تشهد فرنسا إضرابات عارمة على تعديلات رفع سن التقاعد ومشروع الرئيس إيمانويل ماكرون لإصلاح نظام التقاعد في البلاد، بعدما رفضها 1.1 مليون شخص بفرنسا أخيرًا.
كانت النقابات العمالية في فرنسا دعت إلى بدء الإضرابات والاحتجاجات على التعديلات المقترحة لنظام التقاعد، الذي أعلنت عنه الحكومة الفرنسية، برفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عامًا، في إطار إصلاح رئيسي للمعاشات التقاعدية.
النقابات العمالية قوية
وقالت آية عبد العزيز، باحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، من القاهرة، إن المشهد الحالي في فرنسا كشف عن مدى قوة النقابات العمالية الرئيسية في فرنسا بعد قدرتهم على توحيد تلك الجبهة منذ أكثر من 10 سنوات.
وأضافت "عبدالعزيز"، في مداخلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، أن النقابات دعت للإضرابات والاحتجاجات في 17 يناير الجاري قبل عرض الخطة على مجلس الوزراء في 23 يناير ودعوه أخرى في 31 يناير قبل عرض الخطة على البرلمان في بداية فبراير المقبل لمناقشتها.
قدرة على الحشد
وأشارت إلى أن تلك الإضرابات والتظاهرات كشفت مدى قوة النقابات في فرنسا وقدرتها على الحشد، ووصلت المسيرات إلى أكثر من 200 مسيرة في المدن الكبرى هدفها إيصال رسالة للحكومة بإعادة النظر في نظام التقاعد أو محاولة إدخال بنود جديدة غير مرحب بها شعبيًا، وهناك بعض الدول خاضت تجربة رفع سن التقاعد نظرًا لمرورهم بأزمات اقتصادية.
يجب إصلاح النظام
وأكد الدكتور دانيال ملحم، أستاذ الاقتصاد الدولي، من باريس، أن المشكلة ليست نظام التقاعد، بل في النظام الديمغرافي للسكان بفرنسا وأوروبا بشكل عام، مضيفًا أن 26 في المئة من الشعب الفرنسي فوق الـ60 عامًا، و22 في المئة تحت الـ20 عامًا، وفي 2050 يصبح 33 في المئة فوق 60 عامًا لذلك يجب إصلاح النظام.
وأوضح أن تعديل نظام التقاعد بدأته الحكومة الفرنسية قبل 2012 ويجب أن تستكمل الحكومات هذا التعديل، لأن تكلفة الإنفاق سوف تكون أعلى في المستقبل واليوم يستحوذ المتقاعدون على 14.4 في المئة من الناتج الفرنسي وهو الأعلى في أوروبا، ويجب تعديل النظام لأنه غير متكافئ ولابد من إعادة التوازن.
اختلال التوازن الاقتصادي بأوروبا
وقال عامر الشوبكي، الخبير الاقتصادي، من عمان، إن المشكلة الحقيقية تكمن في اختلال التوازن الاقتصادي بأوروبا وفرنسا، لذلك هناك دول أوروبية تبحث حلولًا أخرى لتوفير نفقات الدولة التي يذهب جزء منها لرواتب المتقاعدين أو الدعم الاجتماعي، مضيفًا أن هناك ضغوطًا اقتصادية على أوروبا ما تسبب في اختلال النظام التجاري لدوله، بسبب النفقات العسكرية سواء تجهيز الجيوش أو دعم أوكرانيا عسكريًا، ومحاولات تعديل نظام التقاعد للتخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية.
أوروبا تدفع ثمن الوقوف مع كييف
ويرى مصطفى عبد الله، مدير مكتب الأهرام والهيئة الوطنية للإعلام بالنمسا، من فيينا، أن أوروبا لا تزال تدفع ثمنًا باهظًا للوقوف بجانب كييف في الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع التضخم ويعاني الجميع في أوروبا من ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن أكثر من مليون فرنسي تظاهروا في الخميس الأسود بسبب إصلاح نظام التقاعد، كما شهدت بريطانيا أزمات متتالية بسبب تدنى الخدمات والأجور وسط مطالب متصاعدة ودعوات للإضراب.