الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مأزق استراتيجي ومحاولة للنجاة.. إيران بين شظايا الصواريخ وأبواب الدبلوماسية

  • مشاركة :
post-title
الرئس الإيراني مسعود بزشکیان وعلي خامنئي المرشد الأعلى

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه إيران أزمة استراتيجية غير مسبوقة، في ظل تراجع قدراتها الدفاعية الجوية وتآكل ترسانتها الصاروخية، ما يدفع قادتها إلى البحث عن مخرج دبلوماسي، من خلال استئناف المفاوضات النووية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورغم إشارات الانفتاح على المسار الدبلوماسي، تشترط طهران وقف الهجمات الإسرائيلية كمدخل أساسي لأي حوار. ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، تُعد هذه المرحلة من أخطر التحديات التي يواجهها النظام الإيراني منذ الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.

إلغاء المحادثات والبحث عن حلول دبلوماسية

ألغت طهران محادثات نووية كانت مقررة يوم الأحد مع واشنطن، لكنها أشارت إلى استعدادها للحوار وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية، إذ أكد الرئيس ترامب يوم الاثنين في قمة مجموعة السبع بكندا أن إيران تواصلت معه عبر وسطاء، قائلاً: "يريدون التحدث، لكن كان عليهم فعل ذلك من قبل".

وذكرت الصحيفة أن دبلوماسيين ومحللين يرون أن إيران تتطلع للمحادثات كمخرج محتمل والحفاظ على نظامها، كما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للدبلوماسيين الأجانب في طهران يوم الأحد: "في المستقبل، إذا توقف العدوان، من الواضح أن الأرض ستكون مهيأة للعودة إلى الدبلوماسية".

الضغوط الإقليمية والمواقف المتضاربة

تمارس الدول العربية ضغوطاً على ترامب للتأثير على الإسرائيليين لوقف حملتهم العسكرية.

وتقول إيران إنها مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات إذا توقفت إسرائيل عن هجماتها، إلا أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش نفى يوم الاثنين أن يكون ترامب قد ضغط على الإسرائيليين لوقف حملتهم، قائلاً: "ترامب لا يطلب منا التوقف".

ورغم ضراوة الهجمات الإسرائيلية على إيران، عبّر مسؤولون إيرانيون كبار عن عدم الثقة بترامب ونفوا مزاعمه بأن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلا أنهم حرصوا على عدم مهاجمة إدارة ترامب بقسوة، حذرًا من اتخاذ إجراءات قد تستفز الولايات المتحدة للمواجهة.

تداعيات الهجمات الإسرائيلية وردود الفعل

منذ الجمعة، دمرت الطائرات الحربية والصواريخ الإسرائيلية البنية التحتية للنظام الإيراني، مستهدفة المواقع النووية الإيرانية ومنصات الصواريخ ومنشآت النفط والطاقة والمباني الحكومية.

كما اغتالت إسرائيل كبار القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين، كما سُمعت الانفجارات مباشرة على التلفزيون الإيراني الرسمي يوم الاثنين، عندما وسعت إسرائيل أهدافها لتشمل مباني في طهران تابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون.

وكشفت الصحيفة أن كبار المسؤولين الإيرانيين سلموا المرشد الأعلى علي خامنئي قبل أربعة أشهر وثيقة بيضاء توقعت مستقبلاً مخيفاً للبلاد، تصورت سيناريو تشن فيه إسرائيل ضربات جوية على البرنامج النووي الإيراني، بينما تطبق واشنطن "ضغطاً أقصى" في شكل عقوبات.

الشروط الإيرانية والعقبات أمام التفاوض

توضح الصحيفة أن إيران اشترطت للعودة إلى المفاوضات أن يدين ترامب الضربات الإسرائيلية علنًا، إذ قال عراقجي للدبلوماسيين الأجانب يوم الأحد: "رسالة خاصة لا تكفي، والحكومة الأمريكية بحاجة إلى إدانة الهجوم على المنشآت النووية والانسحاب صراحة من هذا الصراع لإثبات حسن نواياها".

كما أكد عراقجي أن إيران لن تقبل سوى صفقة تسمح لها بتخصيب اليورانيوم، متهماً إسرائيل بضرب إيران لمنع المحادثات النووية من المضي قدمًا.

ومن جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الضربات كانت ضرورية لمنع إيران من بناء سلاح نووي، فيما يتفق معظم الخبراء الغربيين على أن إيران لم تكن تبني قنبلة، لكنها كانت قريبة من صنع واحدة في غضون أشهر قليلة.

التحديات المستقبلية والخيارات الخطيرة

حذرت سانام واكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس، من أن إيران "ليس لديها خيار سوى إبقاء الباب مفتوحاً أمام حل دبلوماسي" رغم عدم ثقتها بترامب. وأضافت: "سواء أعجبهم ذلك أم لا، فالأمر يتضمن الولايات المتحدة وإدارة ترامب".

وأشار محللون إلى أنه إذا لم تُنهِ الدبلوماسية الحرب قريباً، قد تقرر إيران توسيع الحرب إقليميًا. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي حصار مضيق هرمز إلى أزمة كبيرة في إمدادات النفط وارتفاع في الأسعار وانخفاض في الأسواق العالمية، مما قد "يخلق ضغطًا أكبر" على الولايات المتحدة والمنطقة "لفرض نتيجة دبلوماسية".

وخلص علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن الإيرانيين "يعرفون أن ترامب حريص على إبرام صفقة، لكنهم من غير المرجح أن ينحنوا كثيرًا لاستيعابه خشية أن يؤكد ذلك أنهم يائسون".

وأضاف: "بالنسبة للإيرانيين، الشيء الوحيد الأكثر خطورة من وجهة نظرهم من المعاناة من قصف إسرائيل هو الاستسلام لشروط أمريكا".