الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرج "إن شاء الله الدنيا تتهد": العنوان جاء تلقائيا ويجسد الإحساس الذي أبحث عنه

  • مشاركة :
post-title
لقطة من فيلم "إن شاء الله الدنيا تتهد"

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

حول شخصية تمر بمرحلة اضطراب أو مأزق حياتي، وتسعى للخلاص أو للتكيف مع واقع قاسٍ يفرض نفسه بقوة. من خلال مشاهد مركزة ومكثفة، يستعرض الفيلم القصير المصري "إن شاء الله الدنيا تتهد"، للمخرج كريم شعبان مشاعر الحيرة، الألم، وربما الرغبة في الهدم كرمز للبدء من جديد، وهو ما يوحي به عنوان الفيلم ذاته، كصرخة داخلية تمزج بين السخرية واليأس والأمل غير المعلن في إعادة البناء على أنقاض الحاضر.

يؤكد المخرج كريم شعبان في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن فكرة الفيلم جاءت من موقف بسيط واقعي، إذ يقول: "ليس كل موقف بسيط يصلح لأن يروى في فيلم، ولكن هناك لحظات، رغم بساطتها الظاهرة، تحمل في طياتها معاني عميقة للغاية عنّا كأشخاص، وعن الحياة التي نعيشها، وعن تطورنا المستمر. أحيانًا نلحظ هذه اللحظات، وأحيانًا نتمرد أن نشعر بها".

ويضيف: "أعتبر نفسي محظوظًا لأنني تمكنت من استيعاب تأثير لحظة كهذه على نفسي، واستخدمت السينما كوسيلة لفهم أعمق لما يجري داخلي، والتفاعل بصدق مع الموقف بشكل عميق. ومن خلال ذلك، تعلمت كيف أطرحه في فيلم يُعبر عن الأفكار والصراعات التي تكمن وراء هذه اللحظات البسيطة، لكنه في جوهره غني بالإنسانية والواقع".

المخرج المصري كريم شعبان
جوهر اللحظة

يشير المخرج المصري إلى أن فكرة عنوان الفيلم "إن شاء الله الدنيا تتهد"، جاءت لتعبر عن جوهر الفيلم، إذ يقول: "الحقيقة أنني ممتن للغاية لهذا الاسم، لأنه ليس مجرد عنوان يعبر عن اللحظة التي تدور داخل الفيلم فقط، بل هو أيضًا انعكاس لحالة كل منا نمر بها في لحظات ضغط مختلفة. هذه الحالة بالذات هي التي يتناولها الفيلم ويحكي عنها".

ويضيف: "الجميل في الاسم أنه عندما تسمعه لأول مرة، قد يبدو تركيبًا لغويًا غريبًا، لكنه فور قراءتك له تشعر بحاجة دفينة وعميقة الإحساس الذي عاشته شخصيات الفيلم، وهو أمر ساحر للغاية. الفكرة بدأت عندما اقترح عليّ رامي علام، أحد المنتجين المشاركين، هذا الاسم عبر رسالة صوتية، أتذكر ذلك اليوم جيدًا، كنت أقود السيارة على الطريق الصحراوي، وبدون تفكير أو تردد، قلت له: "هذا هو اسم الفيلم، لا داعي للبحث أكثر"؛ لأنه ببساطة يعبر عن ذلك الإحساس العميق الذي كنت أشتغل عليه في الفيلم، وهذا ما يجعل الاسم مميزًا وحقيقيًا".

قرارات مصيرية

يرى كريم شعبان أن شخصية "لبنى"، التي قدمتها الفنانة المصرية سلمى أبو ضيف في العمل، تشبهنا جميعًا إلى حد كبير، إذ يقول: "شخصية "لبنى" ليست انعكاسًا مباشرًا لتجربتي الشخصية، لكنها تمثل شخصية درامية من خلالها استطعنا أن نطرح طبيعة الموقف بشكل مؤثر وسينمائي. لبنى شابة في بداية عمرها تعمل منتجة فنية، ولديها طموح كبير للتطور والنمو في مهنتها، لكنها تواجه موقفًا يوميًا عاديًا جدًا لكنه معقد في قلبه، ويتطلب منها اتخاذ قرار صعب".

ويضيف: "في هذه اللحظة قد نمر بها جميعًا، أحيانًا نشارك المسؤولية فيها، وأحيانًا نكون أصحاب القرار بالكامل، وكل واحد منا يختار حسب التغيرات التي تحدث في حياته. وفي فيلم "إن شاء الله الدنيا تتهد"، تم وضع لبنى في اختبار يتطلب منها التفاعل مع كل المتغيرات المحيطة بها. الهدف من ذلك هو أن ننظر معًا إلى هذه اللحظة ونسأل أنفسنا: ما هو الصحيح؟ وما هو الخطأ؟".

وتابع: "أرى أننا جميعًا نُشبه لبنى إلى حد كبير، فكلنا نتخذ قرارات مصيرية، وقد يكون أصعبها أحيانًا أن نقرر في مصلحتنا الشخصية لا مصلحة الآخرين. وسرعة الحياة، وتطورنا المستمر، ورغبتنا في التقدم، كلها تخلق نوعًا جديدًا من الصراعات الخفية، صراعات مستقبلية ليست دائمًا واضحة لنا، ولا يستطيع أحدنا فهمها أو وصفها بدقة".

فيلم "إن شاء الله الدنيا تتهد"
اختيار سلمى أبو ضيف

وعن اختيار الممثلة سلمى أبو ضيف لتكون بطلة العمل، يقول: "كنت أتابع سلمى كممثلة بشكل مستمر، وشاهدت تطورًا كبيرًا في أدائها من خلال أعمالها السابقة. وعندما بدأنا نناقش الترشيحات، كان اسم سلمى مطروحًا بقوة. وفي الوقت نفسه كان يعرض لها مسلسل "رسالة الإمام"، حيث ظهر أداؤها مبهرًا، وحضورها قوي ومؤثر في كل مشهد. وأثناء المشاهدة، رأيت سلمى مناسبة جدًا لدور لبنى، وقلت لنفسي: "يا رب الفيلم يعجبها ونتعاون معًا'".

وتابع: "سلمى فنانة موهوبة ومجتهدة جدًا، وكان واضحًا للجميع حرصها الكبير على التفاصيل الدقيقة، وتحضيرها المركز للدور. ومن أول الاجتماعات، كانت تطرح تساؤلات عميقة عن طبيعة الشخصية، وطبيعة الموقف، وحتى عن سبب اختياري كمخرج لصناعة الفيلم. وتعاملت مع الشخصية بوعي واحترام كبيرين، دون إصدار أي أحكام مسبقة، وهذا شيء نبيل حقًا".

المهرجانات الدولية

وعن سبب مشاركة الفيلم في عدة مهرجانات دولية، يقول: "أعتقد أن طبيعة اللحظة والمواجهة الأخلاقية والفكرية التي يضعها الفيلم أمام المتفرج كانت الدافع الحقيقي لاختياره، وأظن أن الجمهور والمجتمع الأمريكي يواجهون نفس نوع المواجهات في حياتهم اليومية، وهذا ما جعله مقبولًا ومؤثرًا".

وختم حديثه برسالة العمل، قائلًا: "الحكم دائمًا يُترك للجمهور. الفيلم ليس لديه رسالة أخلاقية مباشرة، وفي نفس الوقت ليس خاليًا منها. هو يحاول أن يضع المتفرج في لحظة قد يكون قد عاشها من قبل، لكنه يطرحها من منظور مختلف، في انتظار رد فعله وانطباعه حسب طبيعة اللحظة".