شخص لطيف يحب الفن بمعناه العام ويقبل أن يخدم في هذا المجال بأي صورة وبشكل راقٍ ومحترم".. هكذا وصف الكاتب عبدالرحيم كمال الراحل عزت أبو عوف الذي تحل ذكرى وفاته اليوم، وهو انطباع تركه الراحل في كل من عرفه، فقد ظل اسم عزت أبو عوف حاضرًا، لا لأنه فقط ممثل أو موسيقي، بل لأنه كان حالة فنية وإنسانية راقية.
عزت أبو عوف الذي وُلد عام 1948 في قلب القاهرة، لكن ملامح مسيرته لم تُرسم بيد المدينة وحدها، بل تشكلت بين جدران بيت تنساب فيه الموسيقى، فوالده هو الموسيقار المعروف أحمد شفيق أبو عوف، ووسط هذا العشق الفني تربى وعزف ولحن.
لم يكن الطب الذي درسه سوى محاولة للتعايش مع المكتوب، ولكن سرعان ما جذبته آلة الأورج وشغف التلحين، والتحق في ستينيات القرن الماضي بمعهد الكونسرفتوار، زامل عمر خيرت وشارك عمر خورشيد ووجدي فرنسيس وأسس فرقة "لي بيتى شاه" عام 1967، ومنذ تلك اللحظة، بدأ في رسم ملامح موسيقية خاصة به.
"4 إم"
أنشأ عزت مع شقيقاته الأربع: منى، مها، منال، ومرفت فرقة "4 إم"، وهي تجربة استمرت 12 عامًا، أبهج خلالها الجمهور في مصر والعالم العربي، وقدموا ألبومات تركت أثرها مثل "جنون الديسكو"، "ليالي زمان"، "دبدوبة التخينة"، "خلي الستارة" وغيرها.
ورغم محاولات إعادة التجربة، ظل حريصًا على الصورة التي تركوها في الذاكرة، وحكى عن سبب عدم العودة في لقاء متلفز: "كنت أخشى على صورة شقيقاتي، تلك التي رسمناها معًا يومًا، وتركنا صورة طيبة ليس في مصر فقط بل في العالم العربي كله، وكنت خائفًا جدًا على ظهورهن بعد غياب طويل".
تنوع في الأدوار
في السينما، لم يكن عزت أبو عوف فنانًا عابرًا، حتى أدواره الصغيرة كانت تحمل قيمة، إذ انطلقت رحلته من فيلم "آيس كريم في جليم" مع عمرو دياب عام 1992، وشيئًا فشيئًا تنوعت أدواره بين الكوميديا، التراجيديا، وأفلام الأكشن، حيث قدم قرابة 200 عمل متنوع ما بين السينما والدراما، من بينها: "عمر وسلمى"، "حسن ومرقص"، "الجزيرة"، "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، "حبيبي نائمًا".
موسيقى تصويرية
بعيدًا عن الأضواء، كان له حضور آخر خلف الكواليس، إذ لحن موسيقى مسلسلات شهيرة مثل "حكاية ميزو"، ووضع موسيقى عروض مسرحية منها "الدخول بالملابس الرسمية".
مهرجان القاهرة السينمائي
في واحدة من أهم محطات حياته، تولى عزت أبو عوف رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من 2006 إلى 2012، واعتبر تلك السنوات تكليفًا قبل أن تكون تشريفًا، وحرص على أن يخرج المهرجان بصورة تليق بسمعة مصر.
وبعد ترك المنصب، أطل بتصريح لم يعتده الجمهور، معترفًا بندمه عن ظهوره في مشهد في فيلم "أيظن"، قائلاً: "وجودي في مهرجان القاهرة جعلني لا أحب أن أتذكر هذا المشهد.. أخجل منه حتى اليوم".
الوداع
على الصعيد الشخصي، عاش عزت أبو عوف قصة حب امتدت 36 عامًا مع زوجته فاطيما، وبعد رحيلها عام 2012، دخل في حالة نفسية صعبة، وأُصيب بانهيار عصبي، ثم أزمات صحية متتالية.
لاحقًا، تزوّج من أميرة، مديرة أعماله لسنوات، لكنها لم تشغل نفس المساحة التي احتلتها الراحلة.
في سنواته الأخيرة، ابتعد عن الأضواء طوعًا، وكان ظهوره نادرًا، حتى حل به المرض، وتدهورت حالته تدريجيًا، وغادر في صمت في مثل هذا اليوم عام 2019.