الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

طرد دبلوماسيين متبادل.. عودة علاقات الجزائر وفرنسا إلى "المربع صفر"

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيس الجزائري تبون

القاهرة الإخبارية - نادر عيسى

تصاعدت حدة التوتر بين فرنسا والجزائر مجددًا، بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، الأربعاء 14 مايو، عن قرارها طرد عدد من الدبلوماسيين الجزائريين، ردًا على خطوة جزائرية مماثلة، وصفتها باريس بأنها "غير مبررة وغير مفهومة".

وجاء القرار عقب استدعاء القائم بالأعمال الجزائري في باريس، حيث أبلغته الخارجية الفرنسية بأنها ستقوم بترحيل جزائريين يحملون جوازات سفر دبلوماسية لا يحملون تأشيرات، مؤكدة في بيان رسمي أنها "تحتفظ بحق اتخاذ إجراءات إضافية حسب تطورات الوضع".

مغلقة تمامًا

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في تصريحات لمحطة "بي إف إم تي في" إن الرد الفرنسي "فوري وحازم ومتناسب"، مضيفًا أن الأشخاص المعنيين بالطرد يعملون في مهام مؤقتة، دون أن يحدد عددهم.

التوتر المتصاعد جاء بعد أسابيع قليلة من زيارة رسمية لوزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، شهدت خلالها العلاقات تحسنًا طفيفًا، قبل أن تعود الأزمة إلى الواجهة مع تبادل عمليات الطرد الدبلوماسي.

وفي تصريح لقناة "بي إف إم تي في" قال "بارو" إن العلاقات بين البلدين "مغلقة تمامًا".

كانت الجزائر قررت منتصف أبريل الماضي طرد 12 موظفًا فرنسيًا يعملون في وزارة الداخلية، بدعوى الرد على توقيف موظف قنصلي جزائري في باريس على خلفية تحقيقات في قضية أخرى.

في المقابل، ردت باريس بإجراءات مماثلة، شملت طرد 12 موظفًا جزائريًا من بعثتها القنصلية، واستدعت سفيرها في الجزائر للتشاور، لتشتعل أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين.

العلاقات الفرنسية الجزائرية لطالما اتسمت بالشد والجذب، بسبب ملفات تاريخية شائكة، أبرزها إرث الاستعمار الفرنسي للجزائر، الذي ما زال يلقي بظلاله على التعاون الثنائي.

يأتي هذا التصعيد بعد عام من التوتر، شهد اعتراف باريس بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، في خطوة أغضبت الجزائر التي تدعم "جبهة البوليساريو". وتفاقمت الأزمة باعتقال الجزائر الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، بسبب مواقفه المؤيدة للمغرب.

كان البلدان سعيا في مارس الماضي إلى إعادة إطلاق العلاقات، بعد اتصال هاتفي بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعقبه زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر، لكن التطورات على الساحة أعادت الأمور إلى نقطة الصفر.

وفي مشهد رمزي، أحيا أكثر من 10 نواب فرنسيين من التيار اليساري، في العاشر من مايو الجاري، الذكرى الـ80 لمجازر 8 مايو 1945 بمدينة سطيف، التي قُمعت خلالها القوات الفرنسية المحتلة مظاهرات جزائرية طالبت بالاستقلال. وتقدّر الجزائر عدد الضحايا حينها بنحو 45 ألف قتيل، بينما تقدرهم باريس بنحو 20 ألفًا.

وفي ظل هذا المناخ المحتقن، تظل العلاقات الفرنسية الجزائرية عرضة للتقلبات، مع بقاء ملفات الهجرة، التعاون الأمني، والتاريخ الاستعماري عوائق مستمرة أمام تطبيع مستدام بين البلدين.

العلاقات الاقتصادية

رغم التوترات السياسية المتكررة، تحتفظ العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والجزائر بأهمية استراتيجية للطرفين، إلا أن هذه الخلافات الدبلوماسية تلقي بظلالها السلبية على التعاون الاقتصادي بين البلدين. تُعد فرنسا من أكبر الشركاء التجاريين للجزائر، خاصة في قطاعات الطاقة، الصناعات التحويلية، والأدوية، كما تستثمر العديد من الشركات الفرنسية الكبرى مثل "توتال إنرجي" و"رينو" و"سانوفي" في السوق الجزائرية. في المقابل، تعتمد فرنسا بشكل جزئي على الغاز الجزائري كمصدر بديل بعد تراجع الإمدادات الروسية.

لكن التوتر الدبلوماسي الراهن، خاصة بعد تبادل طرد الدبلوماسيين، يهدد بتجميد مشاريع استثمارية مشتركة وتأجيل اتفاقات تجارية كانت قيد التفاوض. كما أنه يخلق حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين الفرنسيين، ويدفع الجزائر إلى تنويع شركائها الاقتصاديين، لا سيما بالتقارب مع الصين.