تجتاح القارة الأوروبية موجة حر استثنائية تحطم الأرقام القياسية وتهدد الصحة العامة، إذ سجلت إسبانيا رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 46 درجة مئوية، فيما تواجه فرنسا وإيطاليا واليونان والبرتغال ظروفًا جوية خطيرة مع توقعات باستمرار الحر حتى الأسبوع المقبل، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
إسبانيا والبرتغال.. أرقام قياسية مرعبة
حطمت إسبانيا رقمها القياسي الوطني لشهر يونيو بتسجيل 46 درجة مئوية في منطقة إل جرانادو جنوب غرب البلاد، أول أمس السبت، في حين أن هذا الرقم، الذي ينتظر التأكيد الرسمي من وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية "إيميت"، يتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 45 درجة مئوية المسجل في إشبيلية قبل ستة عقود.
حذرت الوكالة الإسبانية من استمرار موجة الحر حتى منتصف الأسبوع على الأقل، مع توقعات بتجاوز درجات الحرارة 35 درجة مئوية على نطاق واسع ووصولها لأكثر من 40 درجة على طول الساحل المتوسطي والمرتفعات الجنوبية الشرقية، بينما لن تنخفض درجات الحرارة ليلًا عن 20 درجة مئوية.
في البرتغال المجاورة، وصلت درجات الحرارة إلى 45.4 درجة مئوية في منطقة ألفيجا بمقاطعة سانتاريم الوسطى، أول أمس السبت، وأكدت الخدمة الوطنية للأرصاد الجوية أن موجة الحر ستمتد للأسبوع المقبل.
فرنسا تسجل موجة الحر الـ50
تعاني فرنسا من موجة حر لأكثر من أسبوع، التي تمثل الموجة الخمسين منذ عام 1947 وفقًا لخدمة الأرصاد الوطنية "ميتيو فرانس"، إذ وصلت درجات الحرارة، الأربعاء الماضي، إلى أكثر من 41 درجة مئوية في مدينة سيريه جنوب غرب البلاد، قبل أن تجتاحها عواصف رعدية عنيفة.
ضربت العواصف العاصمة الفرنسية باريس ومناطق أخرى بفيضانات ورياح بلغت سرعتها 85 ميلًا في الساعة، مع حبات بَرَد كبيرة وأكثر من 15 ألف صاعقة برق.
وعلى الرغم من البرودة المؤقتة، الخميس، أكدت "ميتيو فرانس" استمرار موجة الحر مع ارتفاع درجات الحرارة لتبلغ ذروتها قرب 41 درجة مئوية في المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية.
أشار خبراء الأرصاد في "ميتيو فرانس" إلى أن درجات حرارة سطح البحر المتوسط، التي تزيد حاليًا بتسع درجات عن المعدل الطبيعي، تمثل عاملًا مساهمًا في هذه الظاهرة.
بريطانيا وإيطاليا.. ضغط الحر الشديد
تشهد بريطانيا موجة الحر الرسمية الثانية هذا العام، مع توقعات بوصول درجات الحرارة إلى 34 درجة مئوية اليوم الاثنين، كما يشير مكتب الأرصاد البريطاني إلى أن موجة الحر المستمرة منذ ثلاثة أيام متتالية تحقق أو تتجاوز عتبات محددة إقليمياً تتراوح بين 25 درجة في الشمال والغرب و28 درجة في لندن والمقاطعات المحيطة.
تتزامن أعلى درجات الحرارة المتوقعة في وسط وشرق إنجلترا مع بداية بطولة ويمبلدون للتنس، مع احتمال وصولها إلى 35 درجة مئوية غدًا الثلاثاء في جنوب شرق البلاد، كما حذّر ماثيو لينهرت، كبير خبراء الأرصاد في المكتب البريطاني، من بقاء درجات الحرارة ليلًا مرتفعة دون انخفاض عن 20 درجة مئوية فيما يُسمى "الليالي الاستوائية".
وضعت وزارة الصحة الإيطالية 21 مدينة من أصل 27 تحت أعلى مستوى تحذير حراري، شملت روما وميلان ونابولي تحت التحذير من المستوى الثالث الذي يشير لحالات طوارئ حرارية تشكل مخاطر صحية حتى للأشخاص الأصحاء والنشطين.
وصلت درجات الحرارة بحلول بعد ظهر الأحد في ضاحية تور فيرجاتا جنوب شرق روما إلى قرابة 40 درجة مئوية، متجاوزة المعدل الصيفي الطبيعي البالغ 30 درجة.
اليونان.. حرائق وحر قاتل
اندلع حريق غابات جنوب أثينا، الخميس الماضي، مع ارتفاع درجات الحرارة، ما أجبر السلطات على إصدار أوامر إخلاء لعدة مجتمعات وإغلاق أجزاء من الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة ومنطقة سونيون موطن معبد بوسيدون التاريخي.
تجاوزت درجات الحرارة، الجمعة الماضي، 40 درجة مئوية في مناطق كثيرة من اليونان، مع تسجيل أعلى قراءة في منطقة سكالا بميسينيا جنوب البيلوبونيز عند 43.2 درجة مئوية، لتصدر الخدمة الوطنية اليونانية للأرصاد الجوية تحذيرًا طارئًا هذا اليوم، مع بقاء تحذيرات درجات الحرارة المرتفعة سارية في أجزاء من البر الرئيسي الشمالي والغربي وجزيرة كريت والجزر المجاورة، مع توقعات بدرجات حرارة قريبة من 38 درجة مئوية حتى اليوم الاثنين على الأقل.
تحذيرات مستقبلية
يعود مصدر الحر المستمر إلى نظام ضغط جوي مرتفع يستقر فوق غرب أوروبا، يُعرف باسم "قبة الحر"، ويعمل كغطاء يحبس الهواء الحار والجاف ويكثّف الحرارة مع مرور الوقت، ومع انتقال النظام شرقًا، يسحب أيضًا الهواء الحار من شمال إفريقيا، ما يسرّع الاحترار عبر المنطقة.
من المتوقع أن تبدأ موجة الحر في التراجع عبر معظم أنحاء أوروبا بحلول منتصف الأسبوع، إلا أن لكن خبراء الأرصاد في "ميتيو فرانس" حذروا من أن مثل هذه الأحداث تصبح أكثر تكرارًا وشدة نتيجة التغير المناخي، متوقعين أن تشهد أجواء فرنسا الصيفية بحلول نهاية القرن درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية سنويًا، مع ذرى محلية تصل إلى 50 درجة، محذرين من توقع "زيادة أيام موجات الحر عشرة أضعاف بحلول عام 2100".