الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

العالم يترقب... مكالمة ترامب وشي قد تحدد ملامح التجارة الدولية

  • مشاركة :
post-title
الرئيسان الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في عالم تتصدره السياسات الجمركية الأمريكية الحادة، تلوح في الأفق مكالمة هاتفية قد تعيد ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي المتعثر، ففي الوقت الذي تترنح فيه العلاقات بين واشنطن وبكين على حافة حرب تجارية شاملة، تطفو على السطح إمكانية تواصل مباشر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج، كإجراء محتمل لإنقاذ مفاوضات يبدو أنها دخلت نفقًا من الجمود.

مكالمة مرتقبة

في تصريح بارز، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، إن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين "متوقفة بعض الشيء"، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني "قد يتحدثان عبر الهاتف قريبًا".

جاءت هذه التصريحات خلال مقابلة أجراها بيسنت مع الإعلامي بريت باير عبر قناة فوكس نيوز، مضيفًا: "أعتقد أننا سنجري المزيد من المحادثات معهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وأعتقد أننا قد نجري -في وقت ما- مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج".

ورغم اعتقاد البيت الأبيض في مرحلة سابقة أن الأمور تسير نحو تفاهم، أقر "بيسنت" بأن تعقيد المفاوضات يتطلب تدخلاً مباشرًا من الزعيمين، وأضاف: "تربطهما علاقة جيدة جدًا، وأنا واثق من أن الصينيين سيأتون إلى طاولة المفاوضات عندما يُعلن الرئيس ترامب عن مقترحاته".

تحركات قضائية

تأتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه المواجهة بين السلطتين التنفيذية والقضائية في الولايات المتحدة، إذ أوقفت محكمة الاستئناف الفيدرالية حكمًا أصدرته محكمة التجارة الدولية الأمريكية، كان من شأنه أن يُسقط غالبية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات العالمية، بعدما رأت المحكمة الأدنى أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة لعام 1977 (IEEPA) لا يمنح الرئيس "سلطة غير محدودة" لفرض تلك الرسوم.

وكان حكم المحكمة اعتبر أن الإجراءات التي أعلن عنها ترامب في ما وصفه بـ"يوم التحرير" في الثاني من أبريل، تتجاوز الصلاحيات الممنوحة له، خاصة الرسوم التي طالت الصين بنسبة 25% وكندا والمكسيك بنسبة مشابهة، وكذلك رسوم على منتجات الألومنيوم والصلب والسيارات.

لكن قرار الاستئناف الفيدرالي أبقى الرسوم سارية أثناء نظر القضية، ما يعني استمرار التوترات التجارية وتأجيل أي نتائج ملموسة للمستوردين أو الأسواق العالمية.

حرب تجارية

وفي خضم هذه المعركة، واصل المسؤولون الصينيون دعواتهم لواشنطن لإلغاء الرسوم الجمركية، وذكرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية الرسمية أن الصين لا تزال تؤمن بأنه "لا يوجد فائزون في حرب تجارية"، معتبرة أن "الحِمائية ليس لها مخرج".

أما هي يونجتشيان، المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، فدعا الولايات المتحدة إلى "مواجهة الأصوات العقلانية للمجتمع الدولي وجميع الأطراف المحلية"، والتوقف عن "الممارسة الخاطئة المتمثلة في فرض الرسوم الجمركية من جانب واحد".

وكانت الأزمة بلغت ذروتها حين أعلن ترامب عن رسوم جمركية ضخمة بنسبة 145% على السلع الصينية، ما قابله ردٌّ فوري من بكين بفرض رسوم بنسبة 125% على المنتجات الأمريكية، قبل أن يتراجع ترامب عن تهديداته بعد هبوط الأسواق المالية وارتفاع الأصوات المحذّرة من تدمير سلاسل الإمداد العالمية.

خسائر محتملة وردّ أموال بالمليارات

إذا ما تم تأييد قرار محكمة التجارة الدولية مستقبلًا، فإن الحكومة الأمريكية قد تضطر إلى رد مليارات الدولارات تم تحصيلها كرسوم جمركية منذ بدء تطبيق سياسة ترامب.

وبحسب تحليل أجرته مجلة "نيوزويك" استنادًا إلى بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن إجمالي الإيرادات الجمركية المحصلة منذ أبريل تجاوز التقديرات الأولية البالغة 10 مليارات دولار، وهو ما يفتح بابًا واسعًا أمام دعاوى قضائية محتملة من الشركات والمستوردين.

وفي هذا السياق، قال ويليام رينش، وكيل وزارة التجارة لشؤون التصدير خلال إدارة كلينتون، إن على مكتب الجمارك وحماية الحدود أن "يعلق تصفية الإدخالات في المستقبل"، ما يتيح للمستوردين إمكانية استعادة أموالهم إذا تم تأييد القرار.

وأضاف رينش، وفق "نيوزويك"، أن "البضائع التي تمت معالجتها بالفعل من قبل السلطات الجمركية قد تفتح الباب أمام المقاضاة"، ما يعني أن تبعات الحرب التجارية قد تتجاوز حدود السياسة لتصل إلى المحاكم ومكاتب المحاسبة.

نظرية تاكو

وأمام هذا المشهد المتشابك، بدأت تحليلات وول ستريت تسخر من سياسات ترامب التجارية، وأُطلق عليها وصف "نظرية تجارة تاكو" نسبة إلى اختصار TACO (Trump Always Changes Opinion)، أي "ترامب يتراجع دائمًا".

هذا التوصيف يعكس صورة إدارة تحكمها ردود الأفعال والانفعالات السياسية أكثر من الحسابات الاقتصادية، ويطرح تساؤلات جادة حول قدرة ترامب على الالتزام بخط تجاري إستراتيجي طويل الأمد.