في موقف موحد، أدانت دول مجلس التعاون الخليجي الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، معتبرة إياه "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي" و"عدوانًا غاشمًا يهدد أمن المنطقة واستقرارها"، فيما قدم العراق شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، معربًا عن "إدانته الشديدة" لما وصفه بـ"الانتهاكات السافرة" من قبل إسرائيل، عبر خرق الأجواء العراقية واستخدامها لتنفيذ اعتداءات عسكرية في المنطقة.
ويأتي الإجماع الخليجي على إدانة الهجوم الإسرائيلي ضد إيران، ضمن سلسلة تحذيرات من تصعيد خطير يهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها.
العراق يشكو
وجاء في نص الشكوى العراقية إلى مجلس الأمن الدولي أن هذه الممارسات "تمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة العراق وتجاوزًا واضحًا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما المبادئ المتعلقة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
ودعا العراق في شكواه مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات رادعة بحق إسرائيل، ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلًا، بما يضمن احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه، ويسهم في حماية أمن المنطقة واستقرارها.
إجماع خليجي
وأجرى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، نقل له خلاله موقف المجلس المتمثل في إدانة "العدوان الإسرائيلي"، ورفض استخدام القوة وضرورة انتهاج الحوار لحل الخلافات.
وأضاف البديوي أن الهجوم الإسرائيلي الأخير "يعوق جهود تهدئة الوضع والتوصل إلى حلول دبلوماسية"، داعيًا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى "تحمل مسؤولياتهما لوقف هذا العدوان فورًا وتجنب التصعيد الذي قد يشعل صراعًا أوسع مع عواقب وخيمة على السلام الإقليمي والدولي".
توسع رقعة الصراع
جاءت ردود الفعل الرسمية من السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، البحرين، وسلطنة عمان متقاربة في مضمونها، مشددة جميعها على ضرورة التهدئة وضبط النفس، ورفض الانجرار إلى مواجهة إقليمية شاملة.
برزت السعودية في قلب الحراك الدبلوماسي الخليجي، إذ أجرى وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان اتصالات مع نظرائه في إيران ومصر والأردن، في مسعى لتنسيق موقف عربي موحد يسعى إلى احتواء الأزمة ويعيد التأكيد على الحوار كخيار استراتيجي لتفادي التصعيد.
بالرغم من التباينات في السياسات الخارجية بين بعض دول الخليج، إلا أن الإجماع الراهن يظهر إدراكًا خليجيًا مشتركًا بأن أمن الخليج لم يعد يحتمل مزيدًا من التوتر، ويعكس الخطاب الخليجي الموحد خشية حقيقية من توسع رقعة النزاع، خصوصًا في ظل تعقد المشهد الإقليمي وتضارب المصالح الدولية.
في هذا السياق، وصف رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني التصرفات الإسرائيلية بأنها "عبثية"، محذرًا من أنها تقوِّض فرص السلام في المنطقة.
أما في الكويت، فترأس رئيس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح اجتماعًا أمنيًا عالي المستوى لمتابعة التطورات، فيما أجرى وزير الخارجية الكويتي اتصالًا بنظيره الإيراني عبّر فيه عن تضامن بلاده مع طهران.
إجراءات احترازية
على الصعيد الأمني، أعلنت شركات طيران خليجية، من بينها طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية، تعليق رحلاتها إلى إيران والعراق ولبنان والأردن، في خطوة احترازية تعكس مخاوف من ردود فعل محتملة.
وفي البحرين، أصدرت السفارة الأمريكية تحذيرًا أمنيًا لموظفيها وسط تزايد القلق الدولي بشأن تداعيات محتملة على المصالح الأمريكية في الخليج، لاسيما قرب قواعد عسكرية رئيسية في قطر والبحرين والإمارات.
وفي تطور موازٍ، تأتي هذه الأزمة وسط تقارير عن رفض إيران المشاركة في محادثات كانت مقررة مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي في مسقط الأحد المقبل، ما يضعف احتمالات العودة إلى المسار الدبلوماسي في هذا الملف الحيوي، بحسب مراقبين.
تؤكد الرسالة الخليجية الموحدة أن الاستقرار الإقليمي أولوية لا يمكن التفريط بها، وأن اللجوء إلى الحلول السياسية والدبلوماسية يبقى السبيل الأمثل لتجنيب المنطقة مواجهة جديدة قد تقوِّض سنوات من الجهود التنموية والاستقرار الذي تنشده
وشنّت إسرائيل ضربة عسكرية على إيران، فجر اليوم، استهدفت عدة مدن بما في ذلك العاصمة طهران، في عملية عسكرية وُصِفت بأنها الأوسع من نوعها داخل العمق الإيراني حتى الآن.
وطالت الضربات هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني، ومقر الحرس الثوري، ومنشآت إيران النووية الرئيسية، ومنازل كبار العلماء النوويين، وأدت بالفعل إلى مقتل عدد منهم، على رأسهم القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، بجانب وفاة العالمين النوويين محمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي، ونائب رئيس الأركان الإيراني، الجنرال غلام علي رشيد.