تخطط الدنمارك أن تبدأ رئاستها للاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، بالدعوة إلى الاتحاد لمواجهة الحرب في أوكرانيا والفوضى الناجمة عن زيادة الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب "إيه بي سي نيوز" الأمريكية.
وتبدأ الدنمارك رئاستها الثامنة للاتحاد الأوروبي منذ انضمامها إليه في عام 1973، وتأتي ولاية الدولة الاسكندنافية التي تستمر 6 أشهر على رأس أكبر كتلة تجارية في العالم، في وقت يشهد حربًا تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
قالت وزيرة الشؤون الأوروبية الدنماركية، ماري بيير: "نشهد حربًا على الأراضي الأوروبية، إذ نواجه حروبًا تجارية، ورسومًا جمركية جديدة، وحليفنا الأقرب، الولايات المتحدة، ينكمش على نفسه أكثر فأكثر، ولم يعد بإمكان أوروبا أن تبقى في ظل الولايات المتحدة. علينا الآن أن نعتمد على أنفسنا".
أوروبا القوية
تتناوب الدول الأعضاء السبعة والعشرون في الاتحاد الأوروبي على رئاسة الاتحاد كل ستة أشهر، وتحدد الدولة المسؤولة أولويات السياسات وتنظم أجندة عمل الاتحاد، ومن المفترض أن تعمل كوسيط نزيه، متجاهلةً المصالح الوطنية لتعزيز التوافق.
تدخل الدنمارك فترتها الجديدة بشعار "أوروبا قوية في عالم متغير"، ويهدف هذا الشعار إلى ضمان قدرة الاتحاد الأوروبي على تحمل مسؤولية أمنه، وتعزيز تنافسيته الاقتصادية، والتصدي لتغير المناخ.
تُعتبر حرب روسيا على أوكرانيا، التي دخلت عامها الرابع، تحديًا وجوديًا في أوروبا، وستؤثر بشدة على معظم النقاشات السياسية، كما أن الاضطرابات الاقتصادية تنتظرها، إذ ينتهي تعليق ترامب للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا في 9 يوليو، دون التوصل إلى اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حتى الآن.
حذّر حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أن روسيا قد تكون مستعدة لمهاجمة دولة أوروبية أخرى خلال 3-5 سنوات، وللاستعداد، اتفق التحالف العسكري - الذي ينتمي معظم أعضائه إلى دول الاتحاد الأوروبي - على ضرورة رفع الاستثمار الوطني في المجالين العسكري والدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
الدفاع الأوروبي
وتضع الدنمارك أولوية لوضع أوروبا على المسار الصحيح للدفاع عن نفسها بشكل صحيح بحلول عام 2030، ما يتطلب وضع الأساس للدول لشراء المعدات العسكرية اللازمة لتنفيذ خطط الدفاع لحلف شمال الأطلسي مع وجود أولويات ترامب الأمنية خارج أوروبا.
و بحسب "إيه بي سي نيوز" يعني هذا اختتام المفاوضات بشأن المقترحات التي من شأنها مساعدة البلدان على شراء وتصنيع المعدات العسكرية معًا، تُعدّ مساعدة أوكرانيا، وكذلك مولدوفا، على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قريبًا أولوية أمنية أخرى.
تقول الدنمارك إنها تهدف إلى إبقاء الدولتين تتحركان نحو العضوية معًا، لكن المجر تُعيق طريق أوكرانيا. يُصرّ رئيس الوزراء فيكتور أوربان على ضرورة بقاء أوكرانيا منطقة عازلة بين روسيا ودول الناتو، مع الانتخابات الجديدة في مولدوفا في سبتمبر، يتزايد الضغط على الاتحاد الأوروبي لـ"فك الارتباط" بين مسارات انضمامه.
مواجهة البيروقراطية
مع شنّ ترامب حربًا جمركية، شهدت التجارة تغيرًا جذريًا، سعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع دول أخرى، مثل الهند، بينما يجري حاليًا تجديد اتفاقيات تجارية أخرى. وتؤكد الدنمارك أهمية تسريع هذه العملية، وتقول الحكومة في كوبنهاجن إنها تسعى أيضًا إلى خفض المزيد من الإجراءات البيروقراطية من أجل تسريع الابتكار.
يلوح في الأفق تحدٍّ كبير يتعلق بميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأجل المقبلة. وتعتزم فون دير لاين الكشف عن مخطط المفوضية لحزمة الإنفاق الممتدة لسبع سنوات، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في عام 2028، في16 يوليو.
مع ثقل زيادة الإنفاق الدفاعي على الميزانيات الوطنية، من غير المرجح أن ترغب الدول الأعضاء في تخصيص المزيد من الأموال للأولويات الأوروبية. وتهدف الدنمارك إلى وضع النقاش الذي قد يستمر عامين على المسار الصحيح.
الحياد المناخي
رغم بعض التراجعات، لا يزال الاتحاد الأوروبي متمسكًا بهدفه المتمثل في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وذلك بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعويض أي انبعاثات متبقية، وستقود الدنمارك العمل على تحديد هدف لعام 2024لتوجيه العمل المناخي والاستثمار فيه، بما يضمن بقاء الاتحاد على المسار الصحيح.
جزء من ذلك سيكون التحول من الوقود الأحفوري إلى أشكال الطاقة الخضراء، وقد سلّطت حرب روسيا على أوكرانيا الضوء على مخاطر الاعتماد على مورد واحد في مجال الطاقة.
ولم تمنع العقوبات والضغوط السياسية بعض دول الاتحاد الأوروبي من الحصول على النفط والغاز من روسيا، على الرغم من أن مستوى الاعتماد انخفض بشكل ملحوظ منذ عام 2022. وتقول الدنمارك إن الاستمرار في التخلص التدريجي من روسيا يظل أولوية.
تقول كوبنهاجن أيضًا إنه ينبغي تسهيل التزام المزارعين بقواعد الاتحاد الأوروبي، وتريد أن تكون السياسة الزراعية للاتحاد بسيطة وملائمة للأعمال، ومن أهدافها إتمام المفاوضات حول حزمة لتبسيط القواعد.
صفر طالبي لجوء
في عام 2021، تحدثت رئيس وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن عن رؤية "صفر طالبي لجوء"، وستواصل حكومتها السير على خطى الاتحاد الأوروبي في البحث عن "حلول مبتكرة" لإدارة المهاجرين بشكل أفضل.
في ظل عجز دول الاتحاد الأوروبي عن الاتفاق على أفضل السبل للتعامل مع هذه الأزمة، ركزت في الغالب على ترحيل الأشخاص، حاولت إنشاء "مراكز عودة" في دول خارج الاتحاد، حيث يمكن إرسال طالبي اللجوء المرفوضة، وتؤكد الدنمارك على أهمية إقناع الناس بعدم التوجه إلى أوروبا في المقام الأول.
سيستمر العمل أيضًا على إعداد ميثاق سياسة اللجوء والهجرة الشامل، الذي سيدخل حيز التنفيذ العام المقبل، وقد اعتُبر هذا الميثاق الحل الأمثل لمشكلة الهجرة في أوروبا، إلا أن الدول لا تزال تختلف حول أفضل السبل لمواجهة هذا التحدي.