الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرج "العودة إلى الإسكندرية": القصة مستوحاة من حياة والدتي.. و"نادين لبكي" الخيار الأمثل

  • مشاركة :
post-title
نادين لبكي

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

أعلن مهرجان الفيلم العربي في تورنتو عن اختياره لفيلم "العودة إلى الإسكندرية" للمخرج تامر روجلي؛ ليكون فيلم افتتاح النسخة السادسة، حيث يُقدّم الفيلم تجربة سينمائية بديعة تجمع بين نادين لبكي، في أول دور لها باللهجة المصرية، وفاني أردان، رمز السينما الفرنسية، إلى جانب هاني عادل، كريمة منصور، ليلى عز العرب، وآخرين.

ذكريات الطفولة

الفيلم الذي تدور أحداثه حول "سو"، طبيبة نفسية تعيش في سويسرا، تعود إلى مصر بعد غياب أكثر من عشرين عامًا، لتزور والدتها "فيروز"، السيدة الأرستقراطية المريضة، وتنطلق الرحلة من القاهرة إلى الإسكندرية، لكنها في العمق، رحلة داخلية في الذاكرة والجراح القديمة، حيث تحاول البطلة أن تتصالح مع ماضٍ لم تفهمه بالكامل، ومع أمٍّ أحبتها عن بُعد.

يُعد هذا العمل أول فيلم روائي طويل للمخرج السويسري المصري تامر روجلي، الذي انطلق في كتابة الفيلم من عمق تجربة شخصية، إذ يقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "القصة شبه سيرة ذاتية استلهمتها من ذكرياتي في طفولتي بين القاهرة والإسكندرية، ولكن أيضًا من تاريخ عائلة والدتي، خصوصًا علاقتها المُعقدة مع والدتها والماضي الذي تركته خلفها، فهو فيلم شخصي جدًا، متجذر في مشاعر وتجارب حقيقية".

وعن اختياره لعلاقة الأم والابنة كمحور أساسي للفيلم، قال: "لطالما وجدت أن العلاقة بين الأم وابنتها واحدة من أكثر أشكال الحب تعقيدًا وغنى عاطفيًا، وبما أن القصة مستوحاة من حياة والدتي، كان من الضروري أن أرويها من هذا المنظور. أيضًا، كطفل، نشأت محاطًا غالبًا بالنساء في عائلتي، اللاتي لعبن دورًا أساسيًا في تشكيل هويتي، وهن شخصيات أعرفها عن كثب، وأردت أن أُكرمهن من خلال هذا الفيلم".

تحديات كثيرة

مرت رحلة إنتاج الفيلم بتحديات كبيرة، لاسيما أنه أول عمل طويل، وتطلب تصويرًا في الخارج وطاقمًا مرموقًا، لكن التحدي الأكبر، بحسب "روجلي"، كان في تمويل المشروع، وحول ذلك قال: "الفيلم متعدد اللغات، ينتمي إلى سينما المؤلف، ويربط بين السينما المصرية والأوروبية، ومع ذلك يظل إنسانيًا وعاطفيًا على نحو شامل، وإقناع الشركاء بدعم هذه الرؤية كان تحديًا، لكنه أصبح مجزيًا جدًا عندما تحقق الحلم".

وأضاف: "أما عن الإسكندرية، فكانت أكثر من مجرد موقع تصوير؛ فالإسكندرية احتلت دائمًا مكانًا أسطوريًا في مخيلتي، خاصة تلك المدينة التي عرفتها أمي وجدتي، كانت مركزًا ثقافيًا متنوعًا ونابضًا بالحياة. هذه النسخة من الإسكندرية، وإن بدت رومانسية، لا تزال حاضرة في ذاكرة كثير من المصريين، إنها مكان للحنين، للفقد، ولكن أيضًا للجمال والصمود".

التنوع الثقافي واللغوي

وعن اختياره نادين لبكي للدور الرئيسي، أوضح: "نادين مخرجة وممثلة أُعجب بها بشدة. بالنسبة لي، هي تجسيد لسينما عربية جريئة وحديثة، فكرت بها فورًا لهذا الدور، والتقينا قبل سنوات من بدء التصوير، وكتبته خصيصًا لها، وفي موقع التصوير كانت بديهية، سخية، وعفوية بشكل مذهل، كان من المدهش أن أراها تجسد هذا العمق العاطفي".

وعن التنوع الثقافي واللغوي في الفيلم، خصوصًا مع وجود فنانة لبنانية وممثلة فرنسية، قال: "عشت بين ثقافات وبلدان ولغات مختلفة، لذا التبديل بين العربية والفرنسية، بين لهجات وحساسيات مختلفة، جاء طبيعيًا جدًا. نادين مثلًا، نشأت على السينما المصرية، أفلام شاهين وسعاد حسني وغيرهم. أما فاني أردان، فهي تجسيد للأناقة والحضور الذي يذكرني بالإسكندرية القديمة: ناطقة بالفرنسية، مثقفة، وخالدة".

وعن اختيار الفيلم لافتتاح مهرجان تورنتو، قال: "إنه لشرف حقيقي أن يُعرض الفيلم في افتتاح مهرجان يحتفي بالأصوات والقصص العربية. كندا تحتضن جالية مصرية كبيرة، وهم جمهور رئيسي لهذا الفيلم، أناس يحبون وطنهم. هذا الصراع الداخلي، بين الانتماء والانفصال، في صميم الفيلم، وفي قلب تجربة كل من يعيش في الشتات".

وتابع قائلًا: "لاقى الفيلم ترحيبًا عاطفيًا في عروضه السابقة في العالم العربي وأوروبا، وكنت فخورًا باختياره ضمن مهرجانات كالقاهرة والبحر الأحمر. وقد أخبرني مشاهدون من الهند والمكسيك وروسيا بأنهم رأوا أنفسهم في القصة. هذا هو أعظم مكافأة يمكن أن يحصل عليها صانع أفلام؛ أن تروي شيئًا صادقًا، فيشعر به شخص في مكان بعيد لم تلتقِ به من قبل".

مشروعاته الفنية

بينما يواصل فيلمه "العودة إلى الإسكندرية" جني ثمار النجاح والتأثير العاطفي في المهرجانات العربية والدولية، يحضّر المخرج تامر روجلي حاليًا لفيلمه الروائي الطويل الثاني، والذي سيعود من خلاله إلى مصر مجددًا، إذ يحمل المشروع عنوانًا مبدئيًا "يلا يا بنات"، وهو فيلم طريق يتناول قصة مجموعة من الصديقات القدامى، اللاتي يجتمعن بعد سنوات من الفُرقة، وينطلقن في رحلة عبر مصر، تمثل إعادة اكتشاف للذات وللبلد الذي تغير مع الزمن، إذ يقول: "أتشوق بشكل خاص للعمل مجددًا مع مجموعة من الممثلات المصريات، ومن المقرر أن نبدأ التصوير في ربيع 2026".

ورغم طموحه العالي، لا يُخفي "روجلي" إدراكه لصعوبة الطريق، خصوصًا في صناعة سينما مستقلة وشخصية، إذ يختم بنصيحة صادقة يوجهها إلى كل صانع أفلام شاب يطمح إلى سرد حكاية من قلبه: "لا توجد طريق واضحة أو وصفة سحرية لصنع فيلم، لكن إجمالًا، فإن نصيحتي هي: ثق في صوتك، كل قصة لها قيمة، كل منظور فريد، وإذا كانت قصتك صادقة، فهناك من سيتواصل معها، ربما شخص لم تقابله في حياتك، وهذه هي روعة السينما".