أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، سعي الحكومة الحثيث للحفاظ على المسار التنازلي لنسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
جاء ذلك خلال مشاركته، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية المنعقد في إشبيلية الإسبانية، وحضوره فعالية رفيعة المستوى بعنوان "حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح – تمويل أجندة 2030 في إفريقيا وما بعدها".
وشدّد "مدبولي" على أن السياسات الاقتصادية المصرية تركّز على تحقيق نمو اقتصادي مستدام بقيادة القطاع الخاص، لمواصلة الاتجاه النزولي في مؤشرات الدين على المدى المتوسط، بما في ذلك الدين الخارجي وعبء خدمة الدين.
احتواء الدين والإصلاح الاقتصادي
في كلمته، أكد "مدبولي" أن مصر لم تتوقف عن محاولات احتواء الدين، بل اعتمدت إصلاحات مالية جادة أبرزها الإصلاحات الضريبية التي تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية وتسهيل الإجراءات، كما تم توسيع برنامج الطروحات العامة لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
وأضاف أن مصر حققت فوائض أولية في الميزانية على مدى السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك هذا العام، بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما ساهم بشكل كبير في خفض الدين العام.
وتستهدف الحكومة المصرية تحقيق فائض أولي بنسبة 4% العام المقبل، وأوضح أن هذه الإجراءات، إلى جانب تدابير أخرى، ساعدت على خفض الدين العام من 96% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2023 لنحو 90% في يونيو 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 86% بنهاية السنة المالية 2024 /2025.
الاستثمارات الكبرى
أشار رئيس الوزراء المصري إلى التركيز على النمو الاقتصادي المستدام بقيادة القطاع الخاص، ودمج وتطوير أدوات وتقنيات مالية مبتكرة جديدة، وتنفيذ العديد من مشروعات التنمية، خاصة في مجال الطاقة المتجددة.
وسلّط الضوء على اتفاقية رأس الحكمة التاريخية مع دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي، التي ضخت 35 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو أكبر مبلغ يتم الحصول عليه في تاريخ البلاد.
وأوضح أن هذه الاتفاقية لم تخفف من ضغط السيولة في مصر فحسب، بل فتحت آفاقًا لاستثمارات بمليارات الدولارات، وستضم مشروعات سياحية وسكنية ومناطق استثمارية ومدنًا ترفيهية ومرافق خدمية.
إصلاح الهيكل المالي العالمي
شدد "مدبولي" على ضرورة أن يتطور الهيكل المالي الدولي الحالي ليقدم المزيد من الدعم للدول النامية، وقال: "المنظومة تحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية لضمان الوصول المستدام إلى تمويل طويل الأجل وبتكلفة معقولة، ولتمكين آليات عادلة وفعالة لتسوية الديون".
وأضاف أن هذه التحسينات ضرورية لإعادة بناء الثقة في النظام العالمي، وتمكين الدول من الاستثمار في شعوبها ومستقبلها.
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري أن توسيع نطاق مبادلات الديون وخفض تكاليف معاملاتها، وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة، وتسخير قوة المؤسسات المالية الدولية في رفع رأس المال، كلها أولويات إصلاحية رئيسية.
كما شدّد على أهمية مراعاة خصوصية كل دولة عند تقديم أي مقترحات لتمويل التنمية وخفض الديون.
مشاركة مصرية رفيعة المستوى
حضر الفعالية كل من الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كُجوك وزير المالية، والدكتور محمود محيي الدين مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة ورئيس فريق الخبراء رفيعي المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمي.
وتناولت الدكتورة رانيا المشاط جهود الوزارة في تمويل مشروعات التنمية في مصر عبر آليات جديدة ومبتكرة، وجهود مبادلة الديون. من جانبه، أكد أحمد كُجوك أهمية التعاون بين الدول الإفريقية والمؤسسات المالية الدولية لدعم جهود تمويل التنمية.
أما الدكتور محمود محيي الدين، فأكد أن أزمة الديون لا يمكن أن تستمر كأزمة صامتة، داعيًا إلى تضافر الجهود لحلها لتجنب المزيد من التحديات أمام التعليم والصحة والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
واستعرض محيي الدين المقترحات الـ11 التي تهدف لتخفيف أعباء الديون الحالية وإيجاد حلول فورية لها، وصياغة آليات تمنع تكرار أزمة الديون مستقبلًا، معتبرًا أنها مكملة "لتعهدات إشبيلية".