غيّب الموت الفنانة والإعلامية الإماراتية رزيقة الطارش، يوم الجمعة، عن عمر ناهز 71 عامًا، بعد رحلة فنية وإعلامية امتدت لأكثر من خمسة عقود، كانت خلالها إحدى أبرز رائدات المشهد الثقافي والفني في دولة الإمارات.
صوت دافئ
بدأت الراحلة مسيرتها المهنية عام 1969 من إذاعة أبوظبي، حيث لفتت الأنظار بصوتها الدافئ وقدرتها الفائقة على التواصل مع الجمهور، فسرعان ما أصبحت من الأسماء المعروفة في الساحة الإعلامية، قبل أن تنتقل إلى التلفزيون، وتبدأ مرحلة جديدة من مسيرتها، مهدت خلالها الطريق لجيل كامل من الفنانات الإماراتيات.
في السبعينيات، خطت رزيقة الطارش أولى خطواتها في التمثيل، لتصبح واحدة من أوائل الممثلات في دولة الإمارات، ووجهًا مألوفًا في البيوت الخليجية من خلال مشاركاتها المتعددة في أعمال درامية ترسخت في ذاكرة المشاهد، ومن أبرزها:«حظ يا نصيب»، «حاير طاير»، «طماشة»، «سعيد الحظ»، و«القيّاضة».
لكن الدور الأبرز في مسيرتها والذي ظل محفورًا في وجدان الجمهور الخليجي كان شخصية "ميثا" في المسلسل الكوميدي الشهير «أشحفان»، الذي يعد أحد أبرز الأعمال الكوميدية في تاريخ الدراما الإماراتية، وساهم بشكل كبير في ترسيخ مكانة الطارش كممثلة قادرة على المزج بين البساطة والعمق في الأداء.
حضور دائم
رغم قلة الإنتاج الفني النسائي في بدايات الدراما الإماراتية، تمسكت رزيقة الطارش بشغفها واستمرت في العمل حتى السنوات الأخيرة من حياتها. شاركت في مسلسل «الطواش» عام 2019، وظهرت في فيلم «ظل البحر» عام 2012، كما وقفت على خشبة المسرح في عدد من العروض كان من أبرزها مسرحية «الله يا الدنيا» عام 1974.
في مجال السينما، شاركت الراحلة في ثلاثة أفلام هي «عقاب»، «الخطبة»، «ظل»، مؤكدة حضورها المتنوع في مختلف أشكال الفنون الأدائية.
لم تكتفِ رزيقة الطارش بالتمثيل، بل كانت لها إسهامات لافتة في مجال الكتابة الدرامية. فقد كتبت مسلسل «ناعمة ونعيمة»، وهو عمل كوميدي شارك في بطولته الفنانون سميرة أحمد وأحمد الأنصاري. كما قامت بتأليف نصوص عدد من المسلسلات من بينها: «عذاب الضمير»، «عتيجة وعتيج»، حيث أظهرت من خلالها قدرة على الغوص في تفاصيل الشخصيات المحلية وتقديمها بواقعية وصدق.
تميّزت رزيقة الطارش بأدائها الصادق وبراعتها في تجسيد الشخصيات الشعبية، ما منحها مكانة خاصة في قلوب المشاهدين وداخل الوسط الفني الإماراتي والخليجي، وقد ظلّت، طوال مسيرتها، رمزًا للمرأة الإماراتية التي كسرت حواجز البدايات، وفرضت حضورها في وقت كانت فيه الدراما المحلية لا تزال في طور التكوين.
رحلت رزيقة الطارش، لكنها تركت إرثًا لا يُنسى، وسيرة فنية حافلة تستحق أن تُروى في تاريخ الفن الإماراتي، كواحدة من الرائدات اللواتي وضعن أسس الدراما المحلية، وعبّدن الطريق أمام أجيال جديدة من الفنانات.