الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حسن حسني.. حجر الزاوية في سينما الألفية الثالثة دون تفاخر

  • مشاركة :
post-title
النجم الراحل حسن حسني

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

"أنا لا أبحث عن البطولة، بل عن المتعة في التمثيل".. هكذا اختصر الفنان الراحل حسن حسني فلسفته في عالم الفن، خلال استضافته بأحد البرامج التلفزيونية الحوارية، متحدثًا عن مسيرة مهنية امتدت لأكثر من 50 عامًا، كان فيها حجر زاوية في كل أنواع الفنون: المسرح والسينما والدراما وحتى الإذاعة والأداء الصوتي لأفلام الرسوم المتحركة، ومساهمًا بشكل لافت في نجاح العديد من النجوم خصوصًا في الألفية الثالثة، إلى أن رحل عن عالمنا فجر 30 مايو 2020، تاركًا إرثًا لا يقدر بثمن.

في سجل حسن حسني أكثر من 500 عمل على مدى مشواره الفني الذي بدأه وعمره 17 عامًا من خلال دور صغير في فيلم "الباب المفتوح" عام 1963، مجسِّدًا دور أحد الفدائيين المعتقلين بمشهد لا يتضمن جملة حوارية له، ولم يكن يدري حينها أن هذا المشهد الصامت سيكون بداية حضور لا ينقطع، إذ ظل على مدى 50 عامًا يقدم شخصيات متنوعة، بدأها بأدوار جادة قبل أن يصبح أحد أبرز نجوم الكوميديا في عصره، والإضافة التي تساهم بشدة في نجاح الفيلم، خصوصًا في شباك التذاكر.

حسن حسني في مسلسل "رأفت الهجان"

في الوقت الذي تتأرجح فيه مسيرة كثير من الفنانين بين النجاح والتراجع، شقَّ حسن حسني طريقه بثبات لافت، ليقدم العديد من الأفلام المهمة بفترة السبعينيات والثمانينيات منها "زوجة رجل مهم"، و"البريء"، مجسِّدًا فيهما دور ضابط شرطة، و"الكرنك"، و"أميرة حبي أنا"، و"حب وكبرياء" و"المغتصبون"، مجسدًا أدوار جادة ودرامية، كما تألق في الدراما التلفزيونية هذه الفترة بأعمال منها "أبنائي الأعزاء شكرًا"، حتى تألق في عام 1990 من خلال مسلسل "رأفت الهجان" الجزء الثاني، حين قدَّم دور المحامي الإسرائيلي يوسف الأزرع.

كل ذلك لم يكن حسن حسني عبر عن نفسه كأحد أبرز نجوم الكوميديا، حتى جاءت فترة التسعينيات، فبينما كانت السينما المصرية تبحث عن جيل جديد يواصل المسيرة، كان حسن حسني هو المعبر الآمن الذي مرَّ من خلاله كثير من النجوم الشباب إلى قلوب المشاهدين.

وكانت هذه الفترة بالنسبة له مرحلة الانتقال من الأدوار الجادة إلى الكوميدية، لنراه يشارك في أعمال درامية منها "أرابيسك"، و"المال والبنون"، ويساهم في الوقت نفسه بتقديم نجوم كوميديا جدد إلى السينما المصرية، منهم محمد هنيدي في مسرحية "عفروتو" وعلاء ولي والدين في فيلم "عبود على الحدود"، وانطلق مع أحمد حلمي في "ميدو مشاكل"، وأثبت محمد سعد نفسه في "اللمبي"، ليصبح عنصر الربط بين أجيال مختلفة، و"تميمة الحظ" للنجوم الجدد.

حسن حسني ومحمد سعد في "اللمبي"

مع مساهمة حسن حسني في اكتشاف النجوم الجدد، كان أيضًا يرسم ملامح جديدة لمشواره الفني، ومن يتأمل حجم مشاركاته في فترة ما بعد الألفية الثالثة يكتشف أنه كان في فترة من الفترات النجم الأكثر انتشارًا في الوطن العربي، إذ كان يشارك في 9 أعمال سنويًا في المتوسط، بل إنه في عام 2009 وحده ظهر في 15 عملًا، منها "بوبوس" مع عادل إمام و"البيه رومانسي" مع محمد عادل إمام، و"الفرح" مع خالد الصاوي، ما دعا الناقد طارق الشناوي إلى وصفه ذات مرة بأنه "المدرسة التي لم يعلن عنها أحد”، مشيرًا إلى أنه ممثل علَّم أجيالًا كاملة دون أن يدعي أو يتفاخر، لأنه ببساطة لم يكن يتعامل مع الفن كاستعراض، بل كحرفة يحبها ويتقنها.

الانتشار الذي حققه حسن حسني في أدوار الكوميديا بالعشرين عامًا الأخيرة قبل رحيلة، جعلت البعض يميل إلى تصنيفه ضمن نجوم الكوميديا، لكن جذور حسن حسني التمثيلية ضاربة في الدراما الجادة. فمسرحياته الأولى في الستينيات وأفلامه بفترة السبعينيات والثمانينيات تؤكد أنه أحد أبرز النجوم الذين يمتلكون أداءً دراميًا مميزًا، وحتى أدواره في أعماله التلفزيونية الأخيرة مثل "العار" و"رحيم" و"الأب الروحي"، تثبت مقدرته على منح الشخصيات التي يجسدها وزنًا يجعلها في أحيان كثيرة تتفوق على الأبطال.

من اللافت أن موهبة حسن حسني لم يحاصرها الزمن، بل بقي متوهجًا حتى سنواته الأخيرة، فشارك في مسلسلات منها "سلطانة المعز" عام 2020 بدور عم تحسين، و"أبو جبل" عام 2019 بدور حامد، إلى جانب ظهوره في أعمال كوميدية مثل "خيال مآتة" الذي يعد آخر فيلم ظهر به.