تنعقد القمة العربية الـ34 في العاصمة بغداد، في ظروف غاية التعقيد، وتحديات كبيرة تواجه دول المنطقة، في مقدمتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، والتي من المنتظر أن يمارس القادة العرب ضغوطًا لوضع نهاية للعدوان بشكل دائم، والشروع في إعادة إعمار القطاع بلا تهجير سكانه الفلسطينيين، تنفيذا للخطة المصرية المدعومة عربيًا ودوليًا.
وقال د. أشرف العشري، مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية" إن هناك رغبة من القادة العرب في هذه القمة، أن يكون هناك تعاطٍ عربي إيجابي، بتغيير المعادلة نحو حل بعض القضايا العاجلة والملحة، خاصة الأوضاع في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل تحقيق انتصارات في هذا المجال، بعد القمة العربية الأخيرة في القاهرة في 4 مارس، والخاصة بإعادة توصيف الأوضاع السياسية في قطاع غزة من خلال ما يعرف بخطة" إعادة إعمار غزة" وأن يكون بالفعل درجة من الحراك نحو وقف عمليات الإبادة والقتل والمذابح البشرية اليومية من قبل الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.
وأعرب العشري عن اعتقاده أنه سيتم استغلال المناخات الإيجابية لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لثلاث دول خليجية، للبناء عليها في خلق موقف عربي جيد يتعاطى مع الحراك خلال الأيام القادمة بعد القمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية ووقف الممارسات العدوانية، وفي نفس الوقت إمكانية البحث عن صيغة لإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية، وكذلك صيغة "اليوم التالي" في قطاع غزة، من خلال الاتفاق على شكل الحكم العربي والفلسطيني في القطاع، حتى لا تعطى فرصة لإسرائيل بإعادة احتلال القطاع، كما يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واليمين المتطرف في حكومته.
ولفت العشري إلى وجود درجة كبيرة من التفاهم هذه المرة، بعد زيارة ترامب على أن العالم العربي والقمة العربية سيكون لديها رؤية فيما يتعلق بزيادة الضغوط على الجانب الإسرائيلي من خلال العلاقات العربية الأمريكية الجديدة لإمكانية تغيير الصورة في قطاع غزة في المرحلة القادمة. وإمكانيات البحث في أفق سياسي بتنفيذ مقررات القمة العربية الأخيرة في القاهرة في 4 مارس، بشأن إعادة إعمار غزة، والدعوة والتمسك بعقد مؤتمر دولي في القاهرة في المرحلة القادمة. وقال إن القمة العربية في بغداد ستؤكد وتكرس مبدأ الإسراع بعقد الاجتماع الطارئ لإعادة إعمار غزة بالتوافق مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة خلال المرحلة القادمة.
ومن جهته، أكد د. أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الفلسطينيين يعلقون آمالًا على القمة العربية في بغداد، في تنفيذ قرارات القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة في 4 مارس الماضي، وأن تكون هذه القرارات تفضي إلى تنفيذ وقف الحرب على غزة، وإعادة بناء القطاع.
وقال الرقب في تصريحات لموقع" القاهرة الإخبارية" إن القمة العربية في بغداد تأتي في ظروف غاية في التعقيد، خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيكون قد أنهى جولته الخليجية، دون إعطاء رؤية حول وقف الحرب على غزة.
وأضاف: "يأمل الفلسطينيون وقف الحرب ثم فتح آفاق لقيام دولة فلسطينية تعيش بأمان في هذه المنطقة، خاصة أن العرب تبنوا منذ قمة بيروت عام 2002، المبادرة العربية للسلام، والتي يجب أن يتم العمل بجدية عليها".
وتابع: "إن جولة ترامب تنتهي في المنطقة، اليوم، دون الوصول إلى وقف الحرب على غزة، وهناك فقط محاولات من الجانب الأمريكي للوصول إلى الهدنة، ومن المحتمل أن نشهد هدنة خلال الساعات القادمة، ولكنها ليست وقفًا للحرب بشكل عام".
وقال إن "الفلسطينيين ينتظرون من القمة العربية بالعراق أن يتمكن العرب من ممارسة دور ضاغط لوقف عملية القتل الكبرى ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك الدور المهم في فتح آفاق أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، تعيش بأمان في هذه المنطقة".
يرى د. أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والسياسة، أن نجاح القمة الغربية في بغداد يرتبط بثلاثة أمور، الأول يرتبط بحجم الحضور ووزنه. والثاني، التأكيد على القرارات التي صدرت بالحد الأدنى بقمة فلسطين الطارئة بالقاهرة في 4 مارس. وثالثا، العمل على تنفيذ القرارات بأقصى سرعة، إذ لا يمكن أن تكون القمة ناجحة لطالما أن قراراتها لم تجد طريقها للتنفيذ.
وقال شعث في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن الشعب الفلسطيني وقيادته وفعالياته الوطنية يثق كليًا بمصر، ودورها وسياستها الشريفة بالقضية الفلسطينية.
وأضاف: "مصر هي صاحبة الريادة والفضل في الحفاظ الحقيقي على الهوية الوطنية الفلسطينية وهي صاحبة الريادة والإرهاصات الأولى لدعم الشعب الفلسطيني في نضاله الوطني بكل الأشكال والمستويات يدًا بيد وجنبًا إلى جنب وكتفًا بكتف.. ومازالت مصر تتصدر المشهد السياسي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني بالاستقلال.. وصموده ورفض كل مخططات للتهجير أو المساومة على حقوقه.. هذا يعني انها سياسة حكيمة وشريفة وأمينة على ثوابت القضية الفلسطينية".
وهناك قضية أخرى سيحقق فيها القادة العرب كثير من الانتصارات، وفق د. أشرف العشري، وهى التعاطي مع تفاصيل المشهد في سوريا بعد قرار ترامب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، وتطبيع العلاقات الأمريكية مع أحمد الشرع.
وبالإضافة إلى القضية الفلسطينية، أعرب العشري عن اعتقاده أن النجاح الذي تحقق لسوريا في الرياض وفي دول الخليج خلال زيارة ترامب سيتم البناء عليه في انفتاح عربي على إمكانية المساهمة في عقد مؤتمر اقتصادي عربي لدعم سوريا في المرحلة القادمة في هذا الشأن.
وقال: "ربما يكون سوريا والانغماس العربي في الأزمة السورية، أحد القضايا الرئيسية في المرحلة القادمة، لحل الأزمة السورية، وأيضًا بالإسراع بعودة سوريا بعد التراجع التي شهدته في عهد بشار الأسد".
وأضاف العشري: "سيكون هناك موقف عربي بارز في القضايا الخاصة بليبيا، وأيضًا فيما يتعلق باليمن" مشيرًا إلى أنه من المرتقب خلال الأيام المقبلة، أن يكون هناك بالفعل كما قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، إمكانية لتشكيل لجنة عربية من العراق والبحرين والأمين العام للجامعة العربية، ومن يريد من عواصم عربية بحل الخلافات العربية العربية في المرحلة القادمة، و"هذا مؤشر جيد وإيجابي على حراك عربي جيد يتعاطى مع التحديات العربية، ورغبة عربية خالصة في حل المشاكل العربية برؤية عربية عربية بعيدًا عن التدخلات الخارجية والإقليمية".