الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد مذكرات الاعتقال ورفض الطعون.. من يقف وراء الهجمات على "العدالة الدولية"؟

  • مشاركة :
post-title
المحكمة الجنائية الدولية

القاهرة الإخبارية - أحمد منصور

في عالم يتشابك فيه القانون بالسياسة، وتتصارع فيه العدالة مع منطق القوة، لا تمر قرارات المحكمة الجنائية الدولية دون صدى أو دون انتقام. اليوم الاثنين، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها تعرضت لهجوم إلكتروني وصفته بـ"الجديد، المتطور، ومحدد الهدف"، مشيرة إلى أنها تمكنت من احتوائه. لم تذكر المحكمة من يقف وراء الاختراق، لكنها لم تنكر طبيعته الدقيقة والمركزة، ما يفتح بابًا لطرح سؤال في غاية الأهمية: من له مصلحة حقيقية في الهجوم على المحكمة التي تلاحق مجرمي الحرب وتكسر حصانة الساسة؟

بداية الأمر: قرارات تهز العروش

تعود القصة إلى نوفمبر 2024، إذ دخلت المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة غير مسبوقة مع دول كبرى، بعد أن أصدرت مذكرتي اعتقال بحق كل من بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويوآف جالانت، وزير الدفاع السابق، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، من بينها استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.

وتمضي المحكمة في قراراتها بثبات، إذ رفضت بالإجماع الطعون التي تقدمت بها إسرائيل بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي، مؤكدة أن اختصاصها في هذه القضية قائم ولا يحتاج لموافقة إسرائيل.

الرد الأمريكي: عقوبات بدلًا من العدالة

الرد لم يتأخر، وتحت شعار حماية الحلفاء، وبنبرة غاضبة، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقع أمرًا تنفيذيًا بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، واصفًا إياها بأنها "منظمة منحازة لا ولاية لها على الولايات المتحدة أو إسرائيل".

لم يكتف "ترامب" بالكلام، بل فرضت إدارته بالفعل عقوبات مباشرة على أربع قاضيات بالمحكمة، وجاء في بيانه أن المحكمة "تتجاوز صلاحياتها وتهدد السيادة الأمريكية والأمن القومي"، واعتبر أن إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت يُشكل سابقة خطيرة يجب التصدي لها.

دعم أوروبي وقلق دولي

وفي المقابل، شدد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا على أن الاتحاد الأوروبي يقف خلف المحكمة، معتبرًا إياها "حجر زاوية للعدالة الدولية". ولكن كلمات الدعم هذه لم تحم خوادم المحكمة من التسلل الإلكتروني الأخير، ولا تلغي حقيقة أن هناك أطرافًا مستاءة جدًا من أحكام المحكمة، ومستعدة للرد خارج أروقة القضاء.

هجمات إلكترونية أم رسائل سياسية؟

هذا ليس الهجوم الإلكتروني الأول الذي تتعرض له المحكمة، إذ سبق أن استهدفت في هجوم مماثل خلال السنوات الماضية، ما يرجح وجود نهج مستمر لضرب الثقة في مؤسسات العدالة الدولية، أو على الأقل شل حركتها رقميًا، في عصر تدار فيه أغلب الوثائق والبراهين والاتصالات عبر المنصات الرقمية المؤمنة.

العدالة في مرمى النيران

الهجوم الإلكتروني الأخير على المحكمة الجنائية الدولية لا يمكن عزله عن السياق السياسي الملتهب الذي يحيط بقراراتها الأخيرة، خاصة المتعلقة بإسرائيل والولايات المتحدة. فحين تصدر أحكامًا تهز تحالفات دولية راسخة، تصبح المحكمة نفسها هدفًا. ولا يبقى إلا عدة أسئلة: هل أصبح القضاء الدولي مستهدفًا لأن مذكراته بدأت تطال "الكبار"؟ وهل سنشهد مستقبلاً محاولات أعمق لاختراق أدوات العدالة بدلًا من مواجهتها بالحجج القانونية؟ قد تكون الإجابة في أيدي من يحاولون تكميم صوت المحكمة بالصمت الرقمي، بما أننا نعيش عصر التكنولوجيا المتقدمة.