* اللهجة المصرية كانت تحديًا حقيقيًا.. وحب الكلاسيك لا يمنعني من التجديد
* اكتشفت نفسي بعد عرض أسمهان رغم صعوبته
تسعى الفنانة السورية لينا شاماميان لتقديم تجارب غنائية أصيلة، تحمل في طياتها روح المغامرة والتجديد، وتُعيد تشكيل التراث العربي بلمسة معاصرة تمزج بين الموسيقى الكلاسيكية والإلكترونية، وبلهجات متعددة تعكس عمق الهوية وتنوع التجربة.
في حوار خاص لموقع "القاهرة الإخبارية"، فتحت لينا قلبها للحديث عن كواليس ألبومها الجديد "صحاب"، وتجربة الغناء باللهجة المصرية، ومحطاتها الإبداعية، من عرض أسمهان، إلى تحديات اللهجات السورية، ووصولًا إلى الأغنية الخاصة "سبوني".
صحاب
ترى شاماميان أن ألبومها الجديد "صحاب" يمثل تحولًا واضحًا في مسارها الفني، فهو أول عمل لها يعتمد على الموسيقى الإلكترونية بدلًا من الآلات الحية والأسلوب الكلاسيكي المعتاد، وقالت: "هذا أول ألبوم أقدم فيه موسيقى إلكترونية، بعد سنوات من الاعتماد على الآلات الحية والأسلوب الأقرب إلى الكلاسيكي.. (صحاب) مختلف في طاقته وفي روحه وحتى في موسيقاه.. هو ألبوم صيفي خريفي بامتياز، يحمل بين طياته الكثير من الأغاني الراقصة والمبهجة، وفيه لمسة جديدة قد تفاجئ من تعودوا على نمط معين من أعمالي".
وأكدت أن التنوع لا يقتصر على الموسيقى بل يمتد إلى اللغة واللهجة، مشيرة إلى أن الألبوم يتضمن أغنيات باللهجة المصرية، وأخرى بالفصحى، إضافة إلى لهجات سورية مختلفة، وليس فقط اللهجة البيضاء، لتقول عن ذلك:" أردت أن يكون العمل انعكاسًا حقيقيًا لغنى الهويّة العربية وتنوعها".
وتابعت حديثها عن فريق العمل قائلة: "تعاونت مع مجموعة كبيرة من المنتجين والموزعين من دول مختلفة، ومن بيئات موسيقية وخلفيات عمرية متنوعة.. هذا التنوع أغنى المشروع ومنحه نكهة خاصة.. كنا نخطط لعشر أغانٍ، لكن الحماس قادنا إلى إحدى عشرة أغنية، كل واحدة منها تحمل حكايتها وصوتها المختلف. واستغرق العمل على (صحاب) وقتًا طويلًا، لكنه كان ضروريًا لنخرج شيئًا صادقًا ونابضًا ومليئًا بالحب والمغامرة".
رحلة إنسانية
تعتبر شاماميان أن هذا الألبوم ليس فقط عملًا فنيًا، بل انعكاسًا لرحلة شخصية وإنسانية مرّت خلالها بتجارب صعبة، وخاصة من الناحية الصحية، قائلة: "كنت أبحث وأتجول بين الأغاني وألتقي بمنتجين من جنسيات وخلفيات موسيقية مختلفة.. ببساطة، هذه الأغنيات صُنِعت مع أشخاص بسطاء صادقين غير معقدين وهذا كان خياري الأول، أن أعمل مع الناس الذين أحبهم، وبداخلهم طاقة إيجابية".
وأضافت: "هذا التنوع في الألبوم ليس مصطنعًا، بل هو انعكاس طبيعي لمكان إقامتي ولثقافتي ولتأثري كإنسانة سورية.. السوري اليوم موزع في كل بقاع الأرض، وكل واحد تأثر بطريقته بالموسيقى والبيئة التي حوله، وهذا التنوع ظهر في صوت الألبوم وشكله".
وعن الجانب الإبداعي في الألبوم، قالت: "الكلمات والألحان في الألبوم تمزج بين التراث والتجديد. هناك أغانٍ مستوحاة من التراث، وأخرى من كلماتي وألحاني.. الشخص الوحيد الذي تعاونت معه في التلحين هو الموسيقي المصري شادي مؤنس، كما كتب الشاعر طارق الجنايني كلمات أغنية (مساكن)، أما باقي الأغنيات فهي من تأليفي وتلحيني أو مأخوذة من التراث بروح جديدة".
تجربة إنسانية
عن اختيار اسم "صحاب" عنوانًا للألبوم، أوضحت "شاماميان" أن الاسم نابع من تجربة إنسانية خالصة عاشتها، إذ مرّت بمرحلة صعبة وجدت خلالها الدعم الحقيقي من أصدقائها، موضحة: "صحاب هو امتنان بصيغة موسيقية، مررت خلال السنوات الأخيرة بظرف صحي وإنساني دقيق، وخلال تلك المرحلة، كنت محاطة بأشخاص حقيقيين، أصدقاء بمعنى الكلمة.. كانوا إلى جانبي، يفكرون معي، يشجعونني، يقفون معي، ويجربون معي".
