الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المهاجر بـ1000 دولار.. أول رحلة جوية أمريكية في صفقة "الترحيل الذاتي"

  • مشاركة :
post-title
إقلاع أولى الرحلات الجوية الأمريكية "المدفوعة" للمهاجرين

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

أقلعت أولى الرحلات الجوية الأمريكية "المدفوعة" للمهاجرين، لا بوصفها إجلاءً إنسانيًا، بل كمكافأة على "الانصياع الطوعي"، هكذا قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تمنح من قرر "ترحيل نفسه" مبلغ ألف دولار وتذكرة سفر مجانية، في محاولة لإعادة هندسة ملف الهجرة عبر سياسة لا تخلو من وجه خشن.

أولى الرحلات

غادرت أول رحلة طيران مستأجرة ضمن خطة إدارة ترامب للترحيل الطوعي من مدينة هيوستن صباح الاثنين، حاملةً على متنها 65 مهاجرًا من هندوراس وكولومبيا، وفق ما نقلته شبكة "أكسيوس" عن مسؤول في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية.

الرحلة تمثل البداية الفعلية لتطبيق برنامج الترحيل الذاتي، الذي أُعلن عنه رسميًا في شهر مارس، البرنامج يمنح المهاجرين غير النظاميين تذكرة طيران مجانية إلى بلدانهم الأصلية، إضافة إلى مبلغ مالي يُقدر بـ1000 دولار، يُسلم لهم بعد وصولهم.

وللتسجيل في هذا البرنامج، استخدم المهاجرون تطبيقًا حكوميًا يُدعى CBP Home، حيث قدموا طلبات رسمية للمغادرة الطوعية مقابل الامتيازات المذكورة.

ما يجعل هذه الخطة مثيرة للجدل هو البديل الذي يُعرض على من يرفضون الترحيل الطوعي، وهو الاحتجاز الإداري من قبل سلطات الهجرة الأمريكية لفترات قد تمتد لأشهر، في مراكز غالبًا ما تُنتقد لكونها مكتظة وتفتقر للظروف الإنسانية. هذه المقاربة تهدف إلى دفع المهاجرين لاختيار "الرحيل الطوعي" بدلًا من أن يُحتجزوا قسرًا.

وبحسب "أكسيوس"، فإن إدارة ترامب تعتبر هذا البرنامج وسيلة لتحقيق وعد حملته الانتخابية المتمثل في الترحيل الجماعي، والذي أصبح أحد أعمدة سياسته الداخلية، بعد الانتقادات التي وُجهت إلى إدارة سلفه جو بايدن بشأن السماح بعدد تاريخي من المهاجرين بدخول البلاد.

قوانين قديمة بوجه جديد

في سبيل تنفيذ هذه السياسات، تستند إدارة ترامب إلى قوانين أمريكية تعود إلى قرون، منها قانون أعداء الأجانب لعام 1798، وقانون الهجرة والجنسية لعام 1958، وتطبقهما بطريقة "عدوانية"، وفق وصف تقرير "أكسيوس"، ومع ذلك، لا تزال النتائج غير متجانسة.

وعلى صعيد آخر، تتابع وزارة الخارجية الأمريكية بحسب ما كشفته "أكسيوس" أول مرة حسابات طلاب أجانب على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بسبب الاشتباه في دعمهم لحركة "حماس". ويجري بحث خطط لمنع بعض الجامعات الأمريكية من قبول طلاب أجانب إذا اعتُبرت متساهلة مع هؤلاء الذين يُنظر إليهم كمتعاطفين مع منظمات تصنّفها واشنطن إرهابية.

البرنامج لا يخلو من الانتقادات، فميشيل برانيه، المديرة التنفيذية السابقة لفريق لم شمل الأسر في إدارة بايدن، قالت إن الترحيل الذاتي "قد يكون خيارًا جيدًا من حيث المبدأ"، لكنها حذّرت من أن سياسة "الصدمة والرعب" التي تنتهجها إدارة ترامب لتطبيق القانون قد تُخيف الناس من استخدام التطبيق الحكومي أصلاً.

وأكدت برانيه: "إذا لم يتم إكراه الناس، وإذا تم إبلاغهم بشكل كامل، وإذا كان هذا خيارًا آمنًا يحفظ حقوقهم، فقد يكون البرنامج ناجحًا".

لكن حتى الآن، لم توضح الإدارة كيفية أو موعد السماح لمن تم ترحيلهم طواعية بالعودة مجددًا إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني، ما يثير شكوكًا واسعة بين نشطاء حقوق الإنسان ومؤسسات الدفاع عن المهاجرين.

نقد المدافعين عن حقوق المهاجرين

اعتبرت كيري تالبوت، المديرة التنفيذية لمؤسسة Immigration Hub، البرنامج "خدعة"، موضحة: "معظم من يُرحلون لن يُسمح لهم بالعودة إلى الولايات المتحدة. ليس لدى الإدارة السلطة لتغيير القوانين التي تمنع عودتهم".

وجاءت هذه الانتقادات في ظل تصاعد قضايا قانونية تتعلق بترحيلات مثيرة للجدل، أبرزها محاولة الإدارة ترحيل فنزويليين زُعم انتماؤهم إلى عصابة "ترين دي أراغوا"، إذ أُرسلوا إلى سجن سيء السمعة في السلفادور، رغم أمر قضائي بوقف الرحلة، ورفضت الإدارة الانصياع، مشيرة إلى أن "القاضي لا يملك صلاحية فوق المياه الدولية".

وفي تطور لاحق، علّقت المحكمة العليا الأمريكية يوم الجمعة استخدام قانون الأعداء الأجانب لترحيل المزيد من الفنزويليين إلى سجن السلفادور، كما تواجه الإدارة أوامر قضائية لإطلاق سراح مهاجرين آخرين رُحِّلوا بالخطأ، بينهم المواطن السلفادوري كيلمار أبريجو جارسيا.

وتشمل الترحيلات المثيرة للجدل أيضًا نشطاء مؤيدين لفلسطين، منهم محمود خليل ومحسن مداوي ورميسة أوزتورك، الذين أُبعدوا من الولايات المتحدة على خلفية مشاركتهم في مظاهرات. ووفق "أكسيوس"، لم يتبقَ في السجن منهم سوى الأول.

طريق العودة

رغم الانتقادات، يرى الرئيس ترامب ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أن مغادرة البلاد طواعية قد تشكل بابًا للعودة القانونية لاحقًا، إذا تم ذلك عبر القنوات الرسمية، وقال ترامب: "نريد إنشاء نظام يسمح للأشخاص العظماء بالمغادرة والعودة بشكل قانوني".

وجاء ذلك في سياق حملة إعلامية ضخمة أطلقتها وزارته بملايين الدولارات لترويج تطبيق CBP Home، وأكدت نويم وفق موقع "أكسيوس" في بيان رسمي: "إذا كنت هنا بشكل غير قانوني، فاستخدم تطبيق CBP Home للتحكم في مغادرتك والحصول على دعم مالي. وإلا، فستُعرض نفسك للغرامات، والاعتقال، والترحيل، ولن يُسمح لك بالعودة أبدًا. رحِّل نفسك الآن واحتفظ بفرصة عودتك القانونية والسليمة".