الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أشهروا الخط الأحمر في لاهاي.. تظاهر عشرات الآلاف بهولندا لوقف الحرب على غزة

  • مشاركة :
post-title
تظاهرة تاريخية في هولندا ضد الحرب على غزة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

وسط موجة من غضب شعبي، تحوّل قلب العاصمة الهولندية لاهاي إلى بحر بشري من المتظاهرين الذين ارتدوا اللون الأحمر، في تجسيد حيّ لما وصفه كثيرون بـ"الخط الأحمر" الذي لم يعد ممكنًا تجاهله، ففي مشهد لم تشهده البلاد منذ أكثر من عقدين، خرج أكثر من مئة ألف شخص من جميع الأعمار، رافعين أصواتهم ومطالبهم بوقف فوري للحرب الإسرائيلية في غزة.

وبينما كانت إسرائيل تمطر شمال القطاع بالقصف والدمار، كانت هولندا تشهد أكبر حراك جماهيري مناهض للعدوان، وضاغط على حكومتها التي تواجه أصلًا هشاشة سياسية متزايدة، وهو تحرك شعبي هائل يقرع أبواب السلطة في أمستردام ولاهاي على حد سواء.

مظاهرة تاريخية في لاهاي

شهدت العاصمة الهولندية لاهاي، الأحد، مظاهرة ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين ارتدوا ملابس حمراء، في تحرك شعبي غير مسبوق للضغط على الحكومة الهولندية؛ من أجل اتخاذ موقف أكثر صرامة لوقف الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.

ووصفت منظمات حقوقية وإنسانية، منها منظمة إنقاذ الطفولة وأطباء بلا حدود، هذا الحشد السلمي بأنه تجاوز عتبة مئة ألف مشارك، ما جعله أحد أكبر التحركات الجماهيرية في البلاد منذ أكثر من عشرين عامًا، وفق "أسوشيتد برس" الأمريكية.

وامتدت صفوف المتظاهرين عبر شوارع لاهاي، وضمت كبار السن، والشباب، والعائلات، وحتى أطفالًا رُضعًا، من بينهم الطفلة "ديدو" البالغة من العمر 12 أسبوعًا، التي حضرت المسيرة مع والديها، ورفع والداها لافتة كُتب عليها: "نأمل أن تكون هذه دعوة للاستيقاظ للحكومة".

واتجهت المُسيرة إلى قصر السلام، المقر الرسمي لمحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي كانت قد أصدرت في العام السابق قرارًا يطالب إسرائيل باتخاذ كافة التدابير لمنع ارتكاب إبادة جماعية أو جرائم حرب في غزة.

وفي الوقت نفسه، كانت القوات الإسرائيلية تشن عمليات برية وجوية عنيفة في شمال غزة، أسفرت عن استشهاد 103 أشخاص على الأقل، وفق إفادات المستشفيات والمسعفين، من بينهم عشرات الأطفال، وأُجبر المستشفى الرئيسي في شمال القطاع على إغلاق أبوابه نتيجة استمرار القصف.

قدر عدد المتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات بنحو 100 ألف شخص
مجاعة تلوح في الأفق

دخل الحصار الإسرائيلي على غزة، الذي يمنع إدخال الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية، شهره الثالث، وسط تحذيرات متكررة من خبراء الأمن الغذائي التابعين للأمم المتحدة بشأن مجاعة وشيكة تهدد سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.

وظهر ديفيد برينس، أحد المشاركين في المظاهرة، مرتديًا قلنسوة عليها رسم بطيخة تحمل ألوان العلم الفلسطيني، وقال وفق "أسوشيتد برس": "أنا هنا لأندّد بالفظائع، لا يمكننا أن نقف صامتين"، وأضاف أنه اختار الوقوف أمام الكنيس الذي اعتاد ارتياده في طفولته، مشيرًا إلى أهمية هذه اللحظة الرمزية في التعبير عن التضامن.

وسار المتظاهرون في دائرة بطول خمسة كيلومترات حول وسط مدينة لاهاي، في إشارة رمزية إلى "الخط الأحمر" الذي يرون أن الحكومة تجاوزته بصمتها إزاء الحرب، وفق موقع "أخبار هولندا".

انقسام حاد

وتعيش الحكومة الائتلافية الهولندية حالة من الانقسام الحاد بشأن السياسة الخارجية، لا سيما ما يتعلق بإسرائيل، ويُعد زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز من أبرز الداعمين لإسرائيل، بينما يترأس حزبه، "حزب الحرية"، التكتل الأكبر في البرلمان، رغم أنه لا يقود الحكومة.

ودعا وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، المنتمي إلى حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية(VVD)، في الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، معتبرًا أن "حظر إدخال المساعدات الإنسانية انتهاكٌ للقانون الدولي" إلا أن فيلدرز سارع إلى التنديد بهذه التصريحات، واصفًا إياها بأنها "إهانة لسياسة الحكومة".

بحسب موقع "Nieuws.nl" الهولندي، فإن فيلدكامب لم يُدلِ بأي تصريح علني بشأن المظاهرة، مكتفيًا عبر متحدث رسمي بالقول إن الحكومة "تواصل العمل علنًا وسرًا من أجل التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار وضمان الإفراج عن المحتجزين".

وأكد الوزير في تصريحات سابقة الجمعة أن "هولندا قلقة للغاية من التصعيد في غزة، وتدين الحصار الإسرائيلي، وتتخذ خطوات دبلوماسية حازمة"، في رسالة أُرسلت إلى الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس.

في نهاية المظاهرة، انتقد روب جيتن، زعيم حزبD66، مواقف فيلدرز، متهمًا إياه بـ"زرع الفرقة بلا معنى"، وقال: "كفّوا عن العبث، الشعب قال كلمته اليوم"، في إشارة إلى الحشد الذي طالب بوقف المعاناة الفلسطينية.

المتظاهرون ارتدى معظمهم ملابس حمراء
اتهامات متبادلة

من جانبه، وصف فيلدرز المتظاهرين على منصةX (تويتر سابقًا) بأنهم "فوضويون"، وقال إنهم "يناصرون حماس ويعادون إسرائيل"، مضيفًا: "أنا أرسم خطًا أحمر ضد الإرهاب، وضد تجويع المدنيين من قبل حماس، ومن أجل القضاء على البنية التحتية الإجرامية للعدو".

ورد جيتن قائلًا: "دائمًا يتحدث فيلدرز باسم الشعب، لكن الشعب اليوم رفضه، مئة ألف شخص قالوا لا للمعاناة اللاإنسانية".

أرقام صادمة

بحسب تقارير فلسطينية، فإن عدد الشهداء في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 تجاوز 53 ألفًا، بينما أُصيب أكثر من 120 ألف شخص، وفُقد الآلاف تحت الأنقاض، ويُفترض أنهم قُتلوا.

وبدأت إسرائيل في 2 مارس بمنع دخول جميع المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى القطاع المحاصر، ما دفع الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد إلى الإعلان عن السماح بدخول "مساعدات أساسية".

لكن وفقًا لمنظمة اليونيسف في هولندا، فإن هذا "غير كافٍ على الإطلاق"، وأكدت أن "أطفال غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة وليس فقط إلى الغذاء".

أما منظمة كير الهولندية، فقد صرّحت بأن الوضع "أخطر من أي وقت مضى"، وقال متحدث باسمها: "نحتاج إلى إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا على الأقل، وهذا يجب أن يحدث الآن، دون تأخير".