وتابعت: "بعضهم كان يعرف تمامًا أنني خائفة من الدخول إلى عالم الموسيقى الإلكترونية، لكنهم لم يبتعدوا… بل دعموني بمحبة كبيرة.. لذلك، كان العمل مليئًا بالحب، وبروح التعاون الحقيقي.. الألبوم يحمل روحهم، ووجودهم، ودفء علاقتنا".
تحدي اللهجة المصرية
لم تُخفِ لينا الصعوبات التي واجهتها خلال تسجيل الألبوم، وخصوصًا في التعامل مع اللهجات الجديدة عليها، وعلى رأسها اللهجة المصرية، والتي وصفتها بأنها كانت تحديًا حقيقيًا: "صحيح أنني محاطة دائمًا بالمصريين وأستمع إلى المصري طوال الوقت، لكن الكتابة بالمصري ليست سهلة، لأنها ليست لهجتي الأم.. ومع الوقت بدأت أفهم وأكتب بها، لكنها لم تكن تجربة بسيطة، بل تطلّبت جهدًا وصبرًا".
كما تحدثت عن تحدٍ آخر واجهته: "الغناء بلهجة منطقة نهر الفرات كان صعبًا جدًا عليّ.. اللهجة فيها تفاصيل دقيقة، ونطقها وتعبيرها يتطلبان فهمًا عميقًا.. أعتقد أن هذا كان من أكبر التحديات التي واجهتها في الألبوم".
"سبوني"
رغم أن أغنية "سبوني" لم تُدرج ضمن ألبوم "صحاب"، فإنها تحتل مكانة خاصة في قلب لينا، وكشفت عن تفاصيلها قائلة: "الأغنية ليست ضمن ألبوم صحاب، بل هي ثمرة تعاون مع أوركسترا بقيادة الموسيقي السوري عمر كناني، ورغم أن الفريق كله سوري، إلا أنني أغني باللهجة المصرية، وهذا التباين جعل من الأغنية تجربة قريبة جدًا إلى قلبي".
تابعت: "سبوني ليست إلكترونية، لكنها سريعة وصيفية، وفيها تحدٍ كبير بالنسبة لي، سواء من ناحية الأداء أو الإحساس.. أحبها جدًا، وأشعر أنها تحمل طاقة مختلفة".
التوازن بين الكلاسيك والتجديد
عبّرت شاماميان عن شغفها بالموسيقى القديمة وحرصها على التدريب المستمر، مؤكدة أن خلفيتها الأكاديمية تساعدها في المزج بين الطرب والموسيقى المعاصرة: "أحب الاستماع للموسيقى القديمة الأصيلة، وأحرص أيضًا على متابعة الجديد والمتجدد، لأن دراستي للموسيقى تجعلني أتعامل مع المزج بين القديم والحديث بطريقة مختلفة ومدروسة.. حتى الآن، أتمرن باستمرار على تقنياتي الخاصة، وخاصة بعد تجربتي في عرض أسمهان".
وأوضحت أن التجديد في أعمالها لا يأتي بشكل فردي فقط: "التجديد ليس قرارًا فرديًا، بل هو اختيار مشترك بيني وبين المنتجين الذين أعمل معهم، هم يعطونني وجهات نظر جديدة في المجالات التي يملكون فيها خبرة أكثر مني".
عرض أسمهان
تطرقت شاماميان لتجربتها في تقديم عرض غنائي خاص بأغاني أسمهان، واصفةً إياه بأنه تجربة مميزة ومليئة بالتحديات: "كانت تجربة مميزة جدًا ومختلفة، لكنها في نفس الوقت صعبة للغاية.. نصف العرض كان يعتمد فقط على الغناء، والنصف الآخر كان يمثل دورًا تمثيليًا.. كنت ألعب دور أسمهان نفسها.. كان هذا الأمر صعبًا عليّ، لكنه جعلني أكتشف نفسي أكثر".
وأضافت: "العرض الغنائي يختلف عن الحفلات العادية، لأنك تتعامل مباشرة مع الجمهور وتراهم أمامك.. كانت تجربة جديدة تمامًا، وباللغة نفسها التي تغني بها أسمهان، التي أحبها كثيرًا وأعتبرها فنانة عظيمة.. شعرت أن شخصيتي تغيرت كثيرًا بعد هذا العرض".
وختمت حديثها قائلة: "من الأشياء التي أحببتها في عرض أسمهان، أنني ألّفت أغنية جديدة بعنوان (أميرة الجبل)، ستطرح قريبًا إن شاء الله.. كانت هذه من أجمل الأعمال التي قمت بها، فهي تحكي قصة مطربة تركت أثرًا خالدًا مثل أسمهان".
وعن حفلاتها المقبلة، قالت: "حفلاتي القادمة ستكون بين أوروبا والوطن العربي، لكن بسبب الظروف الأخيرة تم تأجيل بعضها.. وأشتاق جدًا للجمهور المصري، وأتمنى أن نلتقي قريبًا".