الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"أين دفاعنا الجوي؟".. رسائل القادة تكشف ارتباك إيران عقب الهجوم الإسرائيلي

  • مشاركة :
post-title
أحد المباني المتضررة من القصف الإسرائيلي في طهران يوم الجمعة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

منذ أكثر من أسبوع، مكث كبار قادة إيران يخططون لصد هجوم إسرائيلي متوقع في حال فشل المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، لكن يبدو أنهم ارتكبوا خطأً فادحًا في التقدير، حيث اندلع الهجوم قبل جولة المحادثات ببضعة أيام.

ووفق ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، لم يتوقع أحد في القيادة الإيرانية أن تشن إسرائيل هجومًا قبل جولة المحادثات التي كان مقررًا لها اليوم الأحد في سلطنة عُمان، وبدلًا من ذلك، نفوا التقارير التي أفادت بقرب وقوع هجوم، واعتبروها دعاية إسرائيلية تهدف إلى الضغط على طهران لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي خلال تلك المحادثات.

ووفق ستة مسؤولين إيرانيين كبار وعضوين من الحرس الثوري تحدثوا إلى الصحيفة، لم يلجأ كبار القادة العسكريين إلى ملاجئ آمنة ليلة الهجوم الإسرائيلي، بل مكثوا في منازلهم.

كما تجاهل الجنرال أمير علي حاجي زادة، قائد وحدة الفضاء الجوي التابعة للحرس الثوري، وكبار أركانه توجيهًا بعدم التجمع في مكان واحد، وعقدوا اجتماعًا طارئًا للحرب في قاعدة عسكرية بطهران، وهكذا قُتلوا جميعًا عندما ضربت إسرائيل القاعدة.

وبحلول مساء أمس الجمعة، بدأت الحكومة الإيرانية في إدراك مدى الأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي الذي دمرّ جزءًا كبيرًا من القدرات الدفاعية الإيرانية، وكذلك الرادارات والدفاعات الجوية؛ وعرقلت وصولها إلى ترسانتها من الصواريخ الباليستية؛ وقضت على شخصيات بارزة في التسلسل القيادي العسكري.

صور الأقمار الصناعية للأضرار بالمنشآت النووية الإيرانية في "نطنز"
إخفاقات كبرى

تناول تقرير "نيويورك تايمز" رسائل نصية خاصة بين القادة الإيرانيين عقب الهجوم الإسرائيلي، إذ كان بعض المسؤولين يتساءلون بغضب: "أين دفاعنا الجوي؟" و"كيف يمكن لإسرائيل أن تأتي وتهاجم أي شيء تريده، وتقتل كبار قادتنا، ونحن عاجزون عن إيقافها؟" كما تساءلوا عن الإخفاقات الاستخباراتية والدفاعية الرئيسية التي أدت إلى عجز إيران عن توقع الهجمات المقبلة، والأضرار الناجمة عنها.

ونقلت الصحيفة عن حميد حسيني، عضو لجنة الطاقة في غرفة التجارة الإيرانية: "فاجأ الهجوم الإسرائيلي القيادةَ تمامًا، لا سيما بقتله كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين. كما كشف عن افتقارنا للدفاع الجوي المناسب وقدرتهم على قصف مواقعنا الحيوية وقواعدنا العسكرية دون مقاومة".

وأكد "حسيني" أن اختراق إسرائيل الواضح للأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية صدم المسؤولين أيضًا.

ورغم أنه على مدار سنوات، نفذت إسرائيل عمليات سرية في إيران ضد أهداف عسكرية ونووية، ونفّذت اغتيالات مستهدفة لعلماء نوويين في إطار حربها الخفية مع إيران، لكن هجوم أمس الجمعة متعدد الجوانب والمعقد، الذي شمل طائرات مقاتلة وعملاء سريين هرّبوا قطع غيار صواريخ وطائرات بدون طيار إلى داخل البلاد، يشير إلى مستوى جديد من الاختراق.

منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "القبة الحديدية" تحاول اعتراض الصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب
لحظة محورية

عقب الضربة الإسرائيلية، عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، المؤلف من 23 عضوًا، اجتماعًا طارئًا لمناقشة كيفية ردّ الدولة. وفي الاجتماع، قال المرشد الأعلى علي خامنئي إنه يريد الانتقام لكنه لا يريد التسرّع.

ووفقًا لمسؤولين مطلعين على المناقشات، برزت انقسامات حول موعد وكيفية رد إيران، وما إذا كانت قادرة على تحمّل حرب طويلة الأمد مع إسرائيل قد تجرّ الولايات المتحدة أيضًا، نظرًا للضرر البالغ الذي لحق بقدراتها الدفاعية والصاروخية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الاجتماع إنه إذا ردّت إسرائيل بمهاجمة البنية التحتية الإيرانية أو محطات المياه والطاقة، فقد يؤدي ذلك إلى احتجاجات أو أعمال شغب.

كما نقلت عن عضو في الحرس الثوري مطلع على الاجتماع أن المسؤولين فهموا أن خامنئي يواجه لحظة محورية في سلطته التي استمرت قرابة 40 عامًا "كان عليه أن يقرر بين التصرف والمخاطرة بحرب شاملة يمكن أن تنهي حكمه، أو التراجع، وهو ما سيتم تفسيره محليًا ودوليًا على أنه هزيمة".

في النهاية، أمر خامنئي الجيش الإيراني بمهاجمة إسرائيل. كانت الخطة -وفقًا لاثنين من أفراد الحرس الثوري- تقضي بإطلاق ما يصل إلى ألف صاروخ باليستي على إسرائيل لتجاوز دفاعاتها الجوية وضمان أقصى قدر من الضرر. لكن الضربات الإسرائيلية على قواعد الصواريخ حالت دون نقل الصواريخ بسرعة من المخازن ووضعها على منصات الإطلاق، على حد قولهما.

في النهاية، لم تتمكن إيران من حشد سوى نحو 100 صاروخ في موجات هجماتها الأولى. وقُصفت سبعة مواقع على الأقل حول تل أبيب، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين، وإلحاق أضرار بالمباني السكنية. وبعد أن هدأت حدة الهجمات الإسرائيلية جزئيًا، سارع الجيش الإيراني إلى إصلاح بعض دفاعاته الجوية المتضررة وتركيب أخرى جديدة، وفقًا لمسؤولين.

وظل المجال الجوي الإيراني مغلقًا، مع توقف الرحلات الجوية وإغلاق المطارات؛ بينما أرسلت طهران موجات أخرى من الصواريخ التي طالت الأراضي المحتلة.