الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

زيارة عراقجي للقاهرة.. لحظة تحوّل إقليمي تفتح بابا لتقارب استراتيجي بين مصر وإيران

  • مشاركة :
post-title
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في أثناء حواره مع قناة القاهرة الإخبارية

القاهرة الإخبارية - أحمد منصور

في لحظة تشهد فيها المنطقة تقاطعات إقليمية معقدة، جاء لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليحمل رسائل لافتة تعكس تحولات في العلاقة بين القاهرة وطهران، وتقاطعات مصالح في ملفات شائكة مثل القضية الفلسطينية، المفاوضات النووية، وأمن البحر الأحمر، اللقاء الذي وصفه عراقجي بـ"العملي بامتياز"، لم يكن مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل منصة لبحث ملفات استراتيجية تكشف عن إرادة مشتركة لتجاوز خلافات الماضي وبناء جسور تعاون جديدة، وسط انفتاح مصري محسوب ومرونة إيرانية ظاهرها التفاهم وباطنها حسابات دقيقة.

لقاءات متعددة.. ودلالات سياسية خاصة

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن لقاءه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الاثنين، كان لقاءً جيدًا للغاية، مشيرًا إلى أنه يُعد اللقاء الرابع بينه وبين الرئيس المصري خلال الأشهر العشرة الماضية، إلى جانب لقاءين جمعا الرئيسين الإيراني والمصري خلال الفترة نفسها.

وأوضح "عراقجي"، خلال لقاء خاص على قناة "القاهرة الإخبارية"، تم بثه اليوم الثلاثاء، أنه أبلغ الرئيس السيسي بأن مصر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أتيحت له فرصة لقاء رئيسها أربع مرات في غضون عشرة أشهر، وهو ما يعكس خصوصية العلاقة بين البلدين.

وأضاف: "لقاء اليوم كان لقاء عمل بامتياز، وناقشنا خلاله العديد من القضايا حيث تناولنا قضايا إقليمية والمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وقد أبدى الرئيس المصري وجهات نظره بهذا الشأن، كما بحثنا العلاقات الثنائية بين البلدين ولحظت أن هناك إرادة مشتركة لكلا البلدين من أجل تعزيز العلاقات في جميع المجالات فيما بيننا".

قضايا الإقليم على الطاولة

وأضاف وزير الخارجية الإيراني في لقاء خاص على قناة "القاهرة الإخبارية"، أنه من أهم المجالات التي تتعلق بالعلاقات بين مصر وإيران المشاورات السياسية بين البلدين، وهو ما تم الاتفاق عليه اليوم من خلال معاوني وزراء الخارجية بين البلدين وبالطبع ستشمل هذا المشاورات القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وعلى الصعيد الدولي لدينا قضايا مشتركة، فنحن لدينا تعاون مع المنظمات الدولية، كما لدينا قواسم مشاركة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، لا سيما موضوع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وما يجرى في غزة، وما يحدث في الضفة الغربية، وكذلك على جانب سوريا واليمن ولبنان، وأيضًا المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

تعاون تجاري وسياحي

أما فيما يخص العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، فأوضح وزير الخارجية الإيراني، أنه تم الاتفاق على تعزيز التعاون التجاري بين البلدين، رغم العقوبات المفروضة ضد إيران، مشيرًا إلى أن "هناك طرق تجارية قانونية بإمكاننا أن نستخدمها للتبادل التجاري بين البلدين، كما اتفقنا على تعزيز الاتفاق الاقتصادي فيما بيننا، لا سيما في مجال السياحة، واليوم قررنا أن نُزيد مستوى العلاقات السياحية بين البلدين، وأن نشهد تبادل للزيارات بين الشعوب لكلا البلدين، وهكذا سنستمر في تعزيز التعاون في المجالات المختلفة".

تبادل السفراء قادم

وحول ما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران على مستوى أرفع مما عليه الآن، قال وزير الخارجية الإيراني: "إن العلاقات بين مصر وإيران متطورة، والعلاقات السياسية موجودة بين البلدين، لكن ما تبقي هو موضوع تبادل السفراء بين البلدين، وأعتقد أن هذا الأمر سيتم في الوقت المناسب، فنحن لسنا على عجلة من أمرنا، ولا نود أن يُمارس الضغط على كلا البلدين في هذا الشأن، لكن الأمر المهم هو الإرادة السياسية التي نراها في قادة البلدين، إذ إن كلا البلدين حرصين على أن يكون هناك علاقات وثيقة وودية على أساس الاحترام المتبادل والتعاون في جميع المجالات".

أمن البحر الأحمر وارتباطه بغزة

وما يخص الملاحة في البحر الأحمر وما الذى تقدمه إيران لاستئناف الملاحة لما له أهمية على الاقتصاد المصري واستقرار المنطقة، قال وزير الخارجية الإيراني: "جميعنا يعرف أن ما يحدث في البحر الحمر هو دعم من الشعب اليمني نحو الشعب في غزة، وعندما نرى تحقيق لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الصهيونية ضد الشعب في غزة، فبطبيعة الحال سنشهد وقف الهجمات في البحر الأحمر أيضًا، وكما رأيتم بأن وقف إطلاق النار بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية تبعه توقف الهجمات في تلك المنطقة وشهدنا المزيد من الهدوء، فنحن ندرك ونتفهم دعم الشعب اليمنى لشعب غزة، وبالطبع أثر ذلك على بعض الدول بما فيها مصر، ونحن نأخذ ذلك بعين الاعتبار، وقد تحدثنا مع الأصدقاء في اليمن حول هذا الشأن ولكن جماعة أنصار الله هي جماعة مستقلة ولها سياستها الخاصة وتتخذ قرارتها بشكل مستقل وتنفذها بهذا الشكل، ولكن نحن ندعم مبادئ الشعب اليمنى المتمثلة في دعم الشعب في غزة، وبالطبع لدينا علاقات ودية مع جماعة أنصار الله، ولكن ليس لدينا أى دور في القرارات التي تتخذها أنصار الله، ولكن نحن نقوم دائمًا بتوجيه التوصيات لهم، فمن الممكن فقط استهداف السفن التي تتعلق بالكيان الصهيوني أو السفن التي تتوجه نحو تلك الكيان، ولكن بالطبع نحن نأمل بأن الجهود التي تبذلها مصر حاليًا من اجل تحقيق وقف إطلاق النار أن تتكلل بنجاح في أسرع وقت ممكن، وسيؤدى ذلك أيضًا إلى وقف إطلاق النار في البحر الأحمر.

رسالة إلى الوكالة الذرية من القاهرة

وخلال حديثه أشار وزير الخارجية الإيراني إلى اللقاء الذى جمعه مع رافايل جروسي المدير العام السادس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة، ووزير الخارجية المصرية الدكتور بدر عبدالعاطي، وحول ما تم مع "جروسي"، أوضح أن بلاده لديها علاقات وثيقة مع الوكالة الدولية، وتابع: "لكن نحن غاضبون من التقرير الأخير الذي أصدرته الوكالة، وذكرت ذلك لـ"جروسي"، فهذا الوكالة يجب أن تكون مؤسسة فنية وتقنية ويجب ألا تتأثر بالضغوط السياسية التي تمارس من دول أخرى، كما يجب أن تكون التقارير التي تصدر عنها كذلك تقنية وغير سياسية، وللأسف نجد في بعد الأحيان هناك بعض الدول تُدخل ميولها السياسية في تقارير هذه الوكالة".

نرفض التسييس

وأضاف: "استفدنا بالطبع من فرصة وجود "جروسي" في القاهرة، لكى نجرى لقاءً مشتركًا سياسيًا ثلاثيًا مع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبدالعاطي، وتحدثنا بشأن المفاوضات بين إيران وأمريكا والدور الذى بإمكانها أن تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

دعم مصري للمسار الدبلوماسي

وتابع: "ومن هنا أود ان أتوجه بالشكر الجزيل أيضًا لوزير الخارجية المصري والحكومة المصرية على دعمها للمفاوضات النووية بين إيران وأمريكا، كما أشكر مصر على توظيفها للدبلوماسية من أجل معالجة الملف النووي الإيراني، وعلى إعلانها عن استعداها لتقديم المساعدة والدعم بهذا الشأن".

واستكمل: "كما تعلمون أن المفاوضات بين أمريكا وإيران تأتى بوساطة عُمانية بطريقة غير مباشرة وما نتوقعه من دول المنطقة هو دعم الدور العماني في هذا الشأن حتى نستطيع أن نصل لحل دبلوماسي، خاصة أن تلك المفاوضات ليست سهلة، ففي المرة الماضية مع دول 5 +1 استغرقت أكثر من عامين، لذلك لا يمكن التوقع أنه خلال خمس جولات من التفاوض يمكن أن نصل إلى اتفاق فيما بيننا، بالطبع هناك خلافات كثيرة في الوقت الحالي، وبعض هذه الخلافات هي مبدئية، لكن هذا الأمر ليس معناه أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق فيما بيننا، فالاتفاق من الممكن أن يزول، إذ تخلت أمريكا عن مطالبها غير العملية والعقلانية، وأن ندرك تمامًا حقيقة البرنامج السلمى الإيراني، وإذا تفهمت هذا الأمر فنحن مستعدون على هذا الاتفاق، أما إذا أردت أن تعطل برنامجنا النووي السلمي، فنحن بالتأكيد لسنا مستعدين لذلك، وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث".

لن نتخلى عن حقنا

وأشار "عراقجي" إلى أن تخصيب اليورانيوم إنجاز علمي بالنسبة لنا.. "لقد توصلنا إليه عبر العلماء لدينا، ولا يمكن التخلي عن هذا الأمر، لكن إذا هناك توصل لبناء الثقة فيما بيننا بِأن البرنامج النووي وعدم تطلعنا لنحو السلاح، فنحن مستعدون لتنفيذ هذا الأمر، فهو ليس في خططنا، ونقوم بذلك على أساس الفتوى الصريحة من الإمام الخامنئي حول تحريم السلام النووي، ونحن ملتزمون بهذه الفتوى كما أننا عضو في معاهدة "MBT"، لحظر نشر السلاح النووي وعمليًا أثبتنا التزامنا بذلك، لكن أمريكا خرجت وانسحبت من هذا الاتفاق، وإذا كان هناك إصرار من قبل أمريكا لتصفير تخصيب اليورانيوم في إيران، فمن المستحيل أن نصل إلى اتفاق في هذه الحالة".

إيران تؤيد الجهود المصرية القطرية في غزة

وعن الشأن في غزة، أكد وزير الخارجية الإيراني، أن بلاده تدعم الجهود المصرية القطرية لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. "بالطبع لدينا مشاورات عن كثب بالمنطقة حول هذا الخصوص، وسوف نصل لحل عادل بخصوص القضية الفلسطينية".