقرير الجديد 10 هجمات روسية من مايو 2023 إلى مايو 2024، والتي استخدمت فيها طائراتSU-34 وSU-35.
في طائرات سو-34، عثرت منظمة "ناكو" على 227 مكونًا من 59 شركة، بما في ذلك أنالوج ديفايس، وموراتا، وتكساس إنسترومنتس، وإنتل. ومن بين هذه المكونات، جاءت 68% (154 مكونًا) من الولايات المتحدة.
أما في طائرات سو-35، فعثرت المنظمة على 891 مكونًا من 138 شركة، منها 62.3% (555 مكونًا) قادمة من الولايات المتحدة، وشملت هذه الشركات أنالوج ديفايسز، وتكساس إنسترومنتس، وموراتا، وأون سيمي، وإنتل، وفيكور.
وللتحقّق من المعلومات، حللت "ناكو" بقايا الطائرات التي سقطت، ووجدت المكونات المستخدمة في الأسواق، إلى جانب استعانتها بمصادر سرّية.
قال مايكل ماكفول، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى روسيا من عام 2012 إلى عام 2014: "هذا أمرٌ مخزٍ، ولا يمكن للشركات الأمريكية أن تساعد الشركات الروسية في تصنيع أسلحة تقتل الأوكرانيين"، مطالبًا إدارة ترامب بفرض عقوبات للحد من نقل هذه التقنيات.
عقوبات على الطرف الثالث
بدورها، قالت أنستازيا دونيتس، رئيسة الفريق القانوني المعني بأوكرانيا في IPHR، في بيان: "على الحكومات الغربية وشركات تصنيع التكنولوجيا مواجهة الحقيقة، لقد فشلت العقوبات الحالية وضوابط التصدير في احتواء الهجوم الروسي، ويجب على الحكومات تطبيق عقوبات أشد صرامة ضد روسيا".
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه ينبغي على الدول الغربية فرض عقوبات على الشركات التي تعمل كأطراف ثالثة لروسيا، فمعاقبة هذه المنظمات ستزيد من الضغط على قرارها بدعم روسيا، مما سيساعد في إنهاء الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا بشكل أسرع.
تسعى الحكومة جاهدةً لتقليص سلاسل التوريد غير المباشرة التي تُسهم في بناء ترسانة الأسلحة الروسية، وفي عام 2024، نشر مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية قائمةً تضم 50 عنصرًا، بما في ذلك قطع كهربائية تستخدمها روسيا في تصنيع الأسلحة، وذلك لتحذير قادة الصناعة.
ضرائب "أمريكية" لروسيا
وقالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن وجود مكونات أمريكية في الأسلحة الروسية ليس الطريقة الوحيدة التي دعمت بها الولايات المتحدة – عن غير قصد – المجهود الحربي لبوتين، ففي يناير الماضي، دفعت الشركات الأمريكية في روسيا ضرائب أرباح بقيمة 1.2 مليار دولار في عام 2023.
كما حققت صادرات روسيا من الوقود الأحفوري إيرادات بلغت 253.8 مليار دولار في السنة الثالثة من حربها في أوكرانيا، مع تدفّق بعض الدخل بشكل غير مباشر من الدول الغربية، واستوردت الولايات المتحدة منتجات نفطية بقيمة 192 مليون دولار من مصفاة مملوكة جزئيًا لشركة روسية خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة.