الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تكنولوجيا فضائية أمريكية لاعتراض التهديدات.. تفاصيل مشروع "القبة الذهبية"

  • مشاركة :
post-title
إطلاق صاروخ اعتراضي من نظام الإطلاق العمودي في قاعدة أندرسون الجوية في جوام

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مزيدًا من التفاصيل عن منظومة دفاعية جديدة تحمل اسم "القبة الذهبية" من المتوقع أن تدخل الخدمة بنهاية ولايته الحالية.

قال ترامب في كلمة له خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، إن مشروع "القبة الذهبية" يأتي بتكلفة إجمالية تقدر بـ175 مليار دولار، مشيرًا إلى أن مشروع القانون المقترح في الكونجرس سيتضمن تخصيص 25 مليار دولار كتمويل مباشر للمنظومة.

وأكد ترامب أن المنظومة الجديدة ستعتمد على "تكنولوجيا فضائية لاعتراض التهديدات" وأنه تم اختيار الهيكل المعماري المناسب لتنفيذ المشروع.

وأضاف أن "التكنولوجيا الأمريكية تفوق في تطورها نظيرتها الإسرائيلية"، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة "قدمت دعمًا كبيرًا لتطوير نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي".

وأعلن الرئيس الأمريكي أن الجنرال مايكل جوتلاين، أحد كبار قادة قوات الفضاء الأمريكية، سيتولى قيادة مشروع "القبة الذهبية"، المنظومة الدفاعية الجديدة التي تطورها الولايات المتحدة بهدف توفير حماية شاملة من التهديدات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والفرط صوتية وصواريخ كروز المتقدمة.

ورغم التفاصيل التي كشف عنها ترامب عن مشروع "القبة الذهبية"، نقلت شبكة" سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن مصدر مطلع على المناقشات الداخلية حول المشروع: "في الوقت الحالي، القبة الذهبية مجرد فكرة"، مضيفًا أنه قد تكون هناك تقنيات قيد التطوير، إذا ما تم توسيع نطاقها، يمكن تطبيقها، ولكن حتى الآن، فإن المناقشات هي حول مفاهيم بحتة.

وأضاف المصدر أن هذا يجعل التنبؤ بالتكاليف المستقبلية شبه مستحيل، رغم أنه من المرجح أن يكلف بناؤه وصيانته مليارات الدولارات.

وأصر ترامب مرارًا وتكرارًا على أن الولايات المتحدة بحاجة إلى برنامج دفاع صاروخي مشابه للقبة الحديدية الإسرائيلية، لكن النظامين مختلفان تمامًا، من الناحية العملية، إذ يحمي نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي "القبة الحديدية" المناطق المأهولة بالسكان بشكل انتقائي من التهديدات قصيرة المدى في دولة بحجم ولاية نيوجيرسي، ويريد ترامب نظام دفاع صاروخي فضائي قادر على الدفاع عن الولايات المتحدة بأكملها من الصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت المتقدمة.

من ناحية أخرى، قال المصدر المطلع على المناقشات الداخلية الجارية حول مشروع القبة الذهبية: "إسرائيل دولة صغيرة. لذا، من الممكن تماما تغطية إسرائيل بأنظمة مثل الرادارات ومجموعة من الصواريخ الاعتراضية المتحركة والثابتة.. كيف يمكن تحقيق ذلك في الولايات المتحدة؟ لا يمكن القيام بذلك فقط على الحدود والشواطئ، لأن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات يمكنها العودة إلى الغلاف الجوي فوق كانساس".

ويعتقد الأدميرال المتقاعد مارك مونتجمري أن إنشاء نظام دفاع صاروخي باليستي قد يكون ممكنا في غضون 7-10 سنوات، ولكن حتى ذلك الحين، ستكون له قيود شديدة، وقد يقتصر على حماية المباني الفيدرالية الحيوية والمدن الكبرى فقط، مضيفًا: "كلما اقتربت من نسبة 100%، زادت تكلفته".

وأوضح مونتجمري لسي إن إن، أن النظام الشامل سيتطلب مجموعات مختلفة من الأقمار الصناعية للاتصالات، واستشعار الصواريخ القادمة، وإطلاق الصواريخ الاعتراضية، وأن هذه الأنواع من الأنظمة مشاريع طويلة الأجل، وتتطلب دفاعات قائمة لسد الفجوة في هذه الأثناء.

وفي ثمانينيات القرن الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، عن مبادرة الدفاع الاستراتيجي لإنشاء دفاعٍ فضائي ضد الصواريخ النووية الباليستية، وأُطلق على النظام لقب "حرب النجوم" ساخرًا، واستهلك عشرات المليارات من الدولارات قبل إلغائه في النهاية، مواجهًا عقبات تقنية واقتصادية جسيمة.

وتقول مديرة الأبحاث العليا في برنامج الأمن العالمي، لورا جريجو، إن التحديات نفسها لا تزال قائمة، وهي معروفة منذ سنوات، موضحة لسي إن إن: " المفهوم منذ زمن طويل أن الدفاع ضد ترسانة نووية متطورة أمر غير مجد تقنيًا واقتصاديًا".

وصُمم نظام الدفاع الصاروخي الباليستي الأمريكي الحالي لإحباط عدد قليل من الصواريخ من دول مارقة مثل كوريا الشمالية أو إيران، ويعتمد النظام على نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD)، الذي فشل في نحو نصف اختباراته، وفقًا لجمعية الحد من الأسلحة، مما جعله غير قادر على صد هجوم كبير من روسيا أو الصين.

لكن في أمره التنفيذي، دعا ترامب إلى نظام أكثر تعقيدًا ومتانة - صواريخ اعتراضية فضائية قادرة على إسقاط هدف بعد لحظات من إطلاقه.

ويتطلب مثل هذا النظام آلاف الصواريخ الاعتراضية في مدار أرضي منخفض لاعتراض حتى إطلاق صاروخ كوري شمالي واحد، وفقًا للجمعية الفيزيائية الأمريكية، التي درست جدوى الدفاعات الصاروخية الباليستية لسنوات، وقالت إن وجود صاروخ اعتراضي واحد في المدار لا يكون في المكان والوقت المناسبين لاعتراض إطلاق صاروخ باليستي بسرعة، وبالتالي فإنك تحتاج إلى عدد أكبر بشكل كبير لضمان التغطية الكافية.

وكتبت وكالة الفضاء الأمريكية في دراسة لها في وقت سابق من هذا الشهر: "نقدر أن هناك حاجة إلى كوكبة من حوالي 16,000 صاروخ اعتراضي لمحاولة التصدي لوابل سريع من عشرة صواريخ باليستية عابرة للقارات تعمل بالوقود الصلب مثل صاروخ هواسونج-18 (الكوري الشمالي)".

وحتى في هذه الحالة، تقول جريجو إن نظام الدفاع الصاروخي الفضائي معرض لهجمات العدو المضادة للأقمار الصناعية من أنظمة أرضية أقل تكلفة بكثير، وأن "أخطر نقطة ضعف في نظام كهذا هي هشاشته وقابليته للهجوم".

وفي البحر الأحمر، أطلقت الولايات المتحدة عشرات الصواريخ الاعتراضية بملايين الدولارات على طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين وصواريخ بتكلفة زهيدة، ويتفاقم الخلل المالي بشكل كبير عندما يكون النظام في الفضاء، وفقًا لعضو الكونغرس الديمقراطي السابق، جون تيرني، الذي عقد سنوات من جلسات الاستماع بشأن الدفاع الصاروخي الباليستي.

وقال تيرني بصراحة: "إنها مزحة.. إنها في الأساس عملية احتيال"، والآن، أصبح تيرني المدير التنفيذي لمركز الحد من الأسلحة ومنع الانتشار، وقد انتقد ترامب بشدة لأنه "على استعداد لإلقاء المليارات والمليارات والمليارات من الدولارات على شيء لن ينجح".

ومع ضخ الولايات المتحدة أموالا طائلة في أبحاث وتطوير القبة الذهبية، يقول مسؤولون حاليون وسابقون إن خصوم أمريكا سيوسعون على الأرجح ترسانتهم من الصواريخ الباليستية سعيا للبقاء في المقدمة